في تربيتنا لأبنائنا نقع بأخطاء تربوية قاتلة ومؤثرة على المدى البعيد في شخصية الطفل، ومن هذا الاخطاء هيمنة العاطفة على قرارتنا في تعاملاتنا معهم، فننجر للخضوع لرغباتهم ومن ثمّ نبدي موافقتنا على جميع طلباتهم وتنفيذها مما يجعلهم يعتادون على ان يصدروا لنا قرارات نسرع الى تنفيذها، والاثنين دونما تمييز (الاب، الام) يمارسون هذا الخطأ لكن بنسب متفاوتة.
الطفل في كنف والديه يشعر بأن الحياة ملعباً كبيراً للمغامرة وممارسة كل ما يحلو له من دون منع او تضييق، وهو بذلك لا يقبل سماع كلمات النهي والتوجيه مهما كان حجم الخطأ السلوكي الذي يقوم به، مما يضطر الابوين احياناً الى ايقاف بعض السلوكيات بالقسوة، حتى في بعض المواقف التي لا تحتاج الى التعنّت والرفض المطلق، لكن تمادي الاطفال هو من يوصل الابوين الى هذه النتيجة التي هي الاخرى ليست سليمة.
⭐ الطفل في كنف والديه يشعر بأن الحياة ملعباً كبيراً للمغامرة وممارسة كل ما يحلو له من دون منع او تضييق، وهو بذلك لا يقبل سماع كلمات النهي والتوجيه مهما كان حجم الخطأ السلوكي الذي يقوم به
التربية عموما لن تستقيم دون الموازنة بين الضوء الاخضر للسليم وتعزيزه ليستمر ويتطور، ومن ثمّ يصبح اسلوب حياة، ثم ايقاف النشاز من السلوكيات وتقويمها، والايقاف للطفل عادة مايتم عبر كلمة “لا”، التي يجب توظيفها في مكانها الصحيح وفي اوقات الضرورة كالدواء حتى لا يفقد فاعليته، وتصبح مثل سائر الكلمات التي يسمعها ولا يعير لها اهمية، فمتى نقول: “لا”؟ وما هي الآثار التي تنتج من عدم قدرتنا على قولها على الطفل؟
علينا نحن الآباء والمربين بصورة عامة ان نتعلم قول “لا”، ولا نتردد في ذلك لكي ينشأ طفلنا سوياً وقوياً، ومن ثم علينا أن نعي أنه لا يستطيع الطفل الحصول على كل ما يريد، وقتما يريد، ودونما ضوابط أو قيود، كما أن حرف النهي سيعلم الطفل أنه حينما يطلب شيئا فإن الأمر يتوقع أحد احتمالين؛ الرفض والقبول، فلا يصطدم بالواقع في يوم من الأيام.
- متى نقول لا؟
ثمة مواطن ينبغي ان لا نتماهل او نتردد في الرفض فيها تجنباً للنتائج المترتبة على عدم التعامل بحزم مع الموقف ومن هذه المواطن:
1- قولوا لا حين يطلب الطفل ما يؤذي غيره جسدياً كالأسلحة والالعاب التي من الممكن التي تسبب اذى جسدي للآخرين، وهذا ما نراه في العطل الرسمية، وفترات الاعياد لاسيما في العراق، كما يجب رفض شراء او السماح بشراء الامور التي من الممكن ان تؤذي القرين نفسياً، وهي المتطلبات مرتفعة الاثمان كشراء هاتف نقّال، بمليون دينار عراقي –مثلاً- في الوقت الذي يصعب على زملائه توفير أجرة الذهاب الى المدرسة او شراء ملابس او غيرها من الحاجيات الاساسية، فقد يطلب الطفل بعض الاشياء ليؤذي بها الاخرين من باب التفاخر، وهنا يجب أن لا نوافق على هذا، وعلينا أن نفكر بحكمة لمنع هذا الطفل من إيذاء من حوله ومنعه من أن تتحول شخصيته الى شخصية عدوانية متباهية.
2- أفضل ما نقدمه لأطفالنا؛ تعليمهم بناء شخصياتهم بصورة مستقلة وذات كيان، فإذا اعتاد على تقليد أصدقائه وأقربائه منذ الصغر، لن تكون له شخصية و رأي نابع من ذاته، وسيبحث دائماً عن شخص يحاكيه، فإذا وجد الابوين ان طفلهما يقلد أحداً ما، هنا يجب أن يقولا له: “لا”، ويراقبانه للتأكد من أنه لا يقوم بمحاكاته مرة أخرى حتى يتوقف عما يحاول القيام به.
3- قولوا “لا” حين يحاول الطفل القيام بأدوار اجتماعية أو أسرية لا تناسب عمره، مثل؛ التحكم بإخوانه الذين يصغرونه سناً، او محاولة التصرف وكأنه المتحكم في شؤون البيت، مع وجود أبويه، هنا تأتي الـ “لا” بمثابة الفرامل التي تمنع السيارة من الخروج عن الجادة، ثم من الممكن ان تقتل من فيها او من هو بالقرب منها.
⭐ أفضل ما نقدمه لأطفالنا؛ تعليمهم بناء شخصياتهم بصورة مستقلة وذات كيان، فإذا اعتاد على تقليد أصدقائه وأقربائه منذ الصغر، لن تكون له شخصية و رأي نابع من ذاته، وسيبحث دائماً عن شخص يحاكيه
4- لابد من قول “لا” في الفترات التي نعاقب فيها اطفالنا لسلوكية خاطئة ارتكبها، فيجب ان نشعره بخطأه ومما يجب القيام به، والامتناع عن تلبية رغباته خلال فترة العقاب، أما العكس فلن يشعره بما قام به من خطأ، ومن ثمّ سيكرر السلوك مراراً دون الاكتراث لكونه لم يردع.
قولوا “لا” للطفل حين يتباهى الطفل بمكانة أهله المادية او الاجتماعية والعلمية، لكون هذه النظرة تجعل الطفل متكبراً، وهو ما يؤثر في علاقته بمجتمعه، من ثم سيؤثر سلباً على التكيّف المجتمعي للانسان، في هذه المواقف وغيرها، يجب ان نمتلك الشجاعة في قول “لا”، و إلا فالنتيجة لا يحمد عقباها.