تتضمن حياة السيدة زينب، عليها السلام، محاور ثلاث:
الأولى: أحاديث الرسول، صلى الله عليه وآله، في وليدتهم المباركة.
الثانية: زينب، عليها السلام، شريكة الإمام الحسين، عليه السلام، في نهضته العملاقة.
الثالثة: السيدة زينب شكلت خطراً كبيراً على كل عرش مثل عرش يزيد.
ولدت السيدة زينب، عليها السلام في الخامس من شهر جمادي الأولى من السنة السادسة من الهجرة، وكانت المولود الثالث لأمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، والسيدة الزهراء، عليهما السلام، وقد اجمعت المصادر التاريخية على أن ولادتها كانت في حياة جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله، فاغدق عليها من عطفه وحنانه وكان عمرها حين وفاته خمس سنوات.
- المحور الأول: أحاديث الرسول الأعظم في وليدتهم المباركة
عندما وضعت السيدة فاطمة الزهراء، ابنتها زينب، عليهما السلام، عمَّ الابتهاج والسرور البيت النبوي وأجرى الإمام علي والزهراء، عليهما السلام، على وليدتهم المراسيم الشرعية، فأذن الإمام في اذنها اليمنى، واقام في اليسرى، وسماها الرسول، صلى الله عليه وآله، باسمها المبارك وضمها إلى صدره وقبلها فيما بين عينيها، واغدق عليها من عطفه وحنانه، كما كان يفعل مع اخويها الحسن والحسين عليهما السلام.
⭐ عاشت السيدة زينب، عليها السلام خمس سنوات بعد ولادتها في احضانه الشريفة وكم مرة كانت تتسلق على أكتاف جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله
وقد بكى رسول الله صلى الله عليه وآله، عند ولادتها حتى سالت دموعه على خديه، فسألته الزهراء، عليها السلام، عن بكائه، وقالت: مايبكيك يا ابتي لا أبكى الله لك عينا. فاجابها: يافاطمة اعلمي إن هذه البنت بعدي وبعدك سوف تنصب عليها الرزايا والمصاىب.
واخبر الزهراء، عليها السلام، بما يجري عليها، وقال: من بكى على مصابها كان كمن بكى على مصاب اخويها الحسن والحسين”.
ثم ضمها الرسول، صلى الله عليه وآله، وأخذ يقبلها ثم قال: اوصيكم بها فهي شبيهة خديجة الكبرى، عليها السلام”.
وذكر رسول الله، صلى الله عليه وآله، لسلمان الفارسي جانبا من أخبار كربلاء ويوم عاشوراء وسبي هذه السيدة.
عاشت السيدة زينب، عليها السلام خمس سنوات بعد ولادتها في احضانه الشريفة وكم مرة كانت تتسلق على أكتاف جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله، وكان رسول الله، يغمرها بعواطفه ويشملها بحنانه مع اخوتها الحسن والحسين، عليهما السلام.
وهكذا نشأت العقيلة زينب، عليها السلام، في بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل وأساس كل فضيلة، وتربت في بيت الوحي فاعطت امثولة ليس لها مثيل في بيت النبوة الذي كان المربى الأول فيه هو قائد الأمة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله.
السيدة زينب، عليها السلام، جمعت بين جمال الطلعة وجمال المحتوى حتى أنها اشتهرت في بيت النبوة ولقبت صاحبة الشورى، وكفاها فخرا انها من فرع شجرة اهل بيت النبوة الذين مدحهم الله في كتابه العزيز، إذ قال ـ تعالى ـ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}
- السيدة زينب شريكة اخيها الإمام الحسين في نهضته العملاقة
إذا كانت السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، تحفة الانسانية، هذا الوجود المبارك للسيدة فاطمة الزهراء، ولكن ما أظهره رجال قريش وحكامها الاوائل من معاملة جاهلية لسيدة النساء، لأنهم ينظرون إليها بنفس المنظار والنظرة التي كانوا يرون فيها وازواجهم وبناتهم.
الحقيقة ان فاطمة الزهراء، عليها السلام، بها تقاس النساء، ولاتقاس هي بهن، فهي تحفة ربانية، وهبها الله ـ سبحانه وتعالى ـ واهداها لبنات جنسها الضعيفات الجميلات، لابغاية الغواية والفتنة لبنى آدم، فكم تحتاج بناتنا ونسائنا وبيوتنا للثقافة الفاطمية.
نحن أتباع أئمة اهل البيت، عليهم السلام، وشرفنا وفخرنا يميزنا عن غيرنا اننا نقتدي بالسيرة العطرة للسيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، وبضعتها الغالية المجاهدة الأولى في هذه الحياة، بطلة كربلاء وشريكة الإمام الحسين، عليها السلام، في نهضته العملاقة.
السيدة زينب الكبرى، عليها السلام، تلك البنت التي ضربت أمثلة لا تنتهي للنساء والبنات في كل الساحات، فهي عندما كانت في بيت ابيها، او انتقلت الى بيت زوجها، لم يُرَ خيالها، ولم يسمع صوتها انسان قط، ولكن عندما حتمت عليها الظروف ان تخرج مع أخيها لنصرة دين الله، كانت، عليها السلام، لبوة حيدرية، وصوتاً فاطميا، اعاد الطغاة اقزاماً أمامها وهي أسيرة سبية ترفل في القيود، وفعلت كما فعلت أمها في خطبتها الفدكية التي قزّمت كل الرجال ممن يسمونه الصحابة، من السلطة وغيرها، بقوة منطقها، وسلامة حجتها، وعمق إيمانا، وتمسكه بحقها المغتصب حتى آخر لحظة من حياتها لشريفة.
- السيدة زينب عليها السلام شكلت خطراً كبيراً على كل عرش مثل عرش يزيد
فالسيدة زينب، عليها السلام، وأم كلثوم وأم البنين والرباب ورملة، وبنت الهدى، وكثير غيرهن كلهن تربين في المدرسة الفاطمية على العفة التي أرادها الله ـ تعالى ـ للمرأة منذ أن خلقها.
فذاك العدو الذي يسمونه مستشرقاً كتب مقالا عن السيدة زينب، عليها السلام، وهو إدوارد مونتاغيوا، ونشره في الصحف البريطانية في أعقاب الحرب العالمية الثانية يقول: “فيه لقد فتشنا في كتب العرب التاريخية كابن الأثير في الكامل، والمسعودي في المروج، وغيرهم من فحول المؤرخين فعثرنا على خطبة للسيدة زينب، ومن فقراتها: “فكد كيك واسع سعيك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا وهل رايك الا فند وايامك الا عدد وجمعك الا بدد ولن تدرك أمدنا”. حقيقة نعترف ـ والكلام لإدوراد ـ فيما بيننا أن هذه المرأة تشكل خطراً كبيراً يهدد ليس فقط عرش يزيد بل كل عرش مثل عرش يزيد”.
⭐ السيدة زينب، عليها السلام، جمعت بين جمال الطلعة وجمال المحتوى حتى أنها اشتهرت في بيت النبوة ولقبت صاحبة الشورى
نعم؛ الأعداء يخافون من السيدة زينب، عليها السلام، ولا يخافون من اخيها سيد الشهداء الإمام الحسين، عليها السلام، ولا حتى من ابيها أمير المؤمنين، عليه السلام، وسيفه ذو الفقار، لأنهم يعرفون أن المرأة اساس المجتمع وهي التي تربّي الرجال الأبطال في حجرها وفي بيتها، ولذا قال نابليون القائد الفرنسي مقولته الشهيرة: “ان المرأة التي تهز المهد بيمينها، تهز العالم بشمالها”، وقال حكيم اغريقي: “ابتسامة المرأة تبني حضارة”، ولكن بشرط أن تكون في المحل الذي اختارها الله لها كفاطمة الزهراء، عليها السلام، التي كانت تزهر لأمير المؤمنين، عليها السلام، ثلاث مرات في اليوم، وتربّي أبناءها على القيم والفضائل وآيات السماء كما يروي عنها ولدها الإمام الحسن، عليها السلام.
اثبتت السيدة زينب، عليها السلام، في مجالس المنافقين وأبناء السقيفة الطلقاء انها المرأة التي يمكنها ان تتحدى إمبراطورية أمية، فعلى النساء، أن ينظرن إلى فخر المخدرات وعفتها وشجاعتها، وترك الجهل والتمدن الحديث، واتباع الشيطان وآل شهوات، لقد كرم الله ـ تعالى ـ النساء مرة أخرى، فجعل بعد سيدة نساء العالمين السيدة زينب، عليها السلام. لقد أرادت الحكمة الإلهية إلى أن تكون إلى جانب رجل عظيم كالحسين، عليها السلام، امرأة عظيمة كزينب، عليها السلام، لتؤدي دورها الاعلامي لنشر الثورة الحسينية”.