- المؤلف الدكتور راشد الراشد
- مقدمة وتعريف
ثقافة عاشوراء: قراءة في قضايا الفكر ومجموعة القيم وخمسون درساً من الملحمة التاريخية والإنسانية الكبرى ويليه دراسة حول المآتم الحسينية
الكاتب: الدكتور راشد الراشد
طباعة دار المحجة البيضاء بيروت – لبنان – 1444 ه 2022م ط أولى.
عدد الصفحات: 336.
- تقديم ثقافي
الهم الثقافي؛ هو همُّ المثقف الرسالي الملتزم بقاضا الأمة وحركتها الرسالية، ولذا ترى أهل القلم والفكر الملتزم بقيم الرسالة يحرصون على أن يكون لهم كلمة مسموعة من خلال اللقاءات والمحاضرات الجماهيرية، ومرئية من خلال المحطات الفضائية ووسائل التواصل المختلفة، ومقروءة في عصر قلَّ فيه القراء للأسف الشديد، حيث استهلكت الجميع الشاشات الصغيرة والكبيرة وصارت الثقافة العامة هي ثقافة الصورة والكلمة السريعة، والأفكار تبذر من المثقفين كفلاحين محترفين للبذار المفيد في الأرض الصالحة، فيبذرون في مواسم البذار حتى لا يسبقهم غيرهم ويبذر في أرض الشباب المؤمن بذاره الفاسد والمفسد للأخلاق، والأذواق، والقيم.
- أهمية الثقافة للمجتمع
والثقافة هي الصورة التي تعكس قيم ومبادئ وأخلاق المجتمعات وتميِّزها بعضها عن بعض، والآخرين ينظرون إليه ويصنفونه من خلالها، فيُقال: مجتمع إسلامي ملتزم، ومجتمع غربي منفلت، ومجتمع آخر ملحد، وهكذا، وما يميِّز مجتمعاتنا الإسلامية عامة والإيمانية خاصة هي الإلتزام بالمظاهر الثقافية النابعة من الدِّين والفكر والأخلاق والقيم الإسلامية والإيمانية.
- ثقافة عاشوراء
هذا العنوان الجميل لهذا الكتاب الثقافي والفكري الرسالي الذي جاد به مؤمن عُرف بإيمانه وإخلاصه لدينه وعقيدته، ومثقف، وعاشورائي قولاً وعملاً وصاحب (رسالة الأربعين) المعروفة والتي يصدرها في كل موسم ويطبعها ويوزعها في أيام الأربعين على زوار المولى أبي عبد الله الحسين، عليه السلام.
فهذا البحث الجميل نابع من أفكار وقلم مثقف رسالي ملتزم إلى أبعد الحدود بقضايا الأمة الاستراتيجية وتطلعات الشباب فيها إلى مستقبلهم الزاهر بإذن الله ـ تعالى ـ، فأبت رساليته وحماسته الحسينية وثقافته العاشورائية لهذا الموسم المميز لهذا العام إلا أن يصدر هذا الكتاب الجميل ويفاجئنا به فعلاً، فأنا شخصياً – رغم قربي وحبي لجنابه لم يكن لي علم بهذا البحث الثقافي ولم نتناقش فيه من قبل إلا بالعموميات وطرح الأفكار – تفاجأت بهذا الكتاب وهذا الطرح الثقافي الجميل والرسالي الملتزم بقيم عاشوراء الخالدة.
⭐ الثقافة هي الصورة التي تعكس قيم ومبادئ وأخلاق المجتمعات وتميِّزها بعضها عن بعض
فالكتاب ينبع من همٍّ فكري ومعالجات ثقافية لقضايا الأمة الإسلامية يستفيدها جناب الدكتور الباحث من خلال عاشوراء الملحمة الخالدة والفداء العظيم لقيم الرسالة الإسلامية التي تحتاج منا المزيد من العطاء قولاً وعملاً فكراً وممارسة حياتية واقعية لننهض بثقافة مجتمعاتنا ونجعلها أقرب إلى مفاهيم وقيم عاشوراء ومبادء كربلاء حيث الإمام الحسين، عليه السلام، وإخوته وأبنائه وأصحابه أرسوا منهجاً فكرياً وثقافة حضارية راقية جداً إن أحسنا قراءتها ثم ترجمتها على أرض الواقع في حياتنا الفردية والأسرية والاجتماعية ثم نعكسها على الحضارة والإنسانية كلها وتلك هي رسالة هذا الكتاب الجديد ورؤية هذا المثقف المفكر الرسالي في كتابه هذا.
- فصول الكتاب
في المثل قالوا قديماً: الكتاب “يعرف من عنوانه”، وإذا أردنا أن نعرف مضمون هذا الكتاب الجميل وهذا الطرح الثقافي المعاصر ما علينا إلا أن نستعرض عناوين فصوله التي جعلها الدكتور في أربعة عشر فصلاً ربماً تبركاً بأصحاب هذا العدد المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) ونِعم ما فعل، فعناوين الفصول هي:
- لماذا ثقافة عاشورء؟
- قضية عاشوراء ثقافة للإصلاح السياسي ومنهج لبناء الأمة.
- القيادة الصالحة الطريق الوحيد لحصانة المجتمع وصيانة المقدرات.
- عاشوراء وفلسفة الإصلاح وفكر التغيير.
- الرسالة الكبرى لقضية عاشوراء.
- كونوا مع الصادقين.
- قضية عاشوراء وقضية الهروب الكبير من الذل إلى مسيرة العزة والكرامة.
- عاشوراء وثقافة حماية مقدسات الأمة.
- المنبر صوت وفكر وثقافة عاشوراء.
- الحق هو المرجعية العليا.
- الإمام الحسين (ع) بين رمزيته الحقيقية والصورة المزيفة له.
- نحن وعاشوراء.
- ثقافة عاشوراء للمرأة المؤمنة.
- بعض من دروس عاشوراء الكبرى.
هذه هي فصول القسم الأول من الكتاب الجميل الذي تلمح فيه من خلال عناوينه – عزيزي القارئ الكريم – ما يريد أن يطرحه ويقوله جناب الدكتور راشد الذي كتب إهداء جميلاً لكتابه يناجي به صاحب النهضة العظيمة والثورة الكريمة سيد الشهداء، وعظيم العظماء الإمام الحسين، عليه السلام، معلِّم الإنسانية طريق العزة والكرامة والشموخ والإباء وكل معاني العفة والفضيلة والشرف والكرامة، والسائرين على نهجه ومسيرته المباركة.
ثم يكتب في مقدمته قائلاً: “ما أحوج حضارتنا الإنسانية اليوم إلى نبض عاشوراء الذي يتدفق حيوياً ويزداد تألقاً كلما مرت البشرية بالمدلهمات من الحوادث وكلما عصفت بالمجتمعات البشرية أمواج الشر والفتن الفتاكة التي تذهب بريق وصفاء ما أراده الخالق لها، لتستلهم منها الرؤية والبصيرة وتتزود منها بما يعينها في تحدي الباطل فالفساد والإنحراف في الأمة وبما يمدها من عزيمة وقوة في المواجهة وحرب الدفاع عن الشرف والكرامة.
⭐ الحقيقة الناصعة هي أن عاشوراء وما تمثله من زخم فكري وعقائدي ومعنوي هائل سوف تبقى على مدى الأزمان صرخة الوعي الحاضرة والمعبرة والمؤثرة في قلوب وعقول الإنسانية
إننا بحاجة إلى التمسك بكل قيم الخير والفضيلة والعزة والكرامة بعيداً عن ثقافة الشعور بالضعف والخنوع لقوى الشر والظلم والهيمنة وما تضخه من ثقافة الشعور بالضعف والعجز في عقل وقلب الأمة ومن ثم النهوض به حيث التفوق والرِّيادة في شتى ميادين الحياة.
ثم يستطرد جناب الدكتور ويقول: “إن البشرية في عصرنا تعيش في أحلك ظروف الشقاء حيث ينتشر الدمار والبؤس وكل معالم التخلف والانحطاط في معظم أنحاء العالم، حيث يتصدر التافهون المشهد في قيادة حضارتنا الإنسانية ويراد لقيم مثل الإلحاد والمثلية أن تتصدر في مدنيتنا البائسة، التي ضاعت فيها قيم السماء.
وإننا لمواجهة هذا الإنحطاط الشامل لا بد من مشروع بمستوى وحجم عاشوراء يساعدنا على الحركة وتحمل المسؤولية والعمل على صياغة الوعي لدى الناس من خلال العودة إلى ثقافة عاشوراء والانفتاح الواعي والرشد على كل معطياتها، كما أن عاشوراء وحدها قادرة على تزويدنا بما نحتاجه من طاقة وقدرة وإرادة لمواجهة الظلم والفساد والانحراف في الأمة، وتزودنا كذلك بما نحتاجه من إرادة وقدرة على تحمل مسؤولية الدفاع عن الكرامة وحماية الدِّين والمقدسات والأوطان ضد أولئك الطامعين في مواردنا والتحكم بمقدراتنا بمنطق القوة وفرض الأمر الواقع.
ليخلص جناب الدكتور إلى النتيجة قائلاً: “والحقيقة الناصعة هي أن عاشوراء وما تمثله من زخم فكري وعقائدي ومعنوي هائل سوف تبقى على مدى الأزمان صرخة الوعي الحاضرة والمعبرة والمؤثرة في قلوب وعقول الإنسانية، لأنها ثمثل المشروع الإلهي في الاستخلاف في الأرض وما يتضمنه من قيم أخلاقية سامية ورفيعة، أما الباطل وفقاعاته الزائفة والمتخفِّية والمتلبِّسة فلن تجد لها مكاناً في تدمير المجتمع وتزييف إرادته، لأن وعي الأمة أصبح متقدماً ووصل إلى حالة من النضج والرشد بما لا تستطيع ألاعيب الطغاة والأنظمة الفاسدة والظالمة من أن تنال من كرامة الأمة في شيء وطالما تعلمت من عاشوراء الحسين (ع) الملهمة واقتفت آثارها الرسالة العظيمة، وشكلت فكراً وثقافة ورؤية ومهجاً في معترك الحياة.. ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب”.
فالفكرة كانت نتيجة قلق فكري ومعرفي كان يعتلج في فكر وقلب أستاذنا الدكتور راشد وهو يرى بأم العين وهو الرجل المثقف والمتصدي لقضايا فكرية وسياسية منذ عدة عقود وله باعاً طويلاً وعملاً عريضاً في الحقول الثقافية والفكرية والسياسية ويقرأ الواقع المتأزم في الأمة حيث ينهشها الناهشون من كل أطرافها ويحاول أن ينال منها الأعداء بكل وسيلة، وأكثر ما يمض القلب ويدمي الفؤاد هو ارتماؤها في أحضان أعدائها الذين ينتظرون وصولها إلى المقصلة والمذبح حتى يذبحونها في عيد الغفران ويشربون من دمائها كؤوساً ويصنعون خبز عيدهم (فطيرهم) من دمائها كما اعتادوا منذ آلاف السنين.
فالكتاب جاء صرخة ألم وأمل يبعثها جناب الدكتور ليوقظ بها الأمة وأجيالها الشابة خاصة ليقول لهم: إن الخلاص بالإخلاص بانتمائكم لدينكم وتمسككم بعقيدتكم وتسلحكم بعاشوراء القيم والفضائل لتعيدكم إلى عزتكم وشرفكم وكرامتكم التي يحاول الطغاة أن يدوسوها بأحذية الأعداء فدوسوا عليهم جميعاً بأحذية عاشوراء.وأخيراً: نضم صوتنا إلى صوت الدكتور، في صرخته الفكرية والثقافية، وندعو شباب الأمة للتسلح بعاشوراء وقيمها، والاقتداء بالإمام الحسين، عليه السلام، فهو نعم القائد للمسيرة الإنسانية في عصر الحضارة الرقمية، وكل الشكر والتقدير والمحبة لجناب دكتورنا المثقف، وأخونا الفاضل على كتابه الجميل هذا.