ثقافة رسالية

نهج البلاغة والحياة (14) ماذا يعيقنا عن استثمار الفرص؟*

يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “والفرصة تمر مر السحاب”.

ينقل احدهم: اصبحت استاذاً في الجامعة بلا استحقاق؛ إلا أن فرصة جاءتني فقبلتها واصبحت استاذا في الجامعة. يقول هذا الاستاذ: كنت اتحدث عن موضوع اعرفه عن الادب العربي والآداب الأخرى (الأدب المقارن)، وكان فهمي محدوداً بهذا الموضوع، فليستُ بمستوى استاذ في الجامعة.

📌الحياء بمعنى الخجل من الناس ليس مطلوبا

وحينما تأسست الجامعة في بلادي ارسلوا لي طلبا بأن اصبح استاذاً في الأدب المقارن، يضيف الاستاذ: أخذتُ الرسالة، واغلقتُ على نفسي الباب، وبدأتُ أتحدث مع نفسي، وترددتُ في قبول الأمر، و راودتني افكار متناقضة طوال الليل؛ هل أقبل أم أرفض، فقررت ان اقبل طلب الجامعة، فإن فشلت، يكون قد اقدمتُ وفشلتُ. فذهبت الى شراء بعض الكتب في الاختصاص المطلوب وطالعتها، وحضّرت دورساً والقيتها، فأصبحتُ استاذا في الجامعة!

الفرصة تأتي، ولكن بعض الافراد يطرد الفرصة بيديه ورجليه، فكلما تقدم إليه مسؤولية يرفضها، او في المسؤولية التي هو فيها لا يؤدها بالشكل المطلوب، فلا يرتفع، ولا يرفعه المسؤلون عنه، وبالتالي يضيّع الفرص على نفسه.

إذا كان الواحد يسأل: أين الفرصة لاستغلها؟

 فإن الجواب: ان الفرص تأتي من السماء، وتنزل على كل الناس، وتشبيه أمير المؤمنين، عليه السلام، الفرصة بالسحاب، ليس تشبيهاً اعتباطيا، فهي تأتي كالسحاب، وتنزل من السماء، كما ينزل المطر، وكما ان المطر ينزل على كل أرض، فإن الفرص تنزل على كل إنسان.

ومكان نزول الفرص هي لحظات حياة الانسان، فهي أن يحمّل الفرد كل لحظة عملا، واقداما، ومسؤولية، أما ذلك الذي ينتظر ان الزمن يأتي ويحل مشكلته، فهو واهم، ذلك أن الجنزال زمان هو مع العاملين، وليس مع المنتظرين.

يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “لا تثق بالزمان”، كثيرون يجلسون ولا يعلمون، ويتعلّلون بان الزمان يحل المشاكل!

إذن يجب استغلال لحظات الحياة، ونحن بذلك قد حافظنا على الفرص أن تمر مرّ السحاب؛ فلا يمر يوما إلا ونقرأ كتابا، وانجزنا عملاً، فإذا لم نأخذ من الزمن فهو سيأخذ منا.

 سنوات عمرك السابقة ضاعت، فكّر بينك وبين نفسك: إن كنت استغللت ذلك العمر أين كنت الآن؟

 اولئك الذين استغلوا اعمارهم اين هم الآن؟

 

📌إذا فُتح أمامك باب فادخل اليه، فلا تدري متى يغلق عليه، لان فتحه وغلقه ليس بيدك

يوجد شخص في الأمم المتحدة يُجيد ستين لغةً؛ قراءة وكتابة، وتكلما، فإذا كان احدنا لا يجيد إلا لغة أمّه، فمعنى ذلك أنه ضيّع من عمره الكثير.

إذا فُتح أمامك باب فادخل اليه، فلا تدري متى يغلق عليه، لان فتحه وغلقه ليس بيدك، ذلك أن الحياة تشبه تاجراً يمتلك اموالا، فيدعو الناس للأخذ منها، فالذي لا يأخذ فإن غيره يأخذ.

الحياة فرص كالمجموهرات وسيندم الانسان اذا لم يستغلها بالشكل الافضل، وهناك مشكلة عند البعض؛ انه حين تأتيه الفرصة يحاول استغلالها في آخرها! ومن اسرار تخلّف الشرق انهم ينتظرون آخر الفرص! فالصلاة نصليها في آخر وقتها، وحقائبنا نحزمها في آخر لحظة، لذلك المسافر يضيع بعض الاشياء، كجوازه او امواله، مع انه كان يعرف قبل شهر من سفره!


  • مقتبس من محاضرة لآية الله السيد هادي المدرسي (حفظه الله).

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا