الهدى – وكالات ..
لا يتوقف النظام السعودي عند حدّ، ولا ينكفئ عن ممارسة سياسة التمييز بحق أبناء المناطق الشيعية في شبه الجزيرة العربية في الدمام، القطيف والأحساء وغيرها.
وهذه المرة تمثلت الوجهة المستهدفة والمطلوب قمعها وترهيبها بالهيئات والمجموعات النسائية التي تمارس دورا إرشاديا تثقيفيا وتحيي المناسبات الدينية في المناطق المذكورة آنفًا.
فقد استدعت المديرية العامة للمباحث عددا من النساء والفتيات من أهالي الأحساء والدمام وكذلك جزيرة تاروت والقطيف خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تركز التحقيق معهن بالسؤال عن زوجات المعتقلين في السجون السعودية، وعن الدور الذي تلعبه بعض الناشطات لناحية إلقاء المحاضرات والدروس، كما تم إجبارهن على توقيع تعهدات تضمنت عدم نشر وترويج أي منتج ثقافي أو ديني يخص النشاط الشيعي النسائي في البلاد.
كما جرى استدعاء ناشطة دينية شهيرة وأخضعت للتحقيق من قبل 6 ضباط في المباحث العامة ولمدة ثلاثة أيام متتالية، وعرفت السيدة بنشاطها في أمور التبليغ والتوعية الدينية، وجرى استدعائها بعد إقامتها دورة إرشادية حول سن البلوغ والتكليف لمجموعة من الفتيات في إحدى حسينيات مدينة المبرز بالأحساء.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل أقدمت المباحث على استدعاء مالك أحد المنازل بمدينة الدمام والذي كان قد سمح باستخدامه مجانا كمركز للأنشطة الدينية والثقافية النسائية المشتركة لأهالي الدمام ومناطق القطيف منذ 7 سنوات حيث كان (مركز نون) النسائي يقيم برامجه وأنشطته.
ويشير مراقبون أن هذه الحملة الشرسة من الاستدعاءات والتحقيقات المستمرة من قبل المباحث التي دُشنت منذ يوم الثلاثاء 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تستهدف السلطة من خلالها تجفيف الأنشطة النسوية الشيعية ومحاربة المظاهر والبرامج الدينية التي تتكفل بتنشئة الأجيال الصاعدة على النهج الاسلامي الأصيل وتحصنهم من آفات وتبعات ما تشهده المملكة من تهتك أخلاقي وسلوكي تحت مسمى الانفتاح والتجديد.
ويأتي هذا الاستهداف في سياق مستمر لضرب كل أشكال النشاط الديني لسيدات القطيف والأحساء والدمام، ولا تنفصل قضايا القمع الثقافي عن تلك التي تطال معتقلات الرأي حيث تعد قضية الناشطة إسراء الغمغام واحدة من بين عشرات القضايا المكتنزة للانتهاكات وصنوف الانتقام.
والمعتقلة إسراء الغمغام ليست الوحيدة التي طالتها نيران النظام السعودي وسياساته الجائرة، حيث لا يوفر النظام السعودي المواطنين الشيعة في الأحساء، القطيف، الدمام، الخبر، الثقبة وصولاً إلى نجران والمدينة المنور وينبع وعموم مناطق شبه الجزيرة العربية والحجاز من سياساته العنفية، بل يدأب على استمرار سياسات البطش والتنكيل والقمع إلى جانب التهميش والحرمان والتمييز بكل الأساليب والإجراءات الترهيبية.
إذ أقدمت “المحكمة الجزائية المتخصصة” على تشديد الأحكام بحق 5 معتقلات من القطيف، عقب اعتراضهن على الأحكام المجحفة الصادرة بحقهن.
حيث رفعت المحكمة عقوبة السجن من 7 إلى 12 سنة ضد 5 معتقلات هن: سكينة الدخيل، أفراح المكحّل، آمنة المرزوق، كفاية التاروتي، زينب الشيخ.
وكانت المحكمة قد أصدرت، بداية عام 2022، حكماً بالسجن 7 سنوات بحق المعتقلات الخمس، بعد توجيه اتهامات لهن تتعلق بمحتوى هواتفهن الخاصة، من بين التهم الموجهة إليهن: متابعة حساب قناة “المسيرة” اليمنية على تطبيق “تلغرام”، حيازة صورة الشيخ الشهيد آية الله نمر باقر النمر، حيازة صورة السيد حسن نصر الله، الانضمام إلى مجموعة دينية على “واتسآب”.
وفي الوقت الذي يدعي محمد بن سلمان أمام العالم أنه يعمل على “الإصلاح” والتحسين في سجل حقوق الإنسان، إلا أن واقع الأمر والحقائق تدحض ادعاءاته وتبرز أن “السعودية” تواصل قمع النشطاء وأصحاب الرأي والمدافعين حقوق الإنسان ليس في القطيف فقط بل في عموم البلاد، حيث تقوم على الحكم بحد السيف والانتقام والعمليات الاستبدادية الرافضة للرأي الآخر، وتمارس ضده انتهاكات قاتلة، تجعل من قضايا النشطاء أساس جوهري ملزم في نفس كل إنسان حر أن يطالب ويتحرك في الأروقة العالمية من أجل المطالبة بالإفراج عنهم.