فکر و تنمیة

هل تعتبر العفوية خطأ في زمن الشيطنة؟

وسط زحام الحياة وحراكها المستمر يتعامل اي منا مع اناس كثيرون في مواقف كثيرة، ومن هذه المواقف نتعرف على طبيعة الذي نتعامل معهم فنجد من هو ماكر واخر متسلط وثالث ابله وهادئ وعفوي ..، هذه الصفات او الانطباعات التي نستنجها جراء التعامل مع اصحابها هي الغلاف الرئيس للشخصية وهو عنوانها الواضح المميز لها او الدال عليها.

📌 تُعد العفوية من الصفات البشرية التي تتناغم مع الضمير الإنساني، فبوجودها ترتفع يقظة الذات، وبها يستطيع المرء النجاة بذاته من اجتياح الخبث وفساد الأخلاق

 في مقالنا هذا سنوجه كاميرتنا لرصد الشخصية العفوية وطريقة عيشها وتعايشها مع المحيط، فماهي إيجابيتها وسلبيتها؟

  اضافة الى السؤال المحوري الرئيس الذي يدور حوله المقال لماذا يعتبر العفويون أكثر الناس نقاءً في هذا الزمن المليء بالمتكلفين وأصحاب الأقنعة؟

تُعد العفوية من الصفات البشرية التي تتناغم مع الضمير الإنساني، فبوجودها ترتفع يقظة الذات، وبها يستطيع المرء النجاة بذاته من اجتياح الخبث وفساد الأخلاق، ولم تكن ولن تكون أبدا العفوية في تصورها الصائب تعني التكلم في كل الأمور دون تفكر وتدبر، وإلقاء الكلام على البساطة والسليقة، والتصرف بحربائية وتكلف لأي سبب سواء بهدف المكر والخداع أو لشيء آخر، فلا شك بأن هذا التصور لا يدخل في نطاق المفهوم الصحيح والحقيقي للعفوية.

في عصر البراغماتية والشيطنة والعلاقات فلنقل غير الشريفة التي تعم المجتمعات كافة حتى العربي منها، الذي بات يعج بسلوكيات لا تنم عن الانسانية مطلقاً على غير عادته ربما بفعل التحولات السريعة التي يعيشها العالم، والتي ألقت بضلالها على المشهد الانساني بصورة عامة عابرة للحدود والقيود معاً، نتيجة لذلك انقلبت الموازين واختلفت أسس التقييم التي كانت حاكمة آنذاك.

📌 من اكثر ما يجمل الفرد العفوي ان يتصرف بتلقائية ومن دون تكلف والابتسامة لا تفارق محياه

  للأسف صار يُنظر الى العفوي من الكثير من الناس بأنه غير ناضج، او أنه يمتلك كم من البلاهة التي لا تتوافق مع متطلبات العصر الجديد ومستحدثاته وروحه،  الامر الذي يستدعي الكثير من العمل لتصحيح التصورات السائدة حاليا وتعديل التفكير المعطوب والسلوك غير السوي، فإن تركت الأمور على هذا الحال حتما ستؤدي بالبشرية إلى درب المهالك والخسارات الفادحة التي لا يمكن تداركها.

  • اين  يكمن جمال العفوية؟
  1. من اكثر ما يجمل الفرد العفوي ان يتصرف بتلقائية ومن دون تكلف والابتسامة لا تفارق محياه، مما يجعل المتعامل معه متشوقاً الى لقائه والحديث معه، لكونه يعطي دفعات معنوية ونفسية مريحة تجدد في الانسان روحه التواقة الى الخير، على عكس القسم الآخر من الناس الذي يحسبون لكل فعل او كلام يقمون به فيؤذون اناس ببعض التصرفات المقصودة، ويحمون انفسهم من تصرفات وكلمات الآخرين من حولهم.
  2. ومن الجمال ايضاً ان يتصرف الانسان العفوية من دون تصنع ولا نفاق كما التعامل بمصداقية وصفاء نية، وهذه العفوية التي تعبّر عن فطرة الانسان السليمة، لذا نحن بحاجة دائمة للصقل والرعاية لتحسينها وحمايتها من أي خطر خارجي يمكن أن يزيل مرتكزاتها الأساسية ومعالمها البارزة، مع التشديد على العفوية الجزئية لكون العفوية المطلقة ستضيع حق صاحبها وتجعله في نظر الآخرين الاغبياء ليس ذو معنى ولا شخصية ولا كيان.
  3. ومن جمال العفوي انه ذو راي واضح وصريح وذو شخصية قوية، لذا هو لا يتراجع في طرحه او انتقاده لما يريد ان ينتقد فما يخرج منه يفضل بقاءه دونما تجميل او تلميع، كما انه انسان بسيط لا يتصنع ولا يبحث عن لفت الانظار والمجاملات الفارغة وهذا ما يجعلهم اقرب الى طبيعتهم الانسانية عمن سواهم ممن في المحيط.

في النهاية رغم كون العفويون عنوانين للبساطة والطيبة وغيرها من السمات الطيبة، إلا انهم ينسون انهم يعيشون مجتمع يكتظ بالخداع والكذب والتعامل بمبدأ الغاب، وهذا ما يستدعي استرعاء انتباههم الى ضرورة الاحتراس وعدم ترك مجال لحيتان هذا المجتمع البائس ان تلتقفهم وتقلل من رقعة العفوية في هذا العالم المشيطن ان صح تعبيري.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا