صدر حديثا عن دار البصائر في النجف الاشرف، وضمن سلسلة ندوات جامعية، كتاب “الشباب وازمة الهوية” لنجل سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، دام ظله، سماحة السيد محسن المدرسي.
يتركز الكتاب الذي يتالف من 116 صفحة على بيان منهجية عملية لايجاد الهوية السليمة، والتوافق بين الهوية الاسلامية التي تعطي للانسان الأصالة، والهوية الوطنية التي تربط الانسان بجذره وعاداته وتقاليده، و تجعله قادراً على التعامل مع مستجدات الحياة.
ويضم الكتاب بين صفحاته ايضا الخطوات التي تعرف الشباب على هويتهم الفكرية والثقافية، حيث اوضح سماحته بأن مرحة الشباب بالنسبة الى البعض مطرٌ غزير يجرف اوساخَ الماضي، كما أنه يطهّر فكره وقلبه من افكار الطفولة، و التقاليد الباطلة، ليهيئ نمو شخصية متزّنة سليمة.
وفي جانب آخر من الكتاب بين سماحة السيد المدرسي، ان هذه المرحلة بالنسبة الى اخرين تمثل سيلاً جارفاً، يهدم الأخضر واليابس، بل يهدم كل ما بناه الانسان في صغره، من قيم تربوية و نصائح ابوية، فتصبح نفسيته ارضَ مهالك لا تصلح لبناءٍ او زرع، فتكثر فيها العادات السيئة والأخلاق الفاسدة..
واشار سماحته في كتابه الذي يضم ندوة فكرية وثقافية وتوعوية عقدها سماحته في جامعة بابل، الى ان مرحلة الشباب بالنسبة الى البعض مرحلة يمرّ بها شهوراً او بضع سنين، يساعده في ذلك الأب المربي والأم الحنون والمعلم الفاضل، فيدلونه الطريق السليم فيستقيم فيه.
لكنّها بالنسبة الى البعض مرحلة لا يستطيع تجاوزها حتى نهاية عمره، مبينا حول ذلك ان الشاب يظل حائراً قَلِقاً لا يعرف عن نفسه شيئاً، فتجده يناقض نفسه بنفسه، ويؤمن بفكرةٍ و يكفر بها، ويدافع عن جماعةٍ و يحاربهم، قلبهُ مع شخصٍ ولسانُه عليه.
ومن بين الفصول الذي ضمها كتاب سماحته، فصل يتحدث عن الشاب الذي بلا (هوية)، حيث اشار حول ذلك الى ان كثيراً من شبابنا اليوم، ولأسباب كثيرةٍ جداً صار يعيش التيه والضياع، فهو لا يستطيع أن يضع تعريفاً واضحاً عن نفسه، تعريفاً جامعاً للافراد مانعاً للاضداد.
ولفت سماحته الى ان الازمات تبدأ من هنا بل هي (ام الأزمات)، والأخطر من ذلك حينما تكون هذه الأزمة سمةً عامةً لـ(امة)، متسائلا بالقول: أرأيت كيف لا يعتز الواحد منّا بهويته الفكرية؟ أرأيت كيف يحاول كثيرٌ من ابناء الشرق ان يُخفوا هويتهم الفكرية والثقافية، وعاداتهم وتقاليدهم امام الأجنبي.
وتحدث سماحة السيد محسن المدرسي عن كتابه بالقول ان هذه السطور كُتبت لتناقش هذه الأزمة، لم تُكتب لتناقش الاسباب، ولا لتضع حلولاً سحرية لها، بل لتناقش سؤالاً جوهرياً واحداً، هو (كيف احصّن نفسي “كشاب” لأجد هويّتي الفكرية واعالج التأثيرات السلبية، واتحسس ذاتي كـ(انسان).