علم الاقتصاد هو؛ “العلم الذي يسعى إلى حل المشكلة الاقتصادية”
فما هي المشكلة الاقتصاد ية؟
المشكلة الاقتصادية تتلخص في أن الحاجات أكبر من الموارد، كما يقول أهل الاقتصاد، وهذا يعني: أن الموارد الموجودة على الأرض لا تكفي لتلبية حاجات الناس؛ أو بصيغة أخرى أنّ حاجات البشر و متطلبات معيشتهم و ما يحقق رغباتهم و يضمن لهم العيش الكريم؛ هذه الحاجات، أكثر عدداً و أكبر حجماً من الموارد الموجودة في الطبيعة.
هذا هو كلام الاقتصاد يين، و هذه نظرية مهمة يستند إليها أهل الإقصاد، و يحاولون دائماً إيجاد حل لهذه “المشكلة الاقتصادية”. فهم يبنون معاملاتهم الاقتصادية على أساس هذه النظرية.
فهل هذه النظرية صحيحة بالأساس؟
عندما نسأل القرآن سيجيبنا بالنفي، أي إن نظريةَ الاقتصاد يين هذه خاطئة.
لنلق نظرة على الآية الكريمة: {إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} (سورة ص، الآية54)، و في آية أخرى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، (سورة العنكبوت، الآية62).
إذاً؛ “إنّ رزق الله لا ينفد، و الموارد الاقتصادية التي خلقها الله تكفي جميع أهل الأرض، بل تزيد عن حاجاتهم، و ليس كما تقول النظرية الاقتصادية بأنّ رزق الله، أو الموارد محدودة”.
وإذا كانت نظرية “المشكلة الاقتصادية” خاطئة فما هو الصحيح؟ ولماذا نجد بعض الناس فقراء لا يملكون الحاجات الضرورية للعيش؟
القرآن الكريم يُجيب على هذا السؤال في سِور عدّة، ويشير الى منشأ المشكلة الاقتصادية، بل والازمات التي تتمخض عنها ويدفع ثمنها الناس في كل مكان، وأساس المشكلة ينبع من حالات تشهدها المجتمعات والأمم:
الأولى: الكفر بأنعُم الله –تعالى-
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (سورة النحل، الآية:112).
المثال الأول يشمل الكثير من الأمم و الحضارات في الماضي و الحاضر و المستقبل، فالسبب الأول لزوال الرزق و النعمة هو الكفر بالله –تعالى-. كيف يكون الكفر بنعمة الله؟!
عندما لا نؤدي حقها، و لا نتبع القرآن في التوزيع الصحيح للثروة، وعندما يبخل الأغنياء عن العطاء، و عندما يصيبهم الغرور بأنهم هم الذين يرزقون أنفسهم و ليس الله، عندها يتحقق الكفر بالله و يحل غضبه.
الحالة الثانية: الطغيان
{كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ} (سورة طه، الآية81).
فالسبب الثاني لزوال النعمة يتمثل في الخروج عن حدود الأخلاق و القيم، و استخدام المال بإسراف و تبذير و تبختر و غرور. و هذا ما يجعل غضب الله يحل على الطغاة.
الحالة الثالثة: البَغيُ
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}، (سورة القصص، الآية76).
البغي؛ هو الاعتداء بغير حق بالاستفادة من القدرة المالية، فإذا استخدم الإنسان ثروته للاعتداء على الآخرين، او التنكيل بهم، او السخرية منهم، سيواجه مصير قارون، عندما خسف الله به و بداره الأرض، أي سيعاقبه الله و يأخذه هو و أمواله.
وبالمحصلة؛ فان الله –تعالى- خلق في الأرض ما يكفي كل إنسان و يسد حاجاته و لكن المشكلة أن بعض الناس لا يقنعون بالرزق، بل يأخذون أموالهم و أموال غيرهم، فيصبح البعض أغنياء مُتخمين، و البعض الآخر فقراء لا يتمكنون من المطالبة بحقوقهم من الأغنياء، و هكذا تحدث المشاكل و المآسي التي تطال الأغنياء و الفقراء معاً، و كل ذلك بسبب الطمع و الجشع و قلة القناعة.
ما أجمل حديث أمير المؤمنين، عليه السلام: “القناعة كنزٌ لا ينفد”! و لا ننسى أن القرآن يعد الدنيا دار امتحان و اختبار، و ليست دار خلود. و هذا اعتقادنا كمسلمين، فينبغي أن نعرف أن الدنيا و ما فيها لا قيمة لها أبداً لأنها زائلةٌ مهما امتد الزمن.
لماذا نعاني من “المشكلة الاقتصادية”؟
المشكلة الاقتصادية تتلخص في أن الحاجات أكبر من الموارد، كما يقول أهل الاقتصاد، وهذا …