لا تخلو الحياة من المنغصات بأنواعها، فقد تفقد عزيزا، وقد تصاب بمرض، وقد تتعرض لأذى جسدي أو معنوي، وأساسا ـ من وجهة نظر الدين ـ أن هذه الدنيا خُلقت لامتحان الانسان وبلاؤه، فإذا تجاوز الإنسان الاختبار والامتحان بنجاح فقد وصل الى الغاية المنشودة التي يريدها الله ـ تعالى ـ له، وهو التكامل في هذه الحياة.
📌 إذا استعد الإنسان مسبقا لتقلي المصائب والمنغصات، فإن أثر وقعها على نفسه سيكون أقل وطأة، مما لو لم يكن مستعدا لذلك
إذا استعد الإنسان مسبقا لتقلي المصائب والمنغصات، فإن أثر وقعها على نفسه سيكون أقل وطأة، مما لو لم يكن مستعدا لذلك، ولذا نجد تطبيق هذين الصنفين في حياتنا الواقعية بكثرة، فنجد أن شخصا ـ مثلا ـ يموت له عزيزا، فنرى الجزع، والهلع، وربما يصل البعض بأن يعترض على الله ـ جل شأنه ـ: (ليش هيج سويت يا ربي)! في المقابل نجد شخصا أصيب بمصيبة مماثلة للأول، لكنك تجده رابط الجأش، قوي الشكيمة، متجلدا وكأنه قد أعد نفسه لهذه المصيبة.
- النظر الى الواقع من زاوية أخرى
مع تلك المصيبة التي حلت على أهل البيت، عليهم السلام، يوم عاشوراء، من قتل للإمام الحسين، عليه السلام، وأهل بيته واصحابه، وما جرى بعد يوم العاشر، على الرغم من ذلك، إلا أننا نجد السيدة زينب، عليها السلام، وهي التي رأت كل تلك المصائب، تنظر الى الدنيا بالعين الأخرى التي يغفل عنها الكثير من الناس.
تلك الكلمة التي وجهتها السيدة زينب، عليها السلام، لابن زياد بعد أن قال لها: كيف رأيتِ صنع الله بأخيك، قالت عليها السلام: “ما رأيت إلا جميلاً”، هذه الكلمة تخفي تحتها ثقافة كاملة اوجزتها السيدة زينب ببضع كلمات.
مَن منّا يرى أن المصائب التي تصيب جميلة؟ أو لا أقل أنه يراها أنها تحوي على نِعم قد لا يعلمها الإنسان عند حلول المصيبة!
في كلمة السيدة زينب آنفة الذكر ثقافة ايجابية تعلمنا أن ننظر الى المصائب والرزايا بعين أخرى، لا كما يراها عامة الناس، بل علينا أن ننفذ من وراء المصائب الى الحقائق التي قد لا تتضح للإنسان في الوهلة الأولى إن هو لم يصبر على ذلك.
لذلك يتحدّد سلوك الإنسان بالثقافة التي يحملها، فإذا كان الفرد يحمل الثقافة السلبية، والعجلة في حياته، فإن ذلك سينعكس في سلوكه، فحينما يتعرض لعارض تجده ساخطاً على كل شيء، لا يتخذ الموقف الحكيم إزاء ما يتعرض له، بل تكون تصرفاته انفعلات تجاه انفعلات معاكسة، بينما الإنسان الذي يحمل الثقافة الايجابية، وهي ثقافة الوعي بحقائق الحياة، فإن ذلك يتجلى في حياته، سلوكا سويا، وبصيرة تضيء له الطريق وسط تعرجات الحياة ومشاكلها.
الثقافة الايجابية لا تعني أن يعيش الإنسان بعيدا عن واقعه، أو أن يضع نظارة سوداء، لا يرى فيها سلبيات نفسه ومجتمعه، الثقافة الايجابية هي النظر الى السلبيات الظاهرية على أنها اختباراً يمكن للإنسان أن ينتقل من خلاله الى الأفضل.
إن فهم حكمة الحياة والوجود بالشكل الصحيح، وأنها هذه الدنيا محطة اختبار وابتلاء، يساعد ـ هذا الفهم ـ الإنسانَ بشكل كبير في تجاوز المحن والمشاكل التي تعترضه في حياته، وإذا نظرنا الى الحياة بهذا المنظار نجد أن حياتنا ستختلف كثيراً.