يقول الله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
هل يمكن للإنسان ان يسافر عبر الزمن؟
هذا السؤال يمثل طموحا لدى الإنسان منذ القِدم، ونجد أن هذا الطموح تجلى عند بني آدم وظهر في أفلام الخيال العلمي، وبعض الكتب والمؤلفات، ولا زال البعض يحاول تحقيق هذا الحلم؛ إما عبر ما يسمى بالثقوب الدودية، أو اعادة النظر في نظرية الزمكان لانشتاين.
ولكن السؤال المطروح: ما الذي يرجوه الناس من السفر عبر الزمن سواء الى الماضي او الى المستقبل؟
ربما يكون الجواب سهلا؛ ويستطيع أي واحد منا الاجابة عن ذلك، فقد يقول البعض: لو أنني استطعت السفر عبر الزمن لكنت سعيداً لماذا؟
إن كثيراً من القرارات التي يتخذها الانسان في حياته لاتظهر إلا بعد فترة طويلة، ربما عشرين سنة أو اكثر، وكثيراً ما يعيش الانسان حالة الأسى والأسف لتلك القرارات، ـ مثلا ـ احدهم قبل سقوط النظام البائد عام 2003، باع سيارته ليشتري جهاز (سي دي)، وبعد 2003، أصبح هذا الجهاز رخصياً جداً، فذلك المبلغ الذي صُرف لشراء السي دي، كان بإمكانه شراء ارض كبيرة في شارع حيوي.
📌المشكلة عند الناس انهم يريدون تغيير الواقع بتغيير الماضي، دون الاستفادة من الواقع الذي يعيشونه
السفر عبر الزمن يمكنه ان يوفر لنا السعادة عبر تغيير واقعنا، عبر تغيير الماضي، فلو استطعنا ان نغير الماضي، سنغير الحاضر، وبالتالي تغيير المستقبل.
العلم القديم والحديث أثبت ان السفر عبر الزمن غير ممكن، والآيات والروايات الدينية تشير الى هذا المعنى، فنحن في طريق واحد لا رجعة فيه، فقد أتينا من عالم الطينة الى عالم الارواح والاشباح الى عالم الذر، ثم الاصلاب، والارحام، والدنيا، ثم الى الآخرة وهي دار الخلود، فهذا طريق لا رجعة فيه.
المشكلة عند الناس انهم يريدون تغيير الواقع بتغيير الماضي، دون الاستفادة من الواقع الذي يعيشونه، فالبشر عادة يعيش بين آسى الماضي، والخوف من المستقبل.
يمكننا أن نغيّر الماضي والمستقبل الآن وبذلك نعيش السعادة؛ سعادة الحال، وسعادة المستقبل، نحن نذهب الى زيارة الإمام الحسين، عليه السلام، ومن ضمن الزيارة نزور اصحاب الإمام: “السَّلامُ عَلَيكُم يا اَولِياءَ اللهِ وَاَحِبّائَهُ، السَّلامُ عَلَيكُم يا اَصفِياءَ اللهِ وَاَوِدّاءَهُ، السَّلامُ عَلَيكُم يا اَنصارَ دينِ اللهِ”.
اصحاب الإمام الحسين، عليه السلام، غيّروا ماضيهم، فزهير بن القين كان عثماني الهوى، والحر الرياحي كان في جيش عمر بن سعد، وفيهم النصراني، وأبو الحتوف التحق في اللحظات الأخيرة من معركة كربلاء.
في طريق الله كل شيء معقول إذا قرر الإنسان ان يتغير، في دعاء الجوشن الكبير وردت عبارة جميلة: “يا راد ما قد فات”، فالله يغير الماضي إذا غيّر الإنسان واقعه الحالي.
يقول النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “مثلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من دخل فيها نجى ومن تخلف عنها غرق”.
من كان في زمان أمير المؤمنين، عليه السلام، كان عليه أن يلتحق به، ويـأخذ بحجزته، ويقف مع يعسوب الدين، الذي قال فيه النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: يا علي أنت هادي أمتي ألا ان السعيد كل السعيد من أحبك وأخذ طريقتك وألا وإن الشقي كل الشقي من خالفك وولم يأخذ بطريقتك الى يوم القيامة”.
و باب النجاة بعد أمير المؤمنين، هما الحسنان، ثم باقي الأئمة الطاهرين، يقول الله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}.” وهما الإمامان الحسن والحسين كما في الرواية، فالله ـ تعالى ـ يعطي من يتمسك بهما نورا يمشي به ويغفر له، فركوب هذه السفينة يغير ماضي الإنسان السيء.
وأما في زماننا فسفينة النجاة وباب الهدى هو الشمس المضيئة، وربيع الأنام، هو الإمام المهدي المنتظر، عجل الله فرجه الشريف، فهو باب الهداية، وخط الولاية الذي لابد أن نتمسك به الآن.
فمن أراد الالتحاق بركب اصحاب الإمام الحسين، عليه السلام، ويقف قائلا: “يا ليتنا كنا معكم”، فإن القطار لم يفت، عن الحسين بن أبي حمزة عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك قد كبر سني ودق عظمي و اقترب أجلي وقد خفت أن يدركني قبل هذا الامر الموت، قال: فقال لي: “يا أبا حمزة أو ما ترى الشهيد إلا أن قتل؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: يا أبا حمزة من آمن بنا وصدق حديثنا، وانتظر أمرنا، كان كمن قتل تحت راية القائم، بل والله تحت راية رسول الله صلى الله عليه وآله”.
يقول الامام الصادق، عليه السلام: “ما ضر من اكرمه الله من شيعتنا ما اصابه في الدنيا ولو لم يقدرعلى شيء يأكله إلا الحشيش”.
- أين تكمن سعادة المؤمن؟
سعادة الإنسان ان يتمسك بهذه العروة الوثقى، مهما اصابه من خَطْبٍ وألم، ولذا نقرأ في استفتاح الصلاة: “اللهم إني أتوجه إليك بمحمد وآل محمد وأقدمهم بين يدي صلاتي وأتقرب بهم إليك فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم، فإنها السعادة واختم لي بها، فإنك على كل شئ قدير”.
📌 سعادة الإنسان ان يتمسك بهذه العروة الوثقى، مهما اصابه من خَطْبٍ وألم،
كما أن السعادة في زمن أمير المؤمنين، عليه السلام، بطاعته واتباعه، يقول النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “من اطاعك فقد اطاع الله واستحق السعادة برضوانه ومن عصاك فقد عصى الله واستحق أليم العذاب بنيرانه”.
كما ذلك بالنسبة الى أمير المؤمنين، عليه السلام، فإن ذلك موجود اليوم بالنسبة الى الإمام الحجّة، عجل الله فرجه الشريف، ومن يخسر هنا، وتزل قدمه، ويخذل إمام زمانه ويضيع الطريق فإن أمره يكون صعب، ولابد عليه من العودة.
مشكلة البعض أنه إذا أخطأ في بداية الطريق، فإنه يكمل ذلك الطريق بالاستمرار على الخطأ، في حرب النهروان هناك من تخلّف عن أمير المؤمنين، عليه السلام، منهم شبث بن ربعي، ومحمد بن حريث، فقال عليه السلام: “لئن كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله منافقون فإن معي منافقين أما والله يا شبث ويا ابن حريث لتقاتلان ابني الحسين هكذا أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله”. (بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٣ – الصفحة ٣٨٤).