تربیة و تعلیم

التربية مسؤولية من؟

بالنظر الى التساؤل الذي ينص على ان التربية مسؤولية من؟ نجد أن هنالك تساؤل آخر ينجم عن هذا التساؤل وهو: من المقصود بذلك تربية الكبار أم الصغار؟ وهذا يوقفنا باجابة محددة أما نقول تربية الكبار أم تربية الصغار، ولعل أيضا يأتي تساؤل من ذلك أليس تربية الصغار هي نفسها تربية الكبار أم أن تربية الصغار هي مقدمة لتربية الكبار؟

 كل هذه التساؤلات يجب ان نقف عندها لنتأملها ونبحث عن إجابات محددة لها حتى نكون على دراية كاملة بما يجب ان يقع تحته الفرد منذ طفولته الى آخر مرحلة من مراحل حياته، والوقوف عند ذلك لا يأخذنا الى طريق آخر غير طريق معرفة الفلسفات التي تقوم عليها التربية من وجهات مختلفة، كلٌ ينظر الى التربية من منظاره الخاص.

📌 بالنظر الى واقع البشرية اليوم نجد ان أهم ركيزتين يقع عليهما مسؤولية تربية الفرد بشكل رئيسي هما البيت والمدرسة

وهذا ما يجعل بعض الثقافات متضاربة وليس اقل من أن نقول تتصارع فيما بينها، وهو ما يحدث في وقتنا المعاصر بالاعتماد على ما نصت عليه القوانين الوضعية المعاصرة، وهي التي تكفل تربية الفرد الى سن محدد وبعد ذلك يترك الى ما تفرضه عليه القوانين الوضعية التي تحد أو تحجم من تصرفه اتجاه ما يحيط به.

 وهذا يعني انه في غياب تلك القوانين والقواعد قد يكون من الممكن تجاوزها ولو بنسبة قليلة، فوجودها يعني خضوع الفرد للالتزام بها، وعدم وجودها يعني يكون للفرد حرية مطلقة فيما لو أراد عدم تطبيقها، وهذا ما يُفسر ان تربية الفرد بالفكر المعاصر أو الحديث تربية قاصرة، لانها تربية محددة بزمان ومكان معين، بل البعض منها يقتصر على توجيهه توجيه معين.

وهنا لا نريد ان نتحدث عن أصول التربية القديمة التي لا يهمنا منها شيء، سوى ان مفهوم التربية نال اهتمام الجميع منذ القدم، وهو ما جاء في تربية وادي الرافدين والتربية اليونانية، والتربية في النيل، والتربية الصينية وغيرها ممن لهم جذور حضارية تاريخية عميقة.

 بل يهمنا ان نقف على مفهوم التربية الحديثة وكيف تنظر الى الفرد وتحدد نشأته، وهي لا تختلف عن التربية القديمة من حيث نظرتها للإنسان من بُعد واحد، إلا ان التربية الحديثة تميزت بالانفتاح، وهو ما يترك المجال امام الفرد لينهل من الثقافات الأخرى التي قد تنعكس على نشأته.

 وبالنظر الى واقع البشرية اليوم نجد ان أهم ركيزتين يقع عليهما مسؤولية تربية الفرد بشكل رئيسي هما البيت والمدرسة، وبالنظر الى واقع تربية اليوم من خلال هذين المنطلقين نجد بينهما مجالاً بعيداً عن الآخر، فالبيت يتكفل بتربية الفرد تربيةَ القيم التي تهتم أو تريدها كل أسرة بين أعضاء إفرادها، بينما المدرسة نجدها قد توجه تربية الفرد وجهه بالنظر الى طبيعة الفلسفة التي تتبناها.

 ومن ذلك نجد هنالك تربية مدرسية تسعى ان يكون الفرد عاملاً منتجاً وفق نظرتها العملية البحتة، وهنالك تربية مدرسية تنظر الى الفرد يجب ان ينشأ نشأةً مثالية وأخرى جوهرية، وكل ذلك تبعا للفلسفات التي تتبناها وتقيم عليها أسس تربيتها.

 وبالمقارنة مع التربية الإسلامية نجد ان التربية الإسلامية تربية غير محدودة بزمان ومكان معين، فالحرام حرام بعيداً كان أم قريبا، وكذلك ليس هنالك عزلة بين ما يتلقاه الفرد داخل المدرسة ام خارجها، فهي تربية شاملة غير منفصلة عن الحياة بالنظر الى ما تتضمنه من قواعد وتعليمات إلهية تهتم بأدق التفاصيل التي تخص أو تكفل حياة الإنسان الكريمة، بل تتعدى الحياة من خلال وضع الدوافع والتعزيزات التي تجعل من الفرد يفكر بآخرته وهو في حياته.

📌 التربية وفق منظورنا الإسلامي مسؤولية الجميع، البيت، المدرسة، المجتمع، لان الإسلام كفل لنا ووضع نظاما لا يتعارض، ولا يتناقض، ولا يصنع شخصية محددة بنظرتها الى الكون تختلف عن غيرها مع من تقع معها تحت نفس ذلك النظام

التربية وفق منظورنا الإسلامي مسؤولية الجميع، البيت، المدرسة، المجتمع، لان الإسلام كفل لنا ووضع نظاما لا يتعارض، ولا يتناقض، ولا يصنع شخصية محددة بنظرتها الى الكون تختلف عن غيرها مع من تقع معها تحت نفس ذلك النظام، وهي تربية تتشابه بها معطيات تربية الصغار وتربية الكبار كون الهدف الأساسي لها خلق الشخصية التي تجعل مخافة الله وطاعته هي الأساس.

ومن ذلك يجب ان نلتفت الى ديننا الإسلامي كنظام وما يتميز به من نظرة شاملة للإنسان لا يغيب فيها مجال، أو بعد من أبعاد حياته، كونه نظام الهي غني بكل ما يسمو به الفرد وما يضمن سلامته في الحياة والآخرة، وان لا يجرنا الانفتاح الى ابعد من نجعل من نظامنا الإسلامي بمثابة الحصن الذي نصد به كل ما يلوث الفطرة الإنسانية التي تكفل عيشنا بسلامة.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا