تربیة و تعلیم

التدريس في الصف عملية منظمة أم عشوائية؟

من المعلوم ان عملية التعليم والتعلم عملية قائمة على أسس علمية مقصودة ومتبعة وليست عملية عشوائية تخضع للصدفة، ومن ذلك نجد المهتمين بمجال التربية والتعليم بحثوا في كيفية حدوث التعلم والتعليم ومن ذلك وجدت النظريات التي تفسر ذلك، فالبعض رجح ان التعليم والتعلم يرجع الى كيفية احدث تغيير في سلوك المتعلم من خلال المنبهات الخارجية أي ما تتضمنه البيئة التعليمية.

 والبعض الآخر رجح حدوث عملية التعليم والتعلم الى كيفية معالجة المعلومات في ذهن المتعلم، أي ركز على العمليات العقلية؛ كالفهم، والتفكير، والاستدلال، وغيرها من عمليات التفكير التي نعالج بها المعلومات لنصل الى فهم مقصود، وهذا يشمل عملية التعليم والتعلم بشكل عام.

 إلا ان التدريس يمثل محطة من محطات عملية التعليم فهو الآخر يجب أن لا يكون بشكل عشوائي ويترك الى حرية المعلم غير المدروسة، ومن ذلك وضعت نماذج تدريس معرفية وأخرى سلوكية على أساس تلك النظريات نصت في هذا المجال، وعليه لابد للمعلم ان يحيط بتلك النماذج وأن يكون على اطلاع في كيفية وضعها الذي يمثل خطة تدريس كاملة يقوم عليها الموقف التعليمي في الدرس، الأمر الذي يتطلب ان نسلط الضوء على ذلك.

📌يرى علماء علم النفس المعرفي أن النماذج السلوكية لا تستطيع وحدها تفسير الكثير من الظواهر المعرفية التعليمية؛ مثل التفكير، الاستدلال، الاستبصار وحل المشكلات

يرى علماء علم النفس المعرفي أن النماذج السلوكية لا تستطيع وحدها تفسير الكثير من الظواهر المعرفية التعليمية؛ مثل التفكير، الاستدلال، الاستبصار وحل المشكلات، كما يعتقد هولاء العلماء ان تفسير التعلم يتطلب استراتيجيات تفكير أخرى تختلف عما جاء به السلوكيون، حيث تعمد هذه الاستراتيجيات بشكل رئيسي على مفاهيم ادارك العلاقات، واستخلاص القواعد والمبادئ والقوانين، وليس على ربط عشوائي بين مثيرات واستجابات، وبخاصة في مراحل التعليم المتقدمة، حيث يبلغ المتعلم مستوى القدرة على أداء العمليات المعرفية المجردة، وأن المتعلم يكون قد بنى معرفية تمكنه من التبصر في مجمل العلاقات التي ينطوي عليها موقف تعليمي معين.

هذا ويشير الإدراك المعرفي الى عملية تجهيز المعلومات، أي استقبال المعلومات ومعالجتها، وتخزينها، واستدعائها عند الضرورة، ومن ثم فان نماذج تجهيز المعلومات تؤكد على دراسة التفكير، وطرق التأثر بالمثيرات المحيطة بالبيئة، واعتبار التعلم أعادة بناء وتنظيم البنى المعرفية لدى المتعلم، كما تؤكد هذه النماذج على كيفية تكوين وتشكيل المفاهيم واكتسابها ومن هذه النماذج هي:

  • التفكير الاستقرائي لـ(هيلدا تابا) الذي وضعه لغرض لتنمية مهارات التصنيف ووضع الفروق واختبارها وإدراك كيفية تكوين أو تشكيل المفهوم وصوغ تعليمات منطقية.
  • اكتساب إحراز المفهوم لـ(جيروم برونر): الذي وضعه لتعلم المفاهيم ودراسة استراتيجيات اكتسابها وتطبيقها.
  • النمو/ التطور لمفهومي لـ (هيربارت كلوز مابر): الذي وضعه لتوضيح حالة النمو المفهومي للمتعلم وتحديد مستويات اكتساب المفهوم.
  • التفكير الاستنتاجي لـ (ديفيد ميرل- روبرت تينسون): الذي وضعاه لغرض تعلم المفهوم وتنمية مهارات التصنيف.
  • النمو المعرفي لـ (جان بياجيه):الذي وضعه لغر تكييف عملية التعليم لتسهيل عملية التعلم وتيسير النمو المعرفي لدى المتعلم.
  • المنظم المتقدم لـ (ديفيد أوزوبل): الذي وضعه لغرض تحقيق التعلم ذى المعنى
  • الفلسفة البنائية لـ (بوسنر – نيل ): الذي وضعه لغرض تشجيع المتعلم على صناعة المعرفة من خلال ما يمر به  من مواقف تعليمية.
  • من نماذج التدريس المعرفية

أولا:أنموذج التفكير الاستقرائي (نموذج هيلدا تابا)

تعد هيلدا تابا من أشهر علماء مدرسة التطور المعرفي وأكثر ما تهتم به هذه المدرسة هو المفاهيم قد صممت هيلدا تابا أنموذجا تعليميا أسمته أنموذج التفكير الاستقرائي، لتطوير العمليات العقلية المرتبطة بالاستقراء والاستدلال وتكوين المفاهيم وذلك باستخدام عمليات التجميع والتنظيم والتبويب للبيانات والمعلومات.

📌 يرى جانيه: أن هناك عوامل داخلية وعوامل خارجية تؤثر في عملية التعلم، أما العوامل الخارجية فهي: التنظيم المؤقت للأشياء أو الحالات؛ التجاور، الإعادة  التعزيز

حددت هيلدا تابا ثلاث مهمات للتفكير الاستقرائي أو مراحل تعد بمثابة الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها تتبع جزيئاتها للتوصل للحكم النهائي وتمثلت المهمة الأولى بمهمة تشكيل المفهوم أما المهمة الثانية بتفسير البيانات والمعلومات  في حين المهمة الثالثة والأخيرة في تطبيق المبادئ.                      

اولا: مهمة تشكيل المفهوم: تشمل هذه المهمة استراتيجيات يؤدي كل منها الى استثارة المتعلم للقيام بإحدى النشاطات الظاهرة على نحو الأتي:

  1. تحديد المعلومات المنتمية للظاهرة وتعدادها وعمل قوائم (جمع المعلومات)، وتعتمد هذه المرحلة على مشاهدات الطالب وملاحظاته وما يكتسبه عن طريق حواسه المختلفة، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية ماذا شاهدت؟

 ماذا لاحظت؟

 ماذا سمعت؟

  • توزيع البيانات والمعلومات الى فئات وفقاً لمعيار تشابه معني مثل الفائدة، الوظيفة، النوع، الشكل، القيمة، وتتضح من خلال توجيه الأسئلة الآتية كيف تربط بين البيانات والأشياء وفق معيار ما؟
  • وضع البيانات مصنفة في فئات استقراء المفهوم حسب المعيار السابق.
  • تسمية المفهوم من خلال السؤال الأتي: ماذا تسمي هذه الفئات؟

وبذلك تهدف هذه المهمة الى تشجيع الطلبة على الاستقراء لغرض توسيع النظام ألمفاهيمي لديهم فهي تتطلب منهم تشكيل المفاهيم التي يستطيعون استخدامها لاستنباط معلومات أو معارف جيدة.

ثانيا: مهمة تفسير البيانات؛ تتم في هذه المهمة العمليات (التفسير، الاستنتاج، التعميم) إذ تحدد نقاط التشابه والاختلاف، ويتم من خلال التمييز بين خصائص المفاهيم المعينة من خلال قراءة وشرح التفاصيل حول خصائص المفاهيم ويمكن توجيه الأسئلة الآتية: ماذا لاحظت؟ ماذا وجدت؟ ما هي أوجه التشابه والاختلاف؟

إي ربط المعلومات بعها مع بعض وتحديد علاقة السبب بالنتيجة وتكون من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية لماذا حدث ذلك؟ لماذا اختارت بع البلدان نظاما معينا؟  للتوصل الى فرحة الاستنتاج والاستدلال.

ثالثا: تطبيق المبادئ والتعميمات: وتشمل هذه المهمة العمليات الآتية:

  1. التنبؤ بالنتائج.
  2. توضيح التنبؤات وتبرير الفرضيات من خلال تحديد المسببات المؤدية للتنبؤات والفرضيات.
  3. التحقق من صحة التنبؤات والفرضيات.

ثانيا:أنموذج جانيه

يرى جانيه: أن هناك عوامل داخلية وعوامل خارجية تؤثر في عملية التعلم، أما العوامل الخارجية فهي: التنظيم المؤقت للأشياء أو الحالات؛ التجاور، الإعادة  التعزيز. أما العوامل الداخلية فهي: المعلومات الحقيقية، المهارات الذكائية العقلية، الاستراتيجيات ذات العلاقة بالمعلومات السابقة لدى الطالب، فعند دراسة العوامل الخارجية والداخلية يتمكن المعلم من اختيار الأنشطة والمواد التعليمية التي تتناسب مع الطلبة ومع قدراتهم وخلفياتهم.

  • خطوات أنموذج جانيه
  1. استثارة الدافعية لدى الطالب.
  2. إعلام الطالب بالأهداف التعليمية.
  3. توجيه انتباه الطالب.
  4. تنشيط عمليات تذكر المتطلبات الأساسية القبلية المنتمية لموضوع الدرس.
  5. تقديم التوجيه الدراسي للمتعلمين على شكل أسئلة أو إيضاحات أو عبارات إيجابية، وذلك لمساعدة الطلبة على تحويل المعلومات أو الخبرات إلى رموز لاختزانها في الذاكرة.
  6. تعزيز عملية الاحتفاظ بالمعلومات أو الخبرات من خلال المراجعة والأسئلة المتنوعة.
  7. تعزيز عملية انتقال التعلم إلى مواقف جديدة غير تلك التي حدث التعلم فيها .
  8. استثارة الأداء المنشود من خلال التقويم البنائي .
  9. التزويد بالتغذية الراجعة.

وبذلك أكد جانيه ن تعلم الإنسان عبارة عن عمليات ذهنية داخلية، تعمل على تحويل المؤثرات عبر مراحل عدة من معالجة المعلومات، وكنتيجة لمعالجة المعلومات يكون هناك بناء وتطوير لبعض القدرات لدى المتعلم

ومن ذلك نفهم ان عملية التدريس ولأجل ان تكون ذو نتائج محددة ومرسومة مقدما ومن اجل ان يكون للمعلم رؤية واضحة على تحقيق أهدافه من عدم تحقيقها لابد ان يتبع الخطوات المتتابعة التي وضعت في هذه النماذج التدريسية المختلفة لضمان عملية تدريس مقصودة منظمة وغير عشوائية.


  • المصادر
  1. علي، محمد السيد، اتجاهات وتطبيقات حديثة في المناهج وطرق التدريس، دار المسيرة.
  2. فرحان ، اسحق وآخرون ، تعلیم المنهاج التربوي – أنماط تعلیمیة معاصرة ” ط ٢دار الفرقان والبشیر للنشر والتوزیع ، الأردن . ١٩٨٤
  3. عبد الله ، عبد الر ا زق یاسین وهیفاء البز ا ز (اثر استخدام إستراتيجيتين للتعلم التعاوني في إكساب طلاب الصف الأول المتوسط المفاهیم العلمیة وتنمیة حب الاستطلاع العلمي لدیهم ، المؤتمر القطري الأول للعلوم التربویة ، المنعقد في كلیة التربیة- المستنصریة ،٢٠٠١ >
  4. عيواص، أحلام أديب، أثر استخدام أنموذج هيلدا تابا في تنمية التفكير الناقد لدى طلبة قسم التاريخ بكلية التربية جامعة الموصل، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، مجلد 2، العدد2، 2005.
  5. إبراهيم،فاضل خليل، المدخل الى طرائق التدريس ألعامه، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، 2010
  6. سليمان، جمال، أصول التدريس، منشورات جامعة دمشق، دمشق،2009

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا