قال ـ تعالى ـ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}.
السكن والسكنى هو أحد المقومات التي إن وجدت أصبحت الحياة طيبة، والعيش كريم، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة آيات، وأيضاً اشارت إليه الروايات الشريفة وذكرته في عدة مواضع.
- فماذا يعني السكن؟
- وما هي مصاديقه؟
- وكيف يتحقق؟
ان السكن يعني الاطمئنان والاستقرار ويعني الراحة، كما أن للسكن مصداقان؛ أحدهما مادي والآخر معنوي.
فالمادي هو السكن الذي يكون في بيت معين، يتوفر من خلاله للإنسان الراحة والاستقرار والأمن والحفظ من المخاطر والوقاية من الحر والبرد وما أشبه، فلابد للإنسان ان يسعى لإمتلاك بيتاً واسعة تتوفر فيه تلك الصفات وقد جاءت روايات أهل البيت عليهم السلام تبين صفات البيت الذي يوفر السكن اللائق للإنسان ويمنحه الراحة والاستقرار ومن تلك الروايات عن الإمام الصادق، عليه السلام انه : “ثلاثة للمؤمن فيهن راحة: دار واسعة تواري عورته وسوء حاله من الناس”. وعن الإمام الباقر، عليه السلام: “من شقاء العيش ضيق المنزل”.
📌ان السكن يعني الاطمئنان والاستقرار ويعني الراحة، كما أن للسكن مصداقان؛ أحدهما مادي والآخر معنوي
أما السكن المعنوي والذي هو جوهر السكن وغايته فإنه يتعدى مسألة وجود الجدران والبناء، بل يتحقق بما في داخل ذلك البناء ونقصد بذلك الأسرة التي تعد مصدر لراحة الإنسان واستقراره وسكونه، ومحور الأسرة هو الزوجة الصالحة الموافقة التي تكون سكن للإنسان يقول القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
فلابد للإنسان الذي يريد أن ينشئ بيتاً له ويؤسس أسرة ان يسعى منذ اليوم الأول لاختيار الزوجة المؤمنة الصالحة، التي تكون بحق سكناً له عندما يلجئ إليها، وتكون نِعْمَ المعين والمواسي له على صعوبات الحياة، فقد جاء في وصف أمير المؤمنين، عليه السلام، لحليلته السيدة الصديقة فاطمة الزهراء، عليها السلام: “كلما نظرت إليها انجلت همومي”.
وعن الإمام الصادق، عليه السلام: “الأنس في ثلاث: في الزوجة الموافقة والولد البار والصديق المصافي”.
الإنسان بعد أن يختار الزوجة الصالحة ويرتبط بها لابد لهما من معرفة حقوق كل واحد منهما ومراعاتها حتى يحقّق الزواج هدفه الأساس وهو السكن، فعن الإمام زين العابدين، عليه السلام، في حق الزوجة من رسالة الحقوق الخالدة: “أما حق الزوجة فأن تعلم ان الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا، فتعلم ان ذلك نعمة من الله تبارك عليك فتكرمها وترفق بها وان كان حقك عليها اوجب فإن لها ان ترحمها”.
ومن مكملات السكن أيضاً هو الجار، فإذا كان صاحب خلق حسن وودود ومتعاون مع جاره فإنه سيسكن كل واحد منهم إلى جاره ويتفاعل معه، لذلك نجد روايات أهل البيت عليهم السلام، تؤكد معرفة الجار قبل الدار، ومنها ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الجوار ثمّ الدار”. وأيضاً ما ورد عن الإمام علي عليه السلام: “سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار”.
📌الإنسان بعد أن يختار الزوجة الصالحة ويرتبط بها لابد لهما من معرفة حقوق كل واحد منهما ومراعاتها حتى يحقّق الزواج هدفه الأساس وهو السكن
فهذه الأمور إذا توفرت يكون الإنسان قد حصل على السكن الحقيقي الذي يوفر له الاطمئنان والاستقرار والراحة، وحينئذ يكون قد توفر أحد مقومات الحياة الطيبة، وهذا ما أكدته أحاديث أهل البيت عليهم السلام وصرحت به؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “أربع من السعادة وأربع من الشقاوة فالأربع التي من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب البهي والأربع التي من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق والمركب السوء.”
وعن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: “إن للدار شرفا وشرفها الساحة الواسعة، والخلطاء الصالحون وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها.”