لأن البنون هم احدى اقطاب زينة الحياة الدنيا كما يصفها القرآن الكريم فهم اثمن ما لدى الانسان واثمن مافي وجوده، من هذه المكانة التي يمتلكها الطفل في نفوس ابويه فهم يرغبان في ان يوفران له ما يمكنه من العيش بأفضل الظروف بالمقارنة بالظروف التي عاشها الاهل انفسهم، فيغدقون عليه ويبالغون في تدليله عبر تسخير كل مقدراتهم له.
لسنا من دعاة ترك الابناء وشأنهم يتذوقون مرارة الحياة وصعوباتها سيما في مراحلهم العمرية الاولية التي يحتاجون فيها الى الدعم النفسي والمعنوي بصورة كبيرة، فمن البديهي ان توفير المتطلبات الاساسية من واجب الاهل تجاه ابنائهم، شريطةَ ان لا يتعدى الامر الحدود الطبيعية لكي لا يتحول هذا الأمر إلى مشكلة متعددة الآثار على شخصية الطفل وطبيعة رؤيته وإدراكه لمفاهيم الحقوق والواجبات، لكون الاشباع يأتي على حساب راحة الوالدين وعلى حساب وجهودهم مما يؤثر وبالضرورة على شخصية ومستقبل الطفل.
بداعي التدليل للطفل يقوم الابوان بمنح ابنائهم ادوار لا تناسب اعمارهم فينتج من هذا تحولهم الى شخصيات لاهثة وراء السيطرة ومسك زمام الامور، ومحاولة القفز على الادوار الطبيعية التي يجب ان يقفون عند حدودها، فمثلا يقوم الابن سيما اذا كان الاكبر بمحاولة التحكم ببقية اخوانه والتحكم بأمور المنزل، وتسيير الامور وفق ما يراه هو صحيحاً من وجهة نظره القاصرة، وبذا يصبح دكتاتوراً منذ صغره وتستمر معه هذه النزعة في كل مراحل حياته.
📌 بداعي التدليل للطفل يقوم الابوان بمنح ابنائهم ادوار لا تناسب اعمارهم فينتج من هذا تحولهم الى شخصيات لاهثة وراء السيطرة ومسك زمام الامور
وبداعي الحماية المنبثقة من التدليل غير المبرر يحبس الاباء ابنائهم في المنازل ولم يمنحوهم فرص للاختلاط بالمجتمع بصورة عامة، وبأقرانهم من الاطفال بصورة خاصة بدلا من اختيار القرين المناسب ووضعهم تحت المراقبة، ومن هذا العزل غير المدروس يكبر الطفل بشخصية ضعيفة غير مجاملة ومنطوية على نفسها، وتفتقر الى ابسط الامور التي تمكنها من الاعتماد على نفسها في انجاز المهام التي تناط اليها سيما بعد ان يصل الى مرحلة الجامعة، او مرحلة ما بعد الجامعة فيفشل في الحصول على فرصة عمل او انه يصبح في وظيفته هامشياً وغير مؤثر.
📌 ليس من الخطأ أن يوفر الوالدين ما يحتاجه الطفل، لكن بالاعتدال الذي يجعله مسؤولاً ومتفهماً وحريصاً على تنظيم مهامه وتوزيع وقته وجهده بين التعلم واللعب والنوم وممارسة الهوايات
ومن الكوارث التي يرتكبها الآباء بحق ابناءهم من دون معرفة بالنتائج هو ادخالهم في مدارس خاصة، بقصد التباهي والتفاخر وهذا ما يجعلهم يشعرون بأنهم افضل من سواهم من اقرانهم هنا يصبحون براغماتيين ما يهم هو مصالحهم ولا يعنيهم شأن الآخرين، وإن كانت حاجتهم الخاصة تتعارض مع حاجات الجماعة يعملون على تحقيق غاياتهم فقط وهذه هي الانانية بعينها للحفاظ على الافضلية كما يرون.
- اسباب التدليل المفرط:
هذه الافراط في التدليل لم يأتِ من فراغ بل جاء كنتيجةٍ لعدة اسباب منها:
- ان يكون الطفل وحيداً وهذه الحالة الاكثر شيوعاً، إذ يرى الاهل أنه محروم من الأشقاء وأن ما لديهم مسخر له، فلا يرفضون له أي طلب ولا يحملوه المسؤوليات ولا يعاقبوه على أخطائه.
- والسبب الاخر هو تأخر انجاب الاطفال فحين تمر العائلة بمثل هذه التجربة المريرة يحاولون ان يغدقون على اطفالهم بكل ما اوتوا من قوة ومسايرته تعبيراً عن فرحتهم .
- ومن الاسباب ايضاً هو محاول الوالدين تعويض الحرمان المادي والمعنوي الذي تعرضا له حينما كانوا صغاراً وهم في هذه الحالة يدللون أطفالهم ظناً منهم أنهم يجنبونهم المرور بنفس الظروف الصعبة التي تربوا هم بها.
- تعرّض الطفل لحالة مرضية معينة تدفع الاهل إلى المبالغة في تلبية طلباته ورغباته، من منطلق التعامل معه بصبر وتعاطف.
- التوازن بالتربية
نظراً للآثار السلبية التي تظهر على شخصية الطفل حين يُدلّل بأفراط ولكي نقوم بالموازنة بالتربية ينبغي ان نتبع الآتي:
- ضرورة التعامل بلطف مع الطفل حين تكون سلوكياته سليمة، وبحزم وقوة حين تسوء سلوكياته، وهذه هي الطريقة الوسطية التي نحتاجها كمربين مع اطفالنا.
- ليس من الخطأ أن يوفر الوالدين ما يحتاجه الطفل، لكن بالاعتدال الذي يجعله مسؤولاً ومتفهماً وحريصاً على تنظيم مهامه وتوزيع وقته وجهده بين التعلم واللعب والنوم وممارسة الهوايات.
- على الوالدين اعتماد التعامل مع طفلهم بشكل واضح و بطريقة إيجابية، وذلك بتوضيح المتطلبات و قوانين الأسرة التي يجب على الطفل تطبيقها وتنفيذها وفي حال طاعته المنتظمة على الوالدين مكافئته بتنفيذ رغباته.
- ومن الاهمية بمكان أن يربي الابوان ابناءَهم على تنفيذ مسؤولياتهم بأنفسهم حتى لا يكونوا اتكاليين ومعتمدين على غيرهم.
- اخيراً؛ لابد من توعية الطفل بأن من نِعم الله عليه ان منحه والديه الرزق، وجعلهما متمكنين من اعطائه ما يريد، لكن هذا ليس تمييزاً له، ولا مبرراً بالانعزال عن الناس، او التكبر عليه او استغلالهم، وبذا يكبح جماح رغبات الانسان غير اللطيفة.