الهدى – وكالات
أكّد الشيخ جاسم المحمد علي أن النظام السعودي أوجد في عدّة مراحل حالة تفريقيّة بين القطيف والأحساء من خلال توفير بعض الامتيازات في منطقة دون أخرى، مشيراً إلى أنه في بداية الحراك الشعبي في المنطقة، عمل النظام السعودي بشكل كثيف على محاولة إبراز الأحسائيين بوصفهم مجتمع مسالم يتناغم مع سياسات الدولة ويستجيب لها، وهو مجتمع بعيد عن الروح التمرّدية ذات الطابع الثوري والتمرّدي.
وأضاف عضو “لقاء المعارضة في الجزيرة العربية” المحمد علي، في مقابلة مع قناة “نبأ”، تابعتها مجلة الهدى، ان النظام أراد من ذلك أن يغرس هذه الفكرة في الوسط الاجتماعي والسياسي بشكل كثيف.
وتابع بالقول، وإذا أردنا أن نكون موضوعيين في قراءتنا، فلا شكّ أنها استطاعت أن تعبر على البعض، في هذا السياق. لذلك، استقبل محمد بن فهد في بداية الحراك الشّعبي وفداً أحسائيّاً، ونُقل أنه تعامل معه بصورة سيئة جداً، لكنه على الصعيد الإعلامي، صُوّرت الزيارة على نحو مغاير للحقيقة، من خلال تصوير الطاقم الأحسائي بالاستمرار في الاستجابة لسياسات الدولة، على خلاف القطيف التي طوّروها بالأدوات العسكريّة والأمنيّة الضاغطة.
واشار الى ان هذه الطريقة من التمييز، حاضرة في سياسات “الدولة السعودية” عندما تريد الوقوف أمام أي إعصار ثوري قد يتنقل من منطقة إلى أخرى.
ولفت عالم الدين الحجازي إلى أن “السعودية” أرادت أن تسيطر على الأحساء لعدّة عوامل، يتصدّرها العامل الاقتصادي بالنظر إلى أن الأحساء تعد مدينة غنيّة بواحتها الخضراء الخصبة وثروتها المائيّة، وهي تقع على تماس مع دول الخليج ذات الحركة التجاريّة، لذا أراد آل سعود السّيطرة على هذه المنطقة للاستيلاء على منابع المال والاقتصاد من جهة، ومن جهة أخرى تنفيذ مشاريعهم التوسعيّة كي تكون “السعودية” على تماس مع دول الخليج، وليكون ذلك في سياق السيطرة على بقيّة المناطق والدول، كما أن ذلك يعطيها امتيازاً إذا سيطرت على الأحساء المنفتحة جغرافياً.
وبين ان العامل الثاني، هو المذهبي، إذ أرادت الرياض أن تمتد إلى الأحساء كي تشكّل لنفسها انتصاراً من خلال السّيطرة على هذه المنطقة، ولذلك واحدة من أبرز معالم النظام السعودي هو التمييز الطائفي، وهو ما يجب علينا أن نستحضره في كل مساحات القراءة لهذا النظام، على صعيد سلوكياته ومشاريعه التوسعية.
وفي السياق، أشار الشيخ جاسم إلى أن السياسة الاستراتيجية لدى آل سعود هي إقصائيّة في تعاملاتها الشعبية والاقتصادية والدينية والسياسية، فالنظام لا يعطي الشعب أي دور على صعيد صناعة القرارت.
وتابع، لذلك نحن في إطار المجتمع الداخلي لا نملك جوّاً من الديمقراطية والانتخابات ومجلس الشورى، هذه ليس لها أي حضور في أدبيّات النظام السعودي الذي يحكم وفق منطق العبوديّة المطلقة، فهو يستعبد الأرض وما عليها، وهذه سياسة حاضرة ومتوارثة في كل المراحل السابقة.
وأضاف ان النظام السعودي اراد أن يبرز أن مشكلته مع المكوّن الشّيعي هي مشكلة عقديّة لكن إذا تفحّصنا الأمر نجد أنها في الحقيقة هي سياسية تبعتها إجراءات أمنية وسياسية واجتماعية، فهذا النظام عندما أراد أن يزاوج بين السلطة السياسيّة والدينيّة، أوجد سلطة دينية موازية لحكمه السياسي حتى تشرعن نشاطاته الإقصائية.
ولفت سماحته إلى أنه لا يوجد للنظام نزعة دينية عميقة من أجل إعطاء البعد المذهبي أولوية كبيرة في أدبياته، إنما جعل البعد المذهبي أساساً من أجل تحقيق متطلباته القائمة على الاستعباد المطلق من خلال أدوات متعدّدة.