الانسان بكل بجماله وجلالة قدره و عظم الرسالة التي خُلق من اجلها، يحدث ان يغادر عقله في مواقف كثيرة بعدم اعطاء هذه الجوهرة مساحة للتفكير للتوغل في مساحات العمل الانساني المنتج وعلى كافة الصعد الحياتية، ومن مظاهر مغادرة الانسان لعقله ولو بنسبة معينة هو اتصافه بتضخم الأنا الذي ذهب بأدمية الانسان وجعله يرى الناس من الاعلى صغار ويرونه هم اصغر.
ونتيجة لسيطرة الأنا يحدث اننا نفكر بأمر ما لكننا نفشل في تنفيذه فتحدث هوّة بين ما يجب وبين ما هو كائن في الواقع، هذا التقييد بسلاسل واسوار ناتجة من عقد نفسية تحكم سلوك الانسان وتغير في اتجاهاته، ومن هذه العقد؛ الغرور والكبرياء (بَنات الأنا) وهذه العقد يمكن أن تتحول لشعور بالنقص والكراهية الذاتية، لأن الأنا صورة عن الذات التي تمنحك الشعور بالهوية، وهذه الهوية تتحد أيضا بما يقوله الناس عنك.
حين تتضخم الأنا لدى الانسان ستحكم قبضتها عليه وتجعله اسير افكاره واهواءه، وهنا يكون ليس ذو سيطرة على أفكاره، ويترتب على هذا الامر ضجيج من الافكار في الرأس تسبب انزعاج وضيق كأستجابة عاطفية لصوت الأنا المخيف، ودهاء الانسان وحكمته يكمنان في القدرة على عدم الاستجابة لهذه القوى الذاتية ومن الصوت الذي يمنع الحقيقة ويملأ رؤوسنا بواقع افتراضي يبعدنا عن كل ما هو حقيقي ليخلق هالة وهمية مصطنعة.
- نماذج من الذين تضخمت لديهم الأنا:
لست مبالغاً ان قلت ان كثر الناس ترتفع لديهم نسبة تضخم الأنا هم الحاملين لشهادات عليا، وهذا ما لحظته من سلوكياتهم اثناء ممارسة وظيفتي اليومية معهم، قد يستغرب البعض توجيه نقدي لهم كوني احد ابناء جلدتهم، لكن انتصاراً للحق اقول ان الكثير منهم يسيطر عليهم التعالي والعنفوان الفارغ، وغياب البساطة كما الاخلاق، نتيجة لمرض لتضخم الأنا الذي هي عدوة الانسان الاول غير انه لا يعي حجم خطورته واثره السلبي عليه.
📌 حين تتضخم الأنا لدى الانسان ستحكم قبضتها عليه وتجعله اسير افكاره واهواءه
من مظاهر تضخم الأنا لديهم انهم يرفضون الوقوف او الجلوس مع طلبتهم حين يطلبون منهم استفساراً حول موضوع ما بداعي ان مكانتهم العلمية لا تسمح، وانا شخصياً واجهت انتقادات عدة لجلوسي مع طلبتي في (كافيتريا) الجامعة لتناول قدح شاي على هامش توجيههم لإكمال بحوث تخرجهم، اي غرور هذا واي ابتعاد عن الانسانية يتبعه ابناء هذه الطبقة التي يفترض انهم ارقى بكثير من حالهم هذا.
كما الاطباء واصحاب المهن الصحية هم الاخرين لا يقلون ضرراً على المجتمع، لكونهم يتفاخرون بشهاداتهم والقابهم العلمية، وفيما بعد املاكهم وسياراتهم وغيرها من المظاهر الدنيوية الرخيصة، مما يدفعهم الى عدم احترام الانسان والتعامل معه بتعالٍ وتمييز بدل اعتباره قيمة عليا، وجميعنا يلاحظ ان هؤلاء يدخلون ابناءهم في مدارس خاصة ويعالجون انفسهم عوائلهم في مستشفيات خاصة، كما لا يسمحون لا بناءهم بالاختلاط بالناس البسطاء بداعي انهم اقل رتبة مجتمعية منهم.
📌 لست مبالغاً ان قلت ان كثر الناس ترتفع لديهم نسبة تضخم الأنا هم الحاملين لشهادات عليا، وهذا ما لحظته من سلوكياتهم اثناء ممارسة وظيفتي اليومية معهم
وكذا الحال بالنسبة لشيوخ العشائر والسادة والاشراف فإنهم يمنعون ابناءهم من اقامة علاقات او الزواج من ابناء الناس الاقل شأنا، وحتى الامتناع عن اعطاء بنتاهم الى البسطاء من الناس بداعي ان نسبهم يمنعهم من ذلك، وفي ذلك ظلم كبير للإنسانية والانسان.
- كيف نعالج هذا التضخم؟
ثمة امور يدعم بها الانسان ذاته كي يحميها من تضخم الأنا ومن ابرز هذه الامور:
- لابد للانسان ان يميز بين صوت العقل وصوت الأنا، واتباع صوت العقل من اجل كسر الدرع الوهمي الذي يدفع الانسان الى السلوكيات غير المتزنة، والسبيل الى ذلك امتلاكنا للوعي الذي يعد البداية الحقيقة للتحرر من تضخم الأنا.
- من الاهمية بمكان ان يدرك اي انسان ومهما كان تحصليه العملي ووظيفته ان الحياة تستمر بفعل تأدية كلٌ منا لدور فيها، والجميع يحتاج الى الجميع وليس لاحدٍ افضلية او منة على احد، وبذا يعرف الانسان حجمه الطبيعي ويبتعد عن الأنا والغرور والتكبر.
- تذكر ايها الانسان انك حين يدفعك الأنا الى النظر الى الناس من الاعلى على انهم اصغر منك، هذه نظرة غير دقيقة، والادق انهم يرونك صغيراً جداً نظراً لبعدك عنهم، لذا لابد لك ان تعود الى مكانك الطبيعي كي تراهم ويرونك على طبيعتك بعيداً عن الوهم.
في الخلاصة نقول: ان جنوح الانسان الى رؤية حقيقته الوهمية بدل الواقعية يكون بمداد العواطف وبتأجيج الأنا في دواخلنا مما يجعله يرسم واقعاً بديلاً يزيده بعدا عن نفسه وعن عقوله وبالتالي لا يكون على طبيعته ويصبح أكثر زيفاً وتهوراً.