ثقافة رسالية

مقومات الحياة الطيبة (٢) السلم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}

من مقومات الحياة الطيبة، ودعائم العيش الكريم هو السلام.

فما هو السلام؟

 وما هي مصاديقه؟

 وكيف يمكن لنا أن نحققه؟

إن السلام يعني؛ اللاعنف.

ومن مصاديقه؛ اللاعنف(السلم) الأسري، واللاعنف (السلم) الإجتماعي، واللاعنف(السلم) الأممي، واللاعنف(السلم) السياسي، واللاعنف(السلم) مع البيئة، واللاعنف(السلم) مع الحيوان، وغيرها من المصاديق.

إن من يريد أن يحيى حياة طيبة لابد له من إيجاد السلم واللاعنف في حياته، وان أساس العنف يبدأ من العنف الأسري، كذلك السلم بكل مصاديقه يبدأ من السلم الأسري، ذلك أن الأسرة هي نواة المجتمع وهي المجتمع المصغر، فما يحدث داخلها ينعكس على المجتمع وبالتالي على الحياة العامة.

فالطفل الذي يعيش في ظل أسرة تستخدم العنف فيما بين أفرادها، كأن يكون الأب يعنف زوجته ويضربها ويتعامل معها بغلظة أو مع أطفالها، فإن ذلك يؤثر على نفسية الأطفال ويعلمهم على العنف.

📌 الطفل الذي يعيش في ظل أسرة تستخدم العنف فيما بين أفرادها، كأن يكون الأب يعنف زوجته ويضربها ويتعامل معها بغلظة أو مع أطفالها، فإن ذلك يؤثر على نفسية الأطفال ويعلمهم على العنف

 حيث أن مثل هكذا طفل تصبح لديه روح الإنتقام لذلك تراه رداً على العنف الذي تعرض له داخل أسرته يستخدم العنف مع كل ما حوله؛ مع أخوه الأصغر منه، أو مع ما يجد أمامه من الحيوانات الصغيرة الأليفة. فهو يستخدم معها العنف دون أن تؤذيه بشيء، أو مع الطبيعة كأن يعبث بالأشجار والنباتات، أو أنه إذا ذهب إلى المدرسة فإنه يتشاجر مع اقرانه وزملائه، أما إذا كبر هذا الطفل فإنه تكبر معه حالة العنف ويستخدمه مع زوجته ومع أطفاله، ومع المجتمع، فعلى أقل شيء يثور ويستخدم العنف مع أبناء المجتمع الآخرين وقد تتطور تلك المشاجرة التي حدثت على شيء بسيط وتافه إلى معركة تزهق فيها نفوس ويرتبك السلم الأهلي وينفقد الأمن من المجتمع وتتعرض حياة الناس إلى الخطر.

ونفسه هذا الطفل الذي بدأ حياته على العنف داخل الأسرة، فإنه إذا دخل مجال السياسة لاشك انه يستخدم فيها العنف ويترك جانب الحوار والتفاهم والتعاون، وإذا ما وصل إلى مناصب عالية وأصبح صاحب قرار، فإنه للحظة غضب قد يتخذ قراراً خاطئاً يستخدم فيه العنف ويبدأ الحرب ويعرض حياة الشعوب إلى الخطر ولا يأبه بالسلم الأممي.

وكشاهد على ذلك ما يذكره (هتلر) ذلك الرجل السفاح الذي قتل الملايين، يقول في مذكراته الموسومة بـ(كفاحي)؛ كان أبي وأمي يتشاجران فيما بينهما، فيبرحاني ضرباً!

فإذن العنف وعدم السلم يعكر صفو الحياة ويسبب الشقاء فيها، أما السلم والسلام فإنه يوفر الحياة الطيبة السعيدة والعيش الكريم، لذلك جاءت النصوص الدينية التي تحث على السلام وتدعوا إليه وتنهى عن العنف، ومنها النصوص التي نهت عن استخدام العنف مع الزوجة او في تربية الأولاد وأمرت بالعطف واللين في التعامل داخل الأسرة.

📌 جاء عن رسول الله، صلى الله عليه وآله أنه قال :”أيما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث اقامه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق فيفضحه فضيحة ينظر اليه الأولون والآخرون”

 فقد جاء عن رسول الله، صلى الله عليه وآله أنه قال :”أيما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث اقامه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق فيفضحه فضيحة ينظر اليه الأولون والآخرون”.

وعنه أيضاً، صلى الله عليه وآله وسلم : “خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم، ثمّ قرأ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: “لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها”.

وكذلك نهت النصوص الدينية عن الغضب وأمرت بكظم الغيظ والصفح وعدم إيذاء الآخرين ونهت عن الاقتتال وأمرت بالسلم، وجعلت السلام شعار الإسلام وتحية المسلمين هي السلام،

ومن تلك النصوص هي: ما جاء في آيات الذكر الحكيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وكذلك {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} و{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.

وعن رسول الله، صلى الله عليه وآله قال: “من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه واعلم أنّي ساُشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت متخوّفه، واعلم أنّ خلاصك ونجاتك من حقن الدماء وكفّ الأذى من أولياء الله، والرفق بالرعية، والتأنّي وحسن المعاشرة، مع لين في غير ضعف وشدّة في غير عنف”.

وعن أبي جعفر، عليه السلام قال: “إنّ الله رفيق يحبّ الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف”.

 كما أن السلام هو الوجه الأبرز للأمن الذي حثت عليه وبينته النصوص الدينية وجعلته أحد مقومات الحياة الطيبة وقد تكلمنا عنه في مقال سابق. كل ذلك من أجل أن يوفر الدين الإسلامي الحياة الطيبة للناس، فمن أراد ذلك عليه أن يلتزم بما جاء به الإسلام ويطبق تعاليمه ووصاياه وأحكامه.

عن المؤلف

الشيخ حسين الأميري

اترك تعليقا