كل عمل اذا اتممناه بقواعده قد نشعر بالعناء في البداية، وهذا أمر طبيعي جدا، لان المحصلة سوف تكون راحتنا لاحقا، كذلك التربية وكيفية التعامل مع الاولاد عند نضوجهم، فإن كان إساس العائلة صحيحاً، والتعامل مبني بصورة علمية تربوية، فسوف تكون النشأة صحيحة، وهذا يترجم نجاحنا بجعلهم عناصر فعالة في المجتمع.
المشكلة اننا نجهل الكثير في كيفية التعامل مع مشكلات مرحلة المراهقة، ولا نحتويها بصورة صحيحة، فكثرة المشاكل التي يقع بها المراهق لها اسبابها الخاصة التي تقوده لارتكاب الخطأ مراراً وتكرارا، وهذا لا يعني اننا نعطي مبررات له، لكن هناك اسباباً لذلك حيث يمكن معالجتها وتفاديها قبل وقوعها، لكي نحصل على جيل مثقف وواعي من الشباب. إنّ المشكلات التي تطرأ على المراهقين سببها الرئيسي هو عدم فهم طبيعة و احتياجات تلك المرحلة من قبل الآباء والمربين، وكذلك عدم تهيئة الطفل لهذه المرحلة قبل وصولها؛ ولهذا يحتاج المراهقون في هذه الفترة الحساسة من حياتهم الى التوجيه والارشاد بعد تفهّم و وعي لهذه السلوكيات، من اجل ضبط تصرفاتهم وتهذيبها، وحتى نحافظ عليهم من الانحراف والانجراف وراء رغباتهم ونزواتهم، فنحتاج الى تعامل يتسم بالهدوء والشفافية واللطف، بعيداً عن القسوة في التعامل الذي لاينتج عنه سوى العناد والاصرار على الخطأ.
ما أهم المشكلات التي يواجهها المراهقون؟
يعاني المراهق من مشاكل كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المقال، ولعل ما سأذكره كنقطة في بحر يمثل ابرزها:
1- تقليله من احترام الوالدين
حيث يُظهرعدم الاحترام لوالديه؛ مثل السخرية من آرائهما وتفكيرهما بأمر معين، ومن البديهي صعوبة تقبل هذا التصرف من قبل الآباء، ولكن يجب أن يدركوا أن جزءاً من المراهقة يتعلق بالفصل والتمييز، والعديد من المراهقين بحاجة للشعور بالاستقلالية من أجل العثور على هويتهم الخاصة.
وكحل مقترح لتلك الحالة رغم صعوبتها، هو التزام الهدوء، ومحاولة التغلب على مرحلة التمرّد في هذا السن، بشرط عدم تجاوز المراهق قواعد السلوك العامة أو الإساءة اللفظية، ويجب تحذيره أنه: “إذا لم تستطع قول شيء لطيف، فلا تقل أي شيء على الإطلاق”.
📌 يجب أيضًا التأكيد له أن اسرته موجودة طول الوقت من أجله حتى لو رفض، فمع مرور الوقت ستبنى الثقة بين الطرفين
ويجب أيضًا التأكيد له أن اسرته موجودة طول الوقت من أجله حتى لو رفض، فمع مرور الوقت ستبنى الثقة بين الطرفين وتضمحل تلك المشكلة شيئاً فشيئا.
2- إدمان الأجهزة الالكترونية باشكالها
عصر السرعة والتكنولوجيا القى بظلاله على العالَم الواقعي بشكل كبير، لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب الالكترونية وغيرها، حيث جعلت الأشخاص، ولا سيما المراهقين أقل تواصلاً مع الآخرين، ومع الأهل أيضًا.
مع ذلك؛ فإن حظر استخدام جميع الأجهزة الإلكترونية يُعد أمراً غير مقبول؛ لأن تواصل المراهقين مع أصدقائهم أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى معظمهم.
والحل المنطقي لتلك المشكلة هو النظر للأمر بصورة موضوعية شاملة، فإذا كان المراهق مستواه جيد في المدرسة، ويؤدي واجباته في المنزل، ولا ينفصل تماماً عن الحياة الأسرية، فيجب عدم حرمانه من أجهزته الإلكترونية، ولكن يمكن وضع بعض القواعد لتنظيمها مثل:
أ- تحديد وقت معين لاستخدامها.
ب- عدم الانشغال بها أثناء تناول الطعام.
ج- غلقها قبل وقت النوم بساعة واحدة على الأقل.
د- مراقبة ما يفعله المراهق عندما يكون متصلاً بالإنترنت، خاصةً مواقع التواصل الاجتماعي.
هـ- التحقق من عناصر التحكم في الإنترنت والبرنامج الأبوي لمراقبة استخدام أي مواقع مشكوك فيها.
3- التأخر عن موعد العودة للمنزل
وتعد هذه من المشاكل المتكررة التي يعاني منها الأباء والمربون، وبكل تأكيد ان تكرارها يعود لافتقارهم لمعرفة أسبابها.
أما معالجتها فتكون عن طريق بذل بعض المجهود لمعرفة موعد عودة أصدقائه لمنازلهم، قبل فرض موعد عودة المراهق للمنزل، كي لا يكون الفرق كبير.
ويمكن منحه بعض المرونة وإعطاءه فترة سماح مدتها 10 دقائق، ولكن إذا تأخر أكثر من هذا، تحدد العقوبة التي يراها الاهل مناسبة، كعدم الخروج لمدة أسبوع، مع اهمية التحدث مع المراهق عن أسباب تأخره.
4- السلوك غير الجيد للاصدقاء
لا نستطيع منع المراهق من تكوين الصداقات، كما لا يمكننا التحكم في شخصيات أصدقاءه، وقد لا يعجبنا سلوك بعضهم وبالتأكيد هذه مشكلة متكررة.
والحل يكون بعدم انتقاد أصدقاءه أبداً، لانه مرتبط بهم لدرجة أنه يشعر أن انتقادهم هو انتقاد شخصي له.
📌 الحل في مراقبة الأصدقاء غير المرغوب بهم لا يكون بانتقادهم، لانه مرتبط بهم لدرجة أنه يشعر أن انتقادهم هو انتقاد شخصي له
اما إذا كان يصادق أشخاصاً يعانون من مشكلات خطيرة؛ مثل اهمال الدراسة، أو التدخين أو غيرها، حينها يجب التدخل فوراً وانتقاد المشكلة ذاتها، والتحدث عن مخاطرها مع المراهق، إضافة الى طلب الاستشارة من المتخصصين في هذا المجال لمعرفة أفضل طريقة لحمايته في تلك الحالة.
5- المبالغة في المشاعر
قد نلاحظ أن كل شيء أصبح يمثل مشكلة ويسبب الضيق والحزن للمراهق، وكلما حاولنا مساعدته يغضب ويرفض المساعدة، فعلينا ان لا نقلق، فالمبالغة في المشاعر من أهم سمات مرحلة المراهقة.
وحل تلك المشكلة في أخذ ما يشغل بال المراهق مهما كان على محمل الجد، ومحاولة تفهم مشاعره في تلك اللحظة.
اذن يتضح لنا مما سبق ان الاسرة الواعية بالثقافة التربوية الصحيحة، ستنجح في كبح جماح تلك المرحلة الحساسة والخطرة في حياة ابنهم، وستتمكن من رسم خارطة طريق واضحة للمراهق، تساعده في الخروج من أي ازمة يواجهها، اما اذا كان العكس حينها سيصعب اكمال الطريق وتتفاقم المشكلة وتكبر الفجوة وبالتالي ستخسر الاسرة الروابط بكل اشكالها التي تجمعها بأولادها.