تربیة و تعلیم

طريقة المناقشة في التدريس

طالما تسعى التربية الى توجيه المتعلم باتجاه خلق العنصر الايجابي داخل مجتمعه، من خلال وضع الأهداف التي ترسم له الطريق بمراحل التعليم المختلفة ومما هو معلوم لا يكون ذلك إلا خلال منهج تعليمي، يضمن المحتوى المتكامل الذي يهتم بأبعاد شخصية المتعلم المختلفة، فضلا عن عناصر المنهج الأخرى، ومما يجعل ذلك ممكنا وقابلا للتحقيق وكمرحلة أولى في سبيل صنع شخصيته، هو اختيار الطريقة المناسبة التي عن طريقها أيصال تلك المعلومات والمعارف والقيم المختلفة التي يتضمنها ذلك المنهج.

 وبطبيعة النمو الفكري للإنسان وكمرحلة متقدمة من تطوره في جوانب الحياة المختلفة، والذي يعكس مدى التكامل أو القابلية التي يمكن ان تتقدم على مرحل الإنسانية الأخرى، إذ نجد بطبيعة الحال نحن بحاجة الى تعليم فعالٍ يقوم بالأساس على جعل المتعلم ايجابيا لا سلبيا أي نشطا.

 ومن ذلك نجد الدعوات الحالية في مجال التعليم حددت معالم التعليم الذي يناسب ذلك، وهو ما نسميه بالتعليم النشط، بناءً على مدى الفاعلية ومدى إشراك المتعلم في العملية التعليمة خلال الموقف التعليمي، وهذا ان دل على شيء، إنما يدل على أننا بحاجه طرق تعليمية تجعل من المتعلم نشطا خلال الموقف التعليمي، ليكون التعلم أكثر ثباتا وبقاء بحسب ما يراه أصحاب الاختصاص.

 ومن الطرائق التعليمية التي يمكن استثمارها في هذا المجال؛ هي طريقة المناقشة مع أنها تعتبر من الطرق التقليدية التي أُسثمرت في مجال التعليم بمراحل تعليمية عميقة من التاريخ، حتى ان البعض يسميها بالطريقة السقراطية، إلا أننا نجد ضرورة تسليط الضوء على هكذا طريقة تعليمية قيمة، يمكن ان نجعل منها حلقة وصل ناجحة بين المنهج والمتعلم.

📌 بطبيعة النمو الفكري للإنسان وكمرحلة متقدمة من تطوره في جوانب الحياة المختلفة، والذي يعكس مدى التكامل أو القابلية التي يمكن ان تتقدم على مرحل الإنسانية الأخرى

 ومن ذلك عُرفت هذه الطريقة ـ أي طريقة المناقشة ـ بأنها طريقة الحوار الهادف تعتمد أسلوبا للوصول الى نتائج معينة، تكتسب أراء المناقشين وعمادها المشاركة الفعلية المنظمة للمتعلمين، وتحت أشراف معلمهم وتوجيهه (معلميهم أو اقرأنهم)، فقد يتولى المعلم المناقشة، أو يكلف المتميز من المتعلمين، أو مجموعة منهم لإدارتها وفق خطة يضعها على ان يبقى وفي جميع الأحوال مصدرا للتوجيه والإرشاد والإشراف والتنظيم.

 وتأخذ طريقة المناقشة أساليب متعددة تختلف بحسب الظروف والإمكانات المتوافرة، ومما لا يجب ان يفوتنا في هذا المقام، أن مثل هكذا طريقة تتطلب بيئة مدرسية بالقدر الذي يجعلها بيئة صالحة للتعليم، بالمقارنة بما عليه الموقف التعليمي العام لمدارس الابتدائية من عدم توفر البنية التحتية، وعدم توفر الوسائل المتممة للعملية التعليمة على مستوى المادي والمعنوي، فضلا عن زخم أو كثرة أعداد التلاميذ داخل حجرة المدرسة، وهي من أبرز ما تعانيه مدارسنا كمشكلة تقف دون تحقيق ما هو اقرب لما وصلت اليه مدارس العصر الحالي.

 ومع ذلك أنا نجد الوقوف أو الإلمام بهكذا طريقة يمثل رافداً مهما لشخصية المعلم، اذ يمكن أن يستثمرها في مواقف، أو أوقات معينة لما تكون عليه من أساليب تختلف بحسب المشتركين في هذا النقاش، لذا نجد هناك ما تسمى في مجال التعليم بالمناقشة الجماعية التي يتعاون فيها عدد من المتعلمين لا يزيد عن ستة ومن بينهم مقرر ويجلسون على هيئة نصف دائرة ليناقشوا جوانب الموضوع.

 ويتولى المقرر توجيه مساهمة المشتركين فيوزع الأسئلة بينهم للإجابة عنها وبعد الانتهاء يطلب من المتعلمين الحضور توجيه الأسئلة، وبعد ذلك تلخص النتائج النهائية وهذا النوع من النقاش يفيد عند التداول حول المشاريع الفنية وأساليب تنفيذها وجلسات السمنار.

📌 الأسلوب الآخر من أساليب المناقشة في مجال التعليم يسمى بحلقة المناقشة، ويمثل الأسلوب من ثلاثة أو أربعة متعلمين

أما الأسلوب الآخر من أساليب المناقشة في مجال التعليم يسمى بحلقة المناقشة، ويمثل الأسلوب من ثلاثة أو أربعة متعلمين، يوكل لكل منهم أعداد أجزاء من الموضوع، ويتولى المعلم توزيع الأدوار حسب خطة مسبقة وبعد الانتهاء من عرض الموضوع يفسح المجال للمتعلمين الحضور بتوجيه الأسئلة الى أعضاء الحلقة، بعد ذلك يلخص المقرر الحقائق الأساسية التي تضمنتها المناقشة والنتائج التي تم التوصل إليها، وتوظف حلقات المناقشة بفعالية عند الدراسة التصاميم وتقسيم المهمات التدريسية.  

أيضا هنالك أسلوب آخر ما يسمى بالمناقشة الثنائية والذي يعتمد فيه على تلميذين يقوم احدهما بدور السائل، والآخر بدور المجيب، ويُستخدم هذا الأسلوب في الموضوعات ذات الصبغة الجدلية التي تتطلب حوارا بين طرفين.

ومع فعالية هذه الطريقة في التعليم أو غير التعليم، كالندوات وغيرها يمكن ان نقف على مزايا هذه الطريقة التدريسية بشكل يظهر فوائدها والتي يمكن اندرجها بشكل نقاط متعددة:

  1. تنمية قدرات التلاميذ على التعبير عن أرائهم بحرية وصراحة، وتساعدهم على تقبل وجهات النظر المخالفة لأرائهم ومناقشتها بأسلوب علمي دقيق، وتنمي فيهم روح المسؤولية الجماعية، والتعاون، والثقة بالنفس وهذا ما ينسجم مع أهداف الفلسفة التربوية الاجتماعية للتعليم بشكل عام.
  2. تغرس في التلاميذ عادات السلوك الجيد، وتقيم بينهم وبين معلميهم علاقات الود والتواضع والاحترام المتبادل والتماسك وتقدير النظام من اجل تحقيق فوائد ومصلحة الجماعة.
  3. تؤمن تربية التلاميذ في ضوء الشروط اللازمة للقيادة الطلابية التي يحتاجونها في المراحل اللاحقة من حياتهم الطلابية والعملية، اذ تستثمر قدراتهم واستعداداتهم في النمو من خلال التدريب والممارسة الفعلية أثناء الدرس من خلال منحهم الفرصة لقيادة الصف.
  4. تمكن المعلم من معرفة تلاميذه واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية والعلمية ويسعى الى تطمينها لهم.
  • المصادر
  1. الكناني ماجد نافع والكتاني فراس علي، طرائق تدريس التربية الفنية،ثائر جعفر العصامي للطباعة الفنية الحديثة، بيروت- لبنان، 2012.
  2. الحسون وآخرون ، طرائق التدريس العامة، ط7، مكتب فرح للطباعة، بغداد- العراق، 1993.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا