البشر متشابهون كونهم يملكون الهيكل والقوام والمشاعر والحواس، والروح والعقل وهذا الأهم، مختلفون كون تلك النقاط تكون شخصيات مختلفة وطباع مختلفة، حيث لكل إنسان بصمته الخاصة لا تشبه غيره وهذه من قدرة الخالق وحكمته ـ سبحانه ـ، وهذا ما يجعل لكل إنسان هويته الخاصة المستقله عن غيره مهما كان الصلة، وهذا الاختلاف هو ما يجعل الانسان حينا مميزا وحينا منحط.
- كيفية التعامل مع الاختلاف؟
الانسانية تظللنا جميعا السماء، الرحمة، الود، العطف، التسامح، السلام، مرتكزات اساسية توصلنا لبر الامان والسكينة، وبما إن الكون مبني على التوازن، وبما إن الصراع قائم بين متناقضات الخير، والشر، والإيجابي، والسلبي، فمن هنا نجد إن لكل انسان رسالته الخاصة، ورسالة الخيرين هي تحقيق التوازن بنشر السلام، فالتشابه قائم على العقل والتفكير وتحقيق الفكرة واقعا لتتم الرسالة.
أما الاختلافات بين البشر كثيرة وأساس هذا الاختلاف يكمن في الجينات بالكروموسومات وبالتحديد ال DNA في خلايا جسم الانسان حيث توجد ما يقارب 50.000 – 100.000 او اكثر جين وكل زوج من هذه الجينات مسؤول عن ظهور صفة واحدة، من خلال هذا التعقيد ندرك كم الاختلافات وبالتالي علينا تقبل هذا الاختلاف..
ومن هنا تختلف الصفات والطباع والتفكير وأمور عديدة لا تحصى يختلف ترتيبها من الأهم الى الأقل أهمية بالنسبة لكل إنسان وهذه الاختلافات فهي تسبب الكثير من الصراعات والحروب مهما كانت بسيطة.
📌 بالاختلاف نكمّل بعضنا بعض ويضيف بعضنا لبعض الأفكار والخبرات كالمدرسة؛ فالطالب لايأخذ الدروس من معلم واحد، بل هناك مدير ينظم آلية العمل وخطة للدروس وهناك معلمين كل معلم يختص بعلم مختلف فيمنحه للطالب
ليس من حق إنسان أن يجبر آخر على اتباع جهة أو دين أو معتقد: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}. (اية 256/ سورة البقرة).
فالأمر قائم على النقاش الحضاري وعلى الدلائل بدوره يحافظ على السلام، وإلّا فعدم التقبل وتعارض الاراء قد يؤدي لكسر رابط المودة والرحمة، وايذاء النفس البشرية وكسر دائرة السلام، ورسالة الدين هي الإنسانية والسلام فلنحافظ على رسالته.
ففي الارض أساسا شعوبا وقبائل لم تتحدث لغة واحدة، بل تعددت اللغات، وتعددت الاختلافات للتعارف وتبادل الثقافات وهي لا تتعارض مع القوانين الكونية.
وردة الفعل لكل موقف هي ما تحدد النتائج أما الحب أو الحرب وتقبل الإختلاف وآداب الحوار والإحترام، كفيل بأن لا يتحول الإختلاف الى خلاف، بل يحفظ الكرامة ويقوي أواصر المحبة والرحمة والسلام بين الناس مما يزيد من فرص التعاون. ” ليس من العجيب أن يختلف الناس في ميولهم وأذواقهم ولكن بالأحرى العجب ان يتخاصموا من أجل هذا الاختلاف”. علي الوردي.
ومن أكثر ما يثار في موضوع الاختلاف؛ الاختلاف في فهم الحرية، وماهي؟ وكيف نجد لها مصاديقها العملية والصحيحة على ارض الواقع؟
وبما ان اغلب الصراعات قائمة تحت مبرر “إنها حريتي” فيجب توضيح ان الحرية بمفهومها الصحيح لاتتعارض مع السلام ولا مع مايخدم البشرية، فالحرية ليست مطلقة وانما محددة بضوابط، وبما ان هذا الأمر صعب السيطرة عليه والالمام به دون صراعات وضوابط تحفظ الحدود فيجب التوضيح على وجه السرعة ان الحرية تأخذ منحنيين:
1- حرية شخصية بحته؛ كألمأكل، المشرب، المسكن، السفر، والعمل.. وهذا لاغبار عليه .
2- حرية شخصية ذات بعد اجتماعي: وهذا قد يؤثر سلبا على الآخرين لان الفرد قد يؤذي غيره تحت مسمى حريتي، وهنا تتعارض مع مفهومها السليم، فالنقاش يكون بالتوضيح بالدلائل باسلوب مرن، وبعدها يأتي دور الأشخاص، او الجهات المسؤولة من الأب، أو الأم وحتى الجهات المختصة بحفظ حقوق الانسان، والموضوع له تفاصيل لايسع المقال لذكرها.
اذن؛ بالاختلاف نكمّل بعضنا بعض ويضيف بعضنا لبعض الأفكار والخبرات كالمدرسة؛ فالطالب لايأخذ الدروس من معلم واحد، بل هناك مدير ينظم آلية العمل وخطة للدروس وهناك معلمين كل معلم يختص بعلم مختلف فيمنحه للطالب، وبهذا تصبح وحدة بناء متكاملة وكل فرد فيها هو جزء لا يتجزأ عن البقية في العطاء والاخذ والتوازن.
الاختلاف هو ما يجعلنا نرتقي أو نسير نحو الانحطاط وهذا يحدده الأسلوب وطريقة المعاملة وهذا يختاره الإنسان لنفسه ولغيره لا يحدده المقابل، فبكل الأحوال أمامي اختيارين: إنسان جيد أو سيء.
وللتعامل أمامي اختيار واحد هو: “ما أنا عليه وما أود أن أكون عليه وما أود أن ينتشر في العالم.”