يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “ورضي بالذل من كشف ضرّه”.
هنالك بعض الناس في الحياة متذمرون، ويوحون الى أنفسهم بالتذمر، ويعيشون في حالة من الشقاء النفسي، فترى الفرد من هؤلاء شاكٍ دائما لما حوله؛ فإن اُعطي كوخا شكى مما هو فيه، وإن اعطي قصرا ـ ايضا ـ شكى مما هو فيه، ولذا لن ينجح في هذه الحياة إنسان غير متفائل، ويعيش حالة التذمر.
من اسباب النجاح التفاؤل، أما الإنسان الذي اينما جلس يتذمر من كل شيء: ليلة أمس لم أنم بشكل صحيح، طعامي هذا اليوم غير جيد، الهواء حار..، فهل يطيق أحدنا الجلوس الى هكذا إنسان؟
📌 الناس يرغبون في اناس كالأزهار؛ متفتحون ويعطون ريحاً طيّبة، يَشيع التفاؤل في بينهم، وعلى عكس ذلك لا يرغبون في الجلوس الى انسان متذمر شاكٍ
الناس يرغبون في اناس كالأزهار؛ متفتحون ويعطون ريحاً طيّبة، يَشيع التفاؤل في بينهم، وعلى عكس ذلك لا يرغبون في الجلوس الى انسان متذمر شاكٍ؛ من حياة، وعائلته، ومجتمعه.
قد يعيش الانسان بألم في نفسه لكنه لا يكشفه لانه يراه ذلاً، أما الذي يكشف ضرّه للآخرين فهو راضٍ بالذل، وفي الواقع أن كشف الضر شُعبة من شُعب التذمر الذي يؤدي الى خمول الروح، وانبعاث اليأس، وكلاهما مذموم، فهما من اسباب الفشل، فالمطلوب أن يتحمّل الإنسان مشاكله، وأن يَشيْع التفاؤل بين الناس.
يقال ان رجلا شكى الى رجل وجع ضرسه وأنه لم ينم الليلة البارحة بسبب الألم، فقال له: ويلك لقد ذهب نور عيني منذ ثلاثين عاما ولم أخبر أحدا.
ايظن الانسان أنه حين يذكر مشاكله يرتاح الناس إليه؟ إن الانسان في الواقع يشتكي الى احد شخصين: صديق يسوؤه ذلك، او عدو يسره. فلماذا يكشف البعض منا ضره ومشاكله للآخرين؟
صحيح أن الانسان يبحث عن حل لمشاكله، لكن أن يشكو دائما فليس بالامر الجيد، ولذا يجب أن يتعلم الفرد تحمّل المشكلة دون كشفها، ثم أن من يشكف عن ضره، فإنه يوضح عن نقطة ضعف في نفسه، ويبين قلّة تحمله، فهو في هذه الحالة يرضى لنفسه بالذل، وهذا يشبه من يرضى أن يكون ذليلا في مجتمعه.
فيما يقال من الكلمات الحكيمة: “أن لا تكشف حتى السوء الذي تتعرض له من الآخرين”، فالكلمات البذيئة التي يتعرض لها الانسان هو نفسه من يكشفها وينشرها، فإذا اُتهم بتهمة ما، فإنه هو من ينشر تلك التهمة، فيذيع بين الآخرين: فلان اتهمني.. وفلان قال فيَّ كذا وكذا، ولعل الآخرين لم يسمعوا ذلك، لكنه هو من يشكف ذلك لهم!
📌 صحيح أن الانسان يبحث عن حل لمشاكله، لكن أن يشكو دائما فليس بالامر الجيد، ولذا يجب أن يتعلم الفرد تحمّل المشكلة دون كشفها..
يجب أن يكون الإنسان المؤمن كالبحر؛ فحينما تنظر إليه تراه هادئا، ولكن في أعماقه معارك، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: المؤمن حزنه في قلبه وبشره في وجهه”.
إن مشاكل الحياة لا تنتهي وكل الناس مبتلون بمشاكل عديدة، لكن الفرق بين الانسان السلبي والايجابي، أن الأول يكشف عن مشاكله وهمومه الشخصية دون البحث عن حلول، ودائما ما يُرى الانسان السلبي متشائم ومتذمر دائما، أما الايجابي فإن يطرح مشاكله وهمومه ليجد لها الحلول الناجعة، ومع ما تحيط به من مشاكل، تراه ايجابيا، ويشيع التفاؤل والامل بين ابناء مجتمعه.
_____________________
- مقتبس من محاضرة لآية الله السيد هادي المدرسي.