فکر و تنمیة

عمالة الاطفال.. قتل للطفولة واستلاب للحقوق

لا ذنب لهم سوى انهم خلقوا في عوائل اودعتهم في الشوارع، حُرموا و أُذوا واستغلوا كثيرا، ونالت منهم الايام ما نالت، تركوا دراستهم وسكنوا اماكن العمل. احرقتهم الشموس وانتزعت منهم أبسط ما يجب ان يتمتعوا به في طفولتهم. و رغم انهم ضحايا إلا انهم يُلامون في كثير من الاحيان، وهذا نوع آخر من انواع الظلم الاجتماعي لهم. انهم الاطفال الذين تصدوا في مراحل متقدمة من عمرهم للعمالة، وعانوا نتيجة لذلك نفسياً وعلمياً واجتماعياً.

  • احصائيات عالمية لعمالة الاطفال

في احصائية لمنظمة العمل الدولية تشير إلى “وجود نحو 73 مليون طفل من سن 10 إلى 14 عاما يُعدون عمالاً دائمين، مما يعني ان العدد الحقيقي للعمال الأطفال يبلغ في الواقع نحو 120 مليون طفل في العالم تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاماً، وأكثر من ضعف هذا العدد أي نحو 250 مليون طفل باتوا يمارسون مختلف الأعمال، وبذلك نرى أن 370 مليون طفل هم من العمال الأطفال الذين يمارسون أعمالا مختلفة، وفي حالة ما أن أصيب واحد من بين عشرة أطفال عاملين إصابات عمل تؤدي إلى إعاقة مستديمة فإنه يبقي لدينا حوالي 37 مليون طفل معاق بسبب تلك المشكلة الخطيرة، وذلك على المستوى العالمي”.

تترك عمالة الاطفال آثاراً سلبية للغاية، وهذه الاثار تنعكس بالضرورة على المجتمع بصورة عامة، وعلى الاطفال ذاتهم بصورة خاصة، فقد اصبح استغلال الاطفال و زجّهم في اعمال غير مؤهلين لها جسدياً ولا نفسياً للقيام بها.

📌 إن عديمي الانسانية والرحمة يفضلونها لدواع عديدة منها؛ قلة ثمن اجورهم بالمقارنة مع العمال الكبار، مع اخلاصهم في العمل، الامر الذي يؤدي الى زيادة انتاجيتهم

ولايزال الاستغلال للطفال مستمراً رغم رفض الديانات السماوية له، وبالخصوص ديننا الاسلامي الحنيف، إذ أن الله لا يُكلف نفساً إلا وسعها، واليوم في عصرنا الحالي جرمت العديد من الاتفاقيات الدولية استغلال الطفولة، و أعدت الامر عدم اعتراف علني بحق الاطفال، ودعت الى حمايته الطفل من الاستغلال، ومن أداء أي عمل يمكن ان يتسبب بإعاقة أو يكون ضاراً بصحته، أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.

  • لماذا تفضل عمالة الاطفال؟

عمالة الاطفال التي رغم كونها تهدد سلامتهم وصحتهم الجسدية والنفسية إلا انه لا تزال دائرتها في اتساع دائم، إذ إن عديمي الانسانية والرحمة يفضلونها لدواع عديدة منها؛ قلة ثمن اجورهم بالمقارنة مع العمال الكبار، مع اخلاصهم في العمل، الامر الذي يؤدي الى زيادة انتاجيتهم، كما أنهم (أرباب العمل) يستغلون ضعف حال الاطفال وعدم قدرتهم للدفاع عن انفسهم وعدم رفض أية مهمة توكل اليهم، اضافة الى حاجتهم الحقيقية للمادة.

📌 الاطفال الذين يعملون في ظروف عمل قاسية لا تناسب اعمارهم، يتعرضون الى تهديدات نفسية كبيرة تفقد توازنهم النفسي، وهو ما يؤدي الى الانطواء والشعور بالاكتئاب واليأس

  • ماهي التأثيرات التي تترتب على عمالة الطفل؟

جملة تأثيرات تلقي بضلالها على شخصية ونفسية الطفل حين يكون مكانه العمل ومن اهم هذه التأثيرات:

  • أولاً: التأثيرات البدنية

إذ يتعرض الطفل حين يواجه ظروف العمل، وهو في سن صغيرة، الى اضرار جسمانية تؤخر من نموه الجسدي، كتعرضه الى ضعف البصر، وضعف السمع، وامكانية تعرض احد أعضاءه الى الكسر، او التعرض للجروح والكدمات نتيجة ضعفه وقلة خبراته في التعامل مع الآلات، او نتيجة لوقوعهم من اماكن مرتفعة، بالإضافة  الى حالات الاختناق الناتجة عن التعرض للغازات السامة وصعوبة التنفس أو النزيف.

  • ثانياً: التأثيرات العقلية

من الطبيعي حين يغادر الطفل دراسته وهو في هذا السن، فهذا سيؤثر على نموه وتطوره المعرفي، كما تغيب عليه الكثير من الامور العقلية المتعلقة بالتحليل والاستنتاج والحسابات وكل العمليات الذهنية، وهو ما يجعله انساناً عادياً غير مبدع، ويقل لديه التطور العاطفي ايضاً، فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسري وتقبله للآخرين، وذلك جرّاء بُعده عن الأسرة وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل اقرانه في العمل.

  • ثالثاً: التأثيرات النفسية

تشير الدلائل الى ان الاطفال الذين يعملون في ظروف عمل قاسية لا تناسب اعمارهم، يتعرضون الى تهديدات نفسية كبيرة مما يفقد توازنهم النفسي، وهو ما يؤدي بالنتيجة الى الانطواء والشعور بالاكتئاب واليأس والرغبة في بعض الحالات الى العيش هامشياً ولا يعنيهم امر الدنيا بأجمعها.

  • رابعاً: التأثيرات الاخلاقية

معظم الاطفال الذي يذهبون لسوق العمل، تختلف سلوكياتهم عن الاطفال العاديين، فهم يميلون الى استخدام العنف الجسدي مع اقرانهم، واستخدام ألفاظ وعبارات نابية على الناس، وقد يصل بهم الامر الى التعدي على الذات الالهية، وتقل عنده القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب.

جميع هذه الآثار يتحملها الطفل المسكين حين يودع في سجن العمل المبكر، لذا هي دعوة الى انصافهم في حقوقهم الحياتية، ومنها حق التعليم، وحق السفر، وحق ممارسة الهوايات وغير ذلك من الحقوق الطبيعية التي يجب ان يتمتع بها اي انسان.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا