أسوة حسنة

حين تغيّب عقدة الحقارة عقل الانسان.. أعداء أمير المؤمنين انموذجاً

يُنبؤنا التاريخ؛ القديم منه والحديث، وحتى الاحداث المعاصرة، بصور لسلوكيات انسانية ليست سوية واختلالات في التوازن تبعد الانسان عن آدميته الى الحد الذي يجعله يقترب من الحيوانية اكثر من الانسانية، ويكاد يكون تفسير هذه السلوكيات؛ المحيرة تارة، والمحزنة تارة اخرى، صعباً الى حد بعيد، لاسيما عند غير المُختصين، لذا صار من واجبنا تبيين الاثر الذي تتركه العوامل في شخصية الانسان وعموم تحركاته كما سكناته.

📌 سيدي القارئ الفاضل

جميع سلوكيات الانسان لم تحدث بمحض الصدفة مطلقاً، إنما تأتي نتيجة إثارة معينة تقابلها استجابة معينة وهذه الحتمية النفسية لن يستطيع احد تفنيدها او ان يأتي ببديل عنها، وبموجبها يمكن ان نفسر كل ما يقوم به الانسان نتيجة لاستقراء تصرفاته والبحث في ما وراء السلوك، وهذه هي وظيفة علم النفس بصورة عامة.

ومن السلوكيات الانسانية المؤذية للفرد ولمن حوله هي احساسه بالحقارة التي تعد من اكثر الحالات النفسية ألماً وتأثيراً في شخصية الانسان، لاسيما عندما تصيبه منذ الأدوار الأولى من حياته، و إن اشتدت هذه الحالة الروحية و أوغلت في الضمير الباطن، وتحولت فيما بعد الى عقدة نفسية تجر وراءها سلسلة من الآثار الوخيمة والنتائج المؤلمة والمآسي الكثيرة.

📌 ماهو اثر عقدة الحقارة على الانسان؟

هذه العقدة تدخل الانسان في صراع روحي شرس بين شخصيته الطبيعية وبين شخصيته المتأثرة بالعُقدة، وهنا تفقد الاعصاب قدرتها بالتدريج، ويصاب الإنسان بمرض نفسي خاص ليبدأ بالبحث عن التعويض عن حالة النقص التي تشغله وترهقه نفسياً وتجعله فاقداً لصوابه تائهاً في دروب الحياة، ولن يقف الامر عند ايذاء النفس؛ بل قد يتعدى الى ايذاء المحيط انتصاراً لنفسه المريضة و اهواءه الباطلة.

⭐ أُجزم أن المعادين لخط الامام علي، عليه السلام، يملكون من الافكار الانهزامية ما جعلهم يقتنصون كل لحضة للإيقاع به لانهم لكونهم جبناء وعاجزين من تغيير حالهم نحو الافضل

ولأننا نعيش ايام ذكرى استشهاد امير الانسانية، وعرابها العظيم، الإمام علي بن ابي طالب علي، عليه السلام، رأينا من الضروري ان نتعرض لموضوعة استهداف الامام طوال حياته، وصولاً الى شجّ رأسه الشريف في محرابه ليلة التاسع من شهر رمضان المبارك سنة 40 للهجرة، ومن ثم استشهاده، كل ذلك نتيجة لشعور اعداء الاسلام بالدونية والحقارة وعدم امتلاكهم الشجاعة للإقرار فأفضليته عليهم، فكان ما كان.

📌 اسباب الحقد على أمير المؤمنين

سنشير الى عدة اسباب موضوعية جعلت من المناوئين للأمام علي بن ابي طالب، ينصبون له العداء ويتحينون الفرص للإيقاع به وايذاءه، ومن هذه الاسباب بأختصار:

📌 أولاً: الولادة غير الشرعية

دائماً ما يعاني أولئك المولودون من فراش غير شرعي من عقدة الحقارة، وعندما يتلوث نفسياً بسبب جريمة أبويه بارتباطهما ارتباطاً جنسياً محرماً، و اغلب من خالفوا الامام، عليه السلام، كانوا ابناء نُطف غير شرعية، والمصداق؛ قول النبي، صلى الله عليه وآله: “لا يُبغضك يا علي إلا منافق او ابن زنا او ابن حيض”، وهذا دليل أبلج على عقدتهم منه، ومن تميزه، مما أنشأ في انفسهم صراعاً داخلياً يقودهم بالنتيجة الى كل أفعال الرذيلة والانتقام، ولعل ما فعله اللعين ابن ملجم، لا يحتاج الى تفسير وبيان اكثر من الذي قيل.

📌 ثانياً: القصور العقلي والنقص الجسماني

يقود قصور العقل او فقدان عضواً في جسم الانسان الى الحقد والحنق على من هم افضل منه او من هم يتمتعون بهذه الخواص، بينما هو لا يمتلكها، فالإمام كان يدرك تماماً ما يُحدثه هذا النقص في سلوك الانسان، لذا كان يقول في دعائه: “اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي، و أوّل وديعة ترجعها من ودائع نعمك عندي”، ويعني بقوله هذا أن يبقى سالماً عن العوارض والعاهات حتى الموت.

📌 ثالثا: التربية السيئة

إن جميع من عارض الامام علي وضايقه في حياته هم الذين لم يتعرضوا لتربية اسلامية صالحة، بل تربوا على الحسد والحقد والنفاق وجميع الموبقات التي توصل الانسان الى الشعور بعقدة الحقارة، ومن ثم بالتأكيد سينشأ عنها معادات الصالحين وقتالهم ومحاولة تحجيم دورهم.

📌 رابعاً: الأفكار الانهزامية الشيطانية

وهي الافكار التي توصل الفرد الى ان يَنحى منحى ايجابي او سلبي، فالإنسان هو نتاج افكاره، وانا اجزم ان هؤلاء المعادين لخط الامام علي، عليه السلام، يملكون من الافكار الانهزامية ما جعلهم يقتنصون كل لحضة للإيقاع به لانهم لكونهم جبناء وعاجزين من تغيير حالهم نحو الافضل، وهذا ما يفقدهم الثقة بأنفسهم و يجعلهم يشعرون بالحقارة والدونية.

📌 في الختام

أيها القارئ المُنصف؛ سواء أكنت موالياً أم غير ذلك، هذه الاسباب منفردة او مجتمعة أدت الى  تكوين جبهة شر قبالة جبهة الخير التي يمثلها العظيم علي بن ابي  طالب، عليه السلام، لإطفاء نوره لكن الله مُتمّ نوره ولو كره الكافرون.

فالسلام عليك يا سيدي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، واللعنة على  من قتلك وناصبك العداء الى أبد الابدين.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا