المرجع و الامة

المرجع المدرسي: مشكلة مرتكبي المفاسد الأخلاقية أنّهم لم يستفيدوا من النعم بصورة صحيحة

تدبرات في سورة (الانسان) شهر رمضان المبارك / 1440 هـ – (اليوم التاسع)

“رضوان من الله”

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلاً (14) وَ يُطافُ‏ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَواريرَا (15)قَواريرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْديراً)

صدق الله العلي العظيم

تفصيل القول
لذّات البشر في الحياة لها مراتب، ومن يستطيع أن يستفيد منها بصورة صحيحة يترّفع عن الشهوات الغير مشروعة، وهكذا نجد أنّ مشكلة الذين يرتكبون المفاسد الأخلاقية أنّهم لم يستفيدوا من النعم بصورة صحيحة وبالتالي لم يصلوا الى الاطئمنان والسعادة، بخلاف المؤمن الذي يعيش السعادة، لأنّه لا يتعدّى حدود الرب المتعال في الحياة تجده يلتذّ بالنعم الإلهية ويعيش السعادة في الحياة.
يقول ربّنا تعالى في سورة آل عمران: [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ‏ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنينَ وَ الْقَناطيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ] فغريزة بناء الأسرة وحُبّ البنين، أو امتلاك ما يمنح الانسان مكانة اجتماعية من القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة و الخيل المسوّمة..الخ كلُّ ذلك متاعُ الحياة الدينا ولا يُقاس بما عند الرب سبحانه وتعالى، ومن هنا تجد المؤمن يستفيد من اللذات (المتاع) بأفضل صورة في اطار مرضاة الرب سبحانه وتعالى، فلا ينعزل عن الحياة وينتهج الرُهبانية التي نهى عنها النبي (ص) حين قال لعثمان ابن مضعون: )) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْنَا الرَّهْبَانِيَّةَ إِنَّمَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي‏ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّه‏))
لذة العافية
من الأبعاد المهّمة في الاستفادة والتلذذ بالنعمة هو النظر الى من فُضّلنا عليهم بالنعم،
جاء في الحديث الشريف:
((اكثر النظر الى‏ من فضلت عليه فان ذلك من ابواب الشكر))
ولكن فيما يرتبط بالأبعاد المعنوية، علينا النظر الى من هو أعلى منّا منزلة، وهكذا تُعرف تلك النعمة بوضوح حينما يُشرف أهل الجنّة على النار، فيشكرون الباري عزّ وجلّ على ما أنعم عليهم، جاء في الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلًا وَ فِي النَّارِ مَنْزِلًا فَإِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَشْرِفُوا فَيُشْرِفُونَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ وَ تُرْفَعُ لَهُمْ مَنَازِلُهُمْ فِيهَا ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ مَنَازِلُكُمُ الَّتِي لَوْ عَصَيْتُمُ اللَّهَ لَدَخَلْتُمُوهَا يَعْنِي النَّارَ قَالَ فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ فَرَحاً لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَرَحاً لِمَا صُرِفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ النَّارِ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَيَنْظُرُونَ مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ مَنَازِلُكُمُ الَّتِي لَوْ أَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ لَدَخَلْتُمُوهَا قَالَ فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ حُزْناً لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً فَيُورَثُ هَؤُلَاءِ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ وَ يُورَثُ هَؤُلَاءِ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ‏ [أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ]».
ليس في الآخرة فحسب بل النظر في الابتلاءات عند الناس في الدنيا تزيدنا تحسساً بنعم الباري تعالى علينا.
النعم والاحساس بالفراغ
يبحث الانسان عن اللذّة التي توصله الى الاطمئنان، ويشعر بداخله بالحاجة للوصول الى تلك اللذّة، ولكنّه ما إن يصل الى نعمةٍ ما فإنّه سُرعان ما يشعر بعدم الوصول الى مبتغاه فيبحث عن لذّة أخرى وهكذا الى أن يشعر بالفراغ.
لكنّ الواقع أنّ قلب الانسان يبحث الله، ولذّة مناجاته، والقُرب منه، و تلك هي اللذّة الحقيقية التي نقرء عنها في مناجاة المريدين للامام زين العابدين أنّه قال: ((وَلا تَقْطَعْني عَنْكَ، وَلا تُبْعِدْني مِنْكَ، يا نَعيمي وَجَنَّتي، وَيا دُنْيايَ وَآخِرَتي،))
تلك اللذة التي يشعر بها حجّاج بيت الله الحرام، وزوّار الحسين عليه السلام، حيث يشعرون لحظة من نسيم الحُبّ الالهي، والشعور بالقُرب منه.
و هذه هي النعمة العُظمى في الجنّة جاء في الحديث عن الامام زين العابدين في وصف أهل الجنّة: ((فَيَمْكُثُونَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْجَبَّارَ يُشْرِفُ‏ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ أَوْلِيَائِي وَ أَهْلَ طَاعَتِي وَ سُكَّانَ جَنَّتِي فِي جِوَارِي أَلَا هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ خَيْرٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ نَحْنُ فِيمَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُنَا وَ لَذَّتْ أَعْيُنُنَا مِنَ النِّعَمِ فِي جِوَارِ الْكَرِيمِ قَالَ فَيَعُودُ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا نَعَمْ فَأْتِنَا بِخَيْرٍ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ لَهُمْ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رِضَايَ عَنْكُمْ وَ مَحَبَّتِي لَكُمْ خَيْرٌ وَ أَعْظَمُ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ قَالَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ يَا رَبَّنَا رِضَاكَ عَنَّا وَ مَحَبَّتُكَ لَنَا خَيْرٌ لَنَا وَ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِنَا ثُمَّ قَرَأَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع هَذِهِ الْآيَةَ: [وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏].))
من يعيش بذلك الرضا في الحياة فإنّه يعيش الجنّة وهو في الدنيا.
سيدّي بحبّك لي
اشتدّ بالناس العطش في مكّة ومنعت السماء قطرها، ولم تنفع صلاة الاستقاء منهم ومن العبّاد والنسّاك ، حتّى التجأ الناس الى الامام زين العابدين عليه السلام، جاء الى بيت الله، وخرّ ساجداً وهو يقول: سَيِّدِي‏ بِحُبِّكَ‏ لِي إِلَّا أَسْقَيْتَهُمُ الْغَيْثَ فَمَا اسْتَتَمَّ الْكَلَامَ حَتَّى أَتَاهُمُ الْغَيْثُ كَأَفْوَاهِ الْقِرَبِ ثُمَّ وَلَّى عَنَّا قَائِلًا
مَنْ عَرَفَ الرَّبَّ فَلَمْ تُغْنِهِ‏ مَعْرِفَةُ الرَّبِّ فَهَذَا شَقِيٌ‏
مَا ضَرَّ فِي الطَّاعَةِ مَا نَالَهُ‏ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ مَا ذَا لَقِيَ‏
مَا يَصْنَعُ الْعَبْدُ بِعِزِّ الْغِنَى‏ وَ الْعِزُّ كُلُّ الْعِزِّ لِلْمُتَّقِي‏

وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلاً (14) وَ يُطافُ‏ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَواريرَا (15)قَواريرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْديراً
تفصيل القول
لذّات البشر في الحياة لها مراتب، ومن يستطيع أن يستفيد منها بصورة صحيحة يترّفع عن الشهوات الغير مشروعة، وهكذا نجد أنّ مشكلة الذين يرتكبون المفاسد الأخلاقية أنّهم لم يستفيدوا من النعم بصورة صحيحة وبالتالي لم يصلوا الى الاطئمان والسعادة، بخلاف المؤمن الذي يعيش السعادة، لأنّه لا يتعدّى حدود الرب المتعال في الحياة تجده يلتذّ بالنعم الإلهية ويعيش السعادة في الحياة.
يقول ربّنا تعالى في سورة آل عمران: [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ‏ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنينَ وَ الْقَناطيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ] فغريزة بناء الأسرة وحُبّ البنين، أو امتلاك ما يمنح الانسان مكانة اجتماعية من القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة و الخيل المسوّمة..الخ كلُّ ذلك متاعُ الحياة الدينا ولا يُقاس بما عند الرب سبحانه وتعالى، ومن هنا تجد المؤمن يستفيد من اللذات (المتاع) بأفضل صورة في اطار مرضاة الرب سبحانه وتعالى، فلا ينعزل عن الحياة وينتهج الرُهبانية التي نهى عنها النبي (ص) حين قال لعثمان ابن مضعون: )) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْنَا الرَّهْبَانِيَّةَ إِنَّمَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي‏ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّه‏))
لذة العافية
من الأبعاد المهّمة في الاستفادة والتلذذ بالنعمة هو النظر الى من فُضّلنا عليهم بالنعم،
جاء في الحديث الشريف:
((اكثر النظر الى‏ من فضلت عليه فان ذلك من ابواب الشكر))
ولكن فيما يرتبط بالأبعاد المعنوية، علينا النظر الى من هو أعلى منّا منزلة، وهكذا تُعرف تلك النعمة بوضوح حينما يُشرف أهل الجنّة على النار، فيشكرون الباري عزّ وجلّ على ما أنعم عليهم، جاء في الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلًا وَ فِي النَّارِ مَنْزِلًا فَإِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَشْرِفُوا فَيُشْرِفُونَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ وَ تُرْفَعُ لَهُمْ مَنَازِلُهُمْ فِيهَا ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ مَنَازِلُكُمُ الَّتِي لَوْ عَصَيْتُمُ اللَّهَ لَدَخَلْتُمُوهَا يَعْنِي النَّارَ قَالَ فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ فَرَحاً لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَرَحاً لِمَا صُرِفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ النَّارِ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَيَنْظُرُونَ مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ مَنَازِلُكُمُ الَّتِي لَوْ أَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ لَدَخَلْتُمُوهَا قَالَ فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ حُزْناً لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً فَيُورَثُ هَؤُلَاءِ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ وَ يُورَثُ هَؤُلَاءِ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ‏ [أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ]».
ليس في الآخرة فحسب بل النظر في الابتلاءات عند الناس في الدنيا تزيدنا تحسساً بنعم الباري تعالى علينا.
النعم والاحساس بالفراغ
يبحث الانسان عن اللذّة التي توصله الى الاطمئنان، ويشعر بداخله بالحاجة للوصول الى تلك اللذّة، ولكنّه ما إن يصل الى نعمةٍ ما فإنّه سُرعان ما يشعر بعدم الوصول الى مبتغاه فيبحث عن لذّة أخرى وهكذا الى أن يشعر بالفراغ.
لكنّ الواقع أنّ قلب الانسان يبحث الله، ولذّة مناجاته، والقُرب منه، و تلك هي اللذّة الحقيقية التي نقرء عنها في مناجاة المريدين للامام زين العابدين أنّه قال: ((وَلا تَقْطَعْني عَنْكَ، وَلا تُبْعِدْني مِنْكَ، يا نَعيمي وَجَنَّتي، وَيا دُنْيايَ وَآخِرَتي،))
تلك اللذة التي يشعر بها حجّاج بيت الله الحرام، وزوّار الحسين عليه السلام، حيث يشعرون لحظة من نسيم الحُبّ الالهي، والشعور بالقُرب منه.
و هذه هي النعمة العُظمى في الجنّة جاء في الحديث عن الامام زين العابدين في وصف أهل الجنّة: ((فَيَمْكُثُونَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْجَبَّارَ يُشْرِفُ‏ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ أَوْلِيَائِي وَ أَهْلَ طَاعَتِي وَ سُكَّانَ جَنَّتِي فِي جِوَارِي أَلَا هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ خَيْرٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ نَحْنُ فِيمَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُنَا وَ لَذَّتْ أَعْيُنُنَا مِنَ النِّعَمِ فِي جِوَارِ الْكَرِيمِ قَالَ فَيَعُودُ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا نَعَمْ فَأْتِنَا بِخَيْرٍ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ لَهُمْ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رِضَايَ عَنْكُمْ وَ مَحَبَّتِي لَكُمْ خَيْرٌ وَ أَعْظَمُ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ قَالَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ يَا رَبَّنَا رِضَاكَ عَنَّا وَ مَحَبَّتُكَ لَنَا خَيْرٌ لَنَا وَ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِنَا ثُمَّ قَرَأَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع هَذِهِ الْآيَةَ: [وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏].))
من يعيش بذلك الرضا في الحياة فإنّه يعيش الجنّة وهو في الدنيا.
سيدّي بحبّك لي
اشتدّ بالناس العطش في مكّة ومنعت السماء قطرها، ولم تنفع صلاة الاستقاء منهم ومن العبّاد والنسّاك ، حتّى التجأ الناس الى الامام زين العابدين عليه السلام، جاء الى بيت الله، وخرّ ساجداً وهو يقول: سَيِّدِي‏ بِحُبِّكَ‏ لِي إِلَّا أَسْقَيْتَهُمُ الْغَيْثَ فَمَا اسْتَتَمَّ الْكَلَامَ حَتَّى أَتَاهُمُ الْغَيْثُ كَأَفْوَاهِ الْقِرَبِ ثُمَّ وَلَّى عَنَّا قَائِلًا
مَنْ عَرَفَ الرَّبَّ فَلَمْ تُغْنِهِ‏ مَعْرِفَةُ الرَّبِّ فَهَذَا شَقِيٌ‏
مَا ضَرَّ فِي الطَّاعَةِ مَا نَالَهُ‏ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ مَا ذَا لَقِيَ‏
مَا يَصْنَعُ الْعَبْدُ بِعِزِّ الْغِنَى‏ وَ الْعِزُّ كُلُّ الْعِزِّ لِلْمُتَّقِي‏

تلك هي المرتبة السامية حيث يحبهم الله ويحبونه ورضي عنهم ورضو عنه، هذا في الدنيا أمّا في الجنة فرضوان من الله اكبر، يقول ربّنا تعالى: [وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها] ليس لأنّ فيها شمسا و حرّا، بل هي كناية عن تناسب أشجار الجنة و حالة الرفاه المهيّأة لأهلها بحيث تغطّي فوقهم. و لكنّها في نفس الوقت قريبة ثمارها إليهم، ميسّرة عليهم تناولها.
[وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلاً] و المفعول المطلق «تذليلا» يفيد التأكيد و المبالغة، أي أنّها مذلّلة أيّما تذليل،
[وَ يُطافُ‏ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَواريرَا] و لعلّ الآنية المطاف بها هي التي يستقلّ الولدان فيها أكواب الشراب، أو التي يكون فيها الشراب الذي يصبّ في الأكواب بعدئذ، أو هي أواني الأكل و الفواكه التي يحملها الولدان إلى أولياء اللّه عزّ و جل. بينما الأكواب هي الكؤوس التي لها مقبض و عروة، و في صنعتها الرائعة تتجلّى قدرة اللّه و كرامته لأوليائه.
[قَواريرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْديراً] قال الإمام الصادق (ع): «ينفذ البصر في فضّة الجنة كما ينفذ في الزجاج‏))
و لن يستطيع بشر تصوّر شي‏ء من نعيم الجنة على حقيقتها أبدا، رزقنا الله واياكم الجنّة بحق محمد وآل محمد.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا