أن يتعامل الكائن البشري في النزاع مع إنسان فهذا أمر طبيعي مهما كان، فالإنسان المقابل هو بدرجته اي على مستوى واحد فهو ذو عقل وفكر وروح فأنهما متساويان لا ريب في ذلك، فهو باستطاعته الرد والدفاع عن نفسه وبأستطاعته أن يقلب الأمر هجوماً على الكائن البشري بدلاً من الدفاع عن نفسه. بغض النظر عن ما إذا توارث صفات أو اكتسب، لكن يبقى له القدرة متاحة للتمرد والإنقلاب.
أما الكارثة العظمى التي تثبت الحقيقة المأساوية للكائن البشري، حين يتعامل مع حيوان، حيث يصب عليه وابلاً من الظلم والأذى والكيفية العقابية التي يتفنن في هيأتها ليثبت قدرته امام كائن ضعيف لايملك حول ولاقوة، لمجرد إنه لا يملك قدرة الانسان في التفكير، هو يختلف عن الانسان بعدم امتلاكه العقل، لكنه يمتلك الروح، ألا يفهم البشر القساة، ماذا يعني ذلك! يعني إنه يتألم مثل الانسان ويملك الشعور لكن لا يعقل او يتفكر كالإنسان وهذا الذي ميز الإنسان ومنحه كرامة لا يملكها كائن اخر.
وفي حالة تعامل الانسان مع الحيوان على أساس العقاب أو على أساس إنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه، كقدرة الإنسان، ولا يستطيع التمرد على القيود الحديدية التي يضعها حقيقة: فانه لايفهم او يحلل ما يراه يتعامل مع الامور بفطرته كما حدث في حادثة إعدام أنثى الفيل ‘ماري’.
أنها كانت تعمل لحساب سيرك سباركس العالمي سنة 1916 كانت ماري متواجدة ضمن قافلة السيرك، وقد أوكلت للسيد ريد ‘إلدريدج’ والذي كان عضوا جديدا ضمن فريق السيرك مهمة الركوب على ظهر أنثى الفيل ماري وترويضها.
أثناء مرورها بالشارع الرئيسي لاحظت الفيلة ‘ماري’ وجود قشرة بطيخ على الأرض فما كان منها إلا أن حاولت التقاطها بهدف أكلها، تزامنا مع ذلك ومن أجل إجبارها على مواصلة الطريق أقدم المروض ‘ريد إلدريدج’ على وخز الفيلة ‘ماري’ بقوة بالقرب من فكها، على الفور ومن خلال حركة سريعة أقدمت الفيلة ‘ماري’ على سحب المروض ‘ريد إلدريدج’ من على ظهرها باستخدام خرطومها لتطرحه أرضا وعلى إثر ذلك داست الفيلة ماري على رأس ‘ريد إلدريدج’ مما تسبب في تفجر جمجمته ومقتله على عين المكان.
على إثر هذه الحادثة طالب أهالي مدينة كينغسبورت باعدام الفيلة ماري حيث نعتها الجميع بالمجرمة والقاتلة، حيث تم اعدامها شنقا في المحاولة الثانية بعد فشل الاولى، بحضور ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص.
وحالات كثيرة صورت الانسان يتخلى عن انسانيته في التخلي عن الرحمة والتفهم لانسان ضعيف طفلا او غيره، او حيوان لايفهم ارادة الانسان من مرافقته.
من المؤسف ان تسقط الانسانية وتتساوى مع الكائن الآخر. بتساقط الرحمة والتغافل عن التسامح والعطف. مع انها ميزات تصاحب القوة.
فان كان الكائن البشري لا يرحم كائن من دم وروح وشعور، فمعاملته الاخرى للانسان لا تعيد له إنسانيته مهما كانت، فالإنسانية تظهر حقا وتزهو أمام الضعيف.