قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
تظافرت النصوص الدينية التي تؤكد على بزوغ شمس دولة العدل الإلهي في آخر الزمان، تلك الدولة التي تحقق رسالات وأهداف كل الأنبياء والمصلحين، وتحكم بحكم الله في الأرض، وذلك على يد الإمام المنتظر المهدي محمد بن الحسن عجل الله فرجه الشريف، الذي يملئ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، والذي يصلح الله به البلاد والعباد.
حيث إنه يأتي بمشروعٍ رباني إصلاحي، شامل لكل مناحي الحياة، يقضي على جميع أنواع الفساد والظلم، وينشئ دولته العادلة ويبني المجتمع الفاضل الذي تتوفر فيه كل وسائل العيش الرغيد والحياة الكريمة والسعادة والراحة، والذي بشرت به واكدت عليه النصوص الدينية من آيات قرآنية وروايات شريفة.
فقد جاء عن أهل البيت عليهم السلام أحاديث عدة منها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “تنعم امتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلا اخرجته، والمال كدوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي اعطني، فيقول: خذ”.
📌 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “تنعم امتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلا اخرجته، والمال كدوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي اعطني، فيقول: خذ”
وعنه أيضاً: “فيملئ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتخرج له الأرض أفلاذ كبدها ويحثوا المال حثواً ولا يعده عداً”.
وعن الإمام الحسن عليه السلام: “يملئ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها ولا يبقى كافر إلا آمن به ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز”
وعن الإمام السجاد عليه السلام قال: “إذا قام القائم اذهب الله عن كل مؤمن العاهة ورد إليه قوته”.
وكما جاء في بعض الروايات؛ انه إذا ظهر يمسح على رؤوس الناس فتكتمل عقولهم.
فإن هذه الدولة قائمة لا محال لأنها من سنن الله الثابتة {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
حيث إنه ـ تعالى ـ قد أكد على ذلك فقال: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} وقال أيضاً: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.
📌 إن أول شيء لابد أن يتمتع به من يريد أن يكون من القادة في المشروع المهدوي والدولة العادلة هو أن يكون صالحاً كما صرح بذلك القرآن الكريم
فإن الله ـ تعالى ـ سيجعل المؤمنين الصالحين يرثون الأرض من بعد الظلمة والفاسدين فإن ذلك واقع لامحال، إلا إننا بحاجة إلى انتظار ذلك، انتظار رسالي مسؤول حقيقي، انتظار أمل وعمل، وكما قال ـ تبارك وتعالى ـ: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ}. وقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج”.
فكان علينا أن ننتظر الفرج ونعمل ونمهد لقيام دولة العدل الإلهي ونطمح لأن نكون من قادة وائمة المشروع المهدوي ونسعى لأن نكون ممن يعين الإمام على تأدية أهدافه الرسالية ونكون من اعوانه وانصاره، وكما نقرأ في الدعاء: “وَيمُلَّكُ في دَوْلَتِكُمْ”، فكيف نكون من القادة في ذلك المشروع وتلك الدولة ونُمَلَّك فيها؟
الجواب نجده في آيات القرآن الكريم:
أولاً: يقول ـ تعالى ـ : {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}. إن أول شيء لابد أن يتمتع به من يريد أن يكون من القادة في المشروع المهدوي والدولة العادلة هو أن يكون صالحاً كما صرح بذلك القرآن في هذه الآية التي تؤكد على أن الذي سيرث الأرض من بعد الظلمة والفاسدين هم الصالحين، وقد بينا في مقال سابق صفات الفرد الصالح.
ثانياً: قال ـ تعالى ـ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، الذي يحتاجه من يريد أن يكون قائداً واماماً في دولة الإمام المهدي المنتظر إن يتمتع بالصبر ويكون متمسكاً بالحق صابراً، حتى لو كان هنالك من يستضعفه فإنه يصبر على دينه الحق وعلى قيمه ومبادئه ولا يتنازل عنها، فإذا كان من الصابرين فإن الله سيجعله من الأئمة أي القادة الذين يعملون بأمره.
ثالثاً: قال ـ تعالى ـ {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}، و اليقين اعلى مراتب الإيمان فمن يريد أن يكون من اعوان الإمام في تحقيق امر الله وإعلاء كلمته وإيجاد دولة العدل الإلهي، فلابد له من أن يرتقي بإيمانه ويصل إلى أعلى المراتب وهو اليقين.