مناسبات

يرونه بعيدا.. ونراه قريبا

عن أبى بصير، عن أبي عبدالله، عليه السلام أنه قال ذات يوم: “ألا اخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلا به؟ فقلت: بلى، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده (ورسوله) والاقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراء ة من أعدائنا – يعني الائمة خاصة – والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة، والانتظار للقائم، عليه السلام، ثم قال: إن لنا دولة يجيئ الله بها إذا شاء.

ثم قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الاجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة “(1).

🔶 ادواتنا الثقافية للانتظار فتتمثل بزرع الإيمان بفكرة الامام المهدي، عجل الله فرجه، في قلوب المؤمنين وعقولهم، من خلال اطلاق برامج توعوية تركز على نشر الوعي الفقهي والعقائدي بين مختلف فئات المجتمع

للوصول الى مراتب متقدمة في معترك هذه الحياة، يحتاج الفرد الى مثابرة جادة ومستمرة بافعال واقعية ملموسة لا فقط لقلقة لسان وهو لم  يحرك  ساكنا، ويحتاج ان يبحث عن أسباب الظفر بالنجاح لبلوغ القمة، فكيف اذا كانت هذه المراتب هي أفضل ألاعمال التي تتمثل بانتظار الفرج، عن، صلى الله عليه وآله: “أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله عز وجل” (2).

📌 ماذا يعني انتظار الفرج؟

الانتظار في عصر الظهور ليس كما يظنه البعض او كما هو معروف بمعناه الطبيعي أنه مجرّد حالة نفسية عاطفية، انما هو حركة واستعداد، وليس عدم مبالاة وانتظار أن تصلح الأمور نفسها بنفسها.

ولا نبالغ إذا قلنا إن انتظار الفرج أهم صفة للإنسان المؤمن في زمن الغيبة، وهو يشكّل قيمة جوهرية ينبغي أن نربّي عليها أنفسنا وأهلنا وابناءنا حتى تستقيم حياتنا في هذا الزمن الصعب.

فمن ينتظر شخص مهم في حياته يستعد لاستقباله باجمل صورة ممكنة ويحرص أيضا على ان لا يكون هنالك تصرف او كلام غير لائق يشعره بالحزن، كل هذا والغائب عنه شخص عادي مثله.

ما هو مقدار الثقافة التي نحتاجها لنكون منتظرين؟

 وما هي ادواتها؟                                                                

إنّ يقين المؤمن الحقيقي لمعنى وجود الإمام المعصوم في حياته، واستشعاره لألم عدم قدرته على الوصول إليه والتواصل معه وهو حيٌّ يعيش في زمانه، وعلمه بأنه ربما يكون سببًا من أسباب غيبته، حتما سيكون له اثر كبيرعلى سلوكه، فعلمه هذا يدعوه للعمل بروحية عالية للفوز برضا الله عز وجل والامام المنتظر، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه.

وبالتالي هذا يشعل جذوة الانتظار في قلب الموالي لتوسيع مداركه المعرفية لتحمل مسؤولية الاسهام في إيجاد شرائط الظهور، ويكون ذلك  بالتمهيد له قدر الاستطاعة، فيتحلى بشجاعة وحزم  لمواجهة كل ما يؤدي الى تأخيره.

🔶 الانتظار هو باعث على التحرّك وعامل وعي ويقظة، اذ يسعى المنتظر لإيجاد الوضع الأفضل فيخلق روح المسؤولية، وبنظره فإن الإمام إنما غاب نتيجة عدم نضوج الظروف الموضوعية لقيامه بالأمر

أما ادواتنا الثقافية للانتظار فتتمثل بزرع الإيمان بفكرة الامام المهدي، عجل الله فرجه، في قلوب المؤمنين وعقولهم، من خلال اطلاق برامج توعوية تركز على نشر الوعي الفقهي والعقائدي بين مختلف فئات المجتمع، وتأسيس مراكز مختصة بالقضية المهدوية لرفد الفكر الثقافي والخطابي بالأفكار الممهدة للظهور المبارك، ما يسهم في زيادة الخزين المعلوماتي للمنتظِر لتطبيق التكليف الشرعي، وحمل ثقافة الانتظار في حله وترحاله، و رد الشبهات الواردة حول هذه القضية العالمية .

📌 كيف يجب ان يكون انتظارنا؟

مَن ينتظر الإمام الحجة، عجل الله فرجه، هو الشخص المؤمنٌ بكل جوارحه بقيام دولة العدل الإلهية ، فيهيّء نفسه للانتقال إليها على اكمل وجه، فهو ليس راض عن واقعه ما دام إمامه غائباً ، لذا يكون ساعيا بشكل مستمر للتمهيد لظهوره الشريف.

ولعل اول الأمور التي يتوجب على الشيعي تطبيقها هو:

  1. معرفة الإمام، عجل الله فرجه، ومعرفة منزلته العظيمة عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ واقلها أن طاعته امتداد لطاعة الله، و طاعة رسوله، قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: “من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية”( 3).

وتبرز أهمية هذه المعرفة كونها تعد أساسا لمعرفة الله ـ جل وعلاـ، وأن طريق الهداية للحق والثبات على الصراط المستقيم لا يتم إلا من خلالها باقتفاء أثر الامام، عليه السلام والسير على خطاه والاستضاءة بنوره.

  • الثبات على العقيدة الصحيحة بإمامة الأئمة الاثني عشر، وتجديد العهد والبيعة مع الإمام المهدي، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، وعدم التأثر بموجات التشكيك وتأثيرات المنحرفين مهما طال زمان الغيبة.
  • خدمة الامام عليه السلام، من خلال خدمة الدين وتزكية النفس باتّباع تعاليم الدين والنيّة الخالصة لله، واتّباع أوامره ونواهيه.

📌 الانتظار بغير ما يريد الإمام المنتظر

هناك فئة أخرى تنتظر عصر الظهور بعقلية غريبة لا تمت لمفهوم الانتظار بأيّ صلة، فهم يعتقدون إن الفساد والظلم والانحراف واليأس من إصلاح العالم هي من أسباب الظهور! فيعتمدون على مبدأ الخنوع لها، والتقاعس عن أداء واجبه الشرعي تجاه نفسه والمجتمع فيغلق الأبواب على نفسه لحين خروج صاحب الأمر.

بينما الانتظار هو باعث على التحرّك وعامل وعي ويقظة، اذ يسعى المنتظر لإيجاد الوضع الأفضل فيخلق روح المسؤولية، وبنظره فإن الإمام إنما غاب نتيجة عدم نضوج الظروف الموضوعية لقيامه بالأمر.

اما مسألة الارتباط بالامام، عجل الله فرجه، يعتمد في الصبرعلى غيابه وعلى المحن والبلاء والمعاصي، حيث أن عصر الغيبة الكبرى يتميز بتعاظم الجور والظلم والفساد بشكل ملحوظ، فعن الرسول، صلى الله عليه وآله، قال: “إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم”(4).

إضافة الى التخلق بالأخلاق الحسنة من خلال وضع برنامج يومي لتربية النفس عقائديا وفكريا وسلوكيا وعكسه على الاسرة والمجتمع يتضمن التقوى والصدق مع النفس والتفقه في الدين، والبصيرة بدراسة العقائد وطاعة وكلاء الإمام.

فالتمهيد لظهور الحجة، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، هو السعي الدائم ببذل الجهد للإصلاح والتغيير على المستوى الشخصي والعام ، فالعبادة بجميع مفرداتها خير وسيلة لتركيز صفة الانتظار في النفس.


1- غيبة النعماني: باب11 ماروي فيما أمر به الشيعة من الصبر والانتظار للفرج/ص200).

2- البحار: ٥٢ / ١٢٢ / ١ و ح ٢ وص ١٢٨ / ٢١ وص ١٢٥ / ١١.

3- غيبة النعماني: ص 130 ، الكافي ج 2 ص 21 ح 9 ، نور الثقلين ج 1 ص 503.

4- صحيح الترمذي: ج 2 ص 437 ، كنز العمال ج 11 ص 118 ، مجمع الزوائد ج 7 ص 282.

عن المؤلف

زينب علي عمران

اترك تعليقا