رأي

قتل المعارضين أم قتل المواقف؟

مرة أخرى يلوذ الطغاة الجُدد في السعودية بجبنهم الى ظلٍ ظليل يخفي خنجرهم الملطخ بدماء الأبرياء في أجواء الانفتاح المصطنعة، وفي مناخ سياسي ايجابي وهادئ نسبياً داخل وخارج السعودية.

واحد وأربعون رجلاً مؤمناً تضرب اعناقهم صبراً بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان، لم تكن جريمتهم سوى المطالبة بحقوقهم المشروعة والمصادرة من قبل السلطة الطائفية في الرياض.

الوجبة الجديدة من الشهداء المنضمين الى القافلة الطويلة منذ اكثر من اربعين عاماً، كانوا الى جانب إخوة لهم يرزحون في غياهب السجون منذ فترة طويلة، بينهم فتيان صغار بعمر  الورد، فجأة نسمع بتنفيذ حكم الاعدام ضدهم في هذا الوقت بالذات، وتحديداً في وقت يفترض أن يجلس الوفد السعودي والوفد الايراني في بغداد لتسوية الخلافات بوساطة عراقية قبل قرار الاعدام بأيام قلائل، وقبل يوم واحد من حديث أدلى به الشيخ حسن الصفار في مدينة القطيف خلال خطبة يوم الجمعة (11-3) اشاد فيه بتصريح ولي العهد السعودي، لمجلة “اتلانتيك” الاميركية حول “تعزيز التسامح ورفض احتكار الرأي الديني، واصفاً إياها بـ”الجريئة”، وحسب موقع الشيخ الصفار فان “هذه المواقف تعبّر عن مسار ومنهجية تبشر بعهد جديد من التسامح وتحقيق مفهوم المساواة في المواطنة”.

⭐ المكر والخديعة سبقت قرار الاعدام، فالتوقيت محور الجريمة الجديدة لحكام الرياض، لكسب الرأي العام الداخلي بتصريحات منسجمة مع سياساتهم ومنهجهم

المكر والخديعة سبقت قرار الاعدام، فالتوقيت محور الجريمة الجديدة لحكام الرياض، لكسب الرأي العام الداخلي بتصريحات منسجمة مع سياساتهم ومنهجهم، ثم لتوفير مبررات الانسحاب من مباحثات غير مرغوبة اميركياً من شأنها أن تعطي زخماً سياسياً جديداً لايران في المنطقة في ظل توقعات ايجابية باحتمال توصل البلدان (السعودية وايران) الى حلول لكثير من الملفات العالقة، وإعادة اللُحمة الى العلاقات بين البلدين، لاسيما وأن المراقبين لاحظوا قواسم مشتركة بين ايران والسعودية إزاء الصراع المتفاقم في اوكرانيا بين روسيا من جهة والمنظومة الغربية من جهة أخرى.

فقد يجد البلدان حالة الحياد أكثر فائدة وأبعد عن الآثار الاقتصادية السيئة، وتحديداً ما يتعلق بالطاقة والنفط، حيث تلتزم ايران والسعودية بحصتهما في اوبك لتصدير النفط رغم حاجة الغربيين والاميركيين تحديداً لضخ المزيد من النفط في الاسواق لاطفاء لهيب الاسعار، واحتمال تعرض اوربا واميركا الشمالية لأزمة طاقة خانقة وغير مسبوقة.

بلد يرهن فيه نظامه السياسي مصالح الشعب بإرادات دولية، ويتخذ من دماء الشباب الابرياء وسيلة لإرضاء أولياء النعمة، وإن اتهموا بالمكر والخديعة والتناقض بين ما يدعونه بـ “التسامح والمساواة في المواطنة”، وبين قرار الاعدام المفاجئ في لحظة محددة في محاولة منهم لقتل المواقف قبل قتل المعارضين، الامر الذي يستدعي الوقوف بحزم وقوة بموقف مشترك واحد داخل وخارج السعودية للدفاع عن الحقوق المشروعة لفئة واسعة من الشعب السعودي يمثل جزءاً مهماً في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد.

⭐ حكام الرياض، كما غيرهم ممن تتسم سياساتهم الداخلية بمنهج الترغيب والترهيب، والقمع والتضليل، يسعون دائماً لتوفير الاجواء المناسبة لسفك الدماء دون التورط بضجيج اعلامي

حكام الرياض، كما غيرهم ممن تتسم سياساتهم الداخلية بمنهج الترغيب والترهيب، والقمع والتضليل، يسعون دائماً لتوفير الاجواء المناسبة لسفك الدماء دون التورط بضجيج اعلامي، او انعكاسات اجتماعية، او حتى حقوقية في الداخل والخارج، باساليب شتّى، تبدأ بالاغراءات، ثم التحييد، ثم الابتزاز وحتى التهديد، بيد أن المسؤولية الاخلاقية والحضارية لبلد مثل العراق يستدعي موقفاً حازماً من هذه الجريمة، وأية جريمة اخرى تحصل، فسكوت العلماء والخطباء والمثقفين والوجهاء ومن يشكلون القاعدة الجماهيرية، على هذه الجريمة البشعة هو الذي يطمئن حكام الرياض على امكانية الفصل بين سياسات القمع في الداخل، والمشاريع الاقتصادية في الخارج.

وقبل الختام أجد أن أول من يواسي أمهات الشباب المقطوعة رؤوسهم ظلماً وعدواناً من ابناء القطيف؛ هي أمهات الشباب والاطفال العراقيين الذين احترقوا بنيران السيارات المفخخة او قضوا في عمليات ارهابية قادها ارهابيون سعوديون يقضون أيامهم الجميلة حالياً في سجون الحكومة العراقية.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا