الحياء في حياة المرأة المسلمة ضرورة قصوى وليست ترفاً، فهو خلق عظيم يؤكده الشرع ويدعو اليه بل وينشز من لا يتصف به، ولعله ابرز ما يميز المرأة المسلمة عمن سواها من النساء، فحياءها هو رأسمالها الذي فيه عزها وكرامتها وشرف اهلها وقيمتها، و ما من امرأة صالحة الا وكانت على مستوى عال من الحياء.
“إن الحياء سياج يصون كرامة المسلمة، ويحفظ لها سلوكها بعيدًا عن الفحش، وأقوالها بعيداً عن البذاءة، وبهذا ترتفع به عن السفاسف وعندما يخرق هذا السياج ويذهب الحياء فإن المقاييس جميعها يصيبها الخلل، ويصدر عن المسلمة عندئذ ما لا يتناسب مع تفردها وتميزها، والتكريم الذي كرمه الله تعالى بها”.
ما ذكرناه هو السياق الطبيعي الذي اعتدنا وتربينا عليه وخلافها بالنسبة لنا كمسلمين مرفوض وغير مرحب به، لكن للأسف اتجهت بعض النساء في الآونة الاخيرة الى محاولة تفسير قلة الحياء بالشجاعة او الايجابية او قوة الشخصية كما يعتقدن غير ملفتات الى ضياع حيائهن وبالتالي يسقطن من نظر الاخرين.
الحديث عن الحياء يجرني الى جملة من التساؤلات اهمها: لماذا فقدت الكثير من النساء حيائهن وبدأن يتعاملن كرجال، وهل لتعقيدات الوضع الاقتصادي سبب في ان تتخلى المرأة عن جزء من حيائها لممارسة مهن معينة؟
وهل غابت القدوة عنا حتى باتت نساءنا تقلد الغرب في سلوكياته المنحرفة بداعي التحرر او التمدن؟
واخيراً كيف نواجه موجات انحسار الحياء ونعيد ارساء قواعده في مجتمعنا الاسلامي؟
- من اين تأتي اهمية المحافظة على الحياء؟
كعادتهم المتربصون بالإسلام واهله يعملون جاهدين على نزع حياء المرأة المسلمة وربما المرأة الشيعية على وجه الخصوص، إذ يستغلون كل فرصة تمكنهم من استهداف الحياء والعفة عند النساء وبالتالي الوصول إلى اطماعهم الشيطانية لأنهم يدركون جيداً ان اضعاف الدين يبدأ من القضاء على الحياء والعفة والطهارة وقد نجحوا في ذلك الى حد بعيد للأسف، فقد ادار المجتمع ظهره للحياء وداس على العفة واصبح غريب قليل الانصار وهو ما يجعل الدين منزوياً ليس محورياً في الحياة.
في سياق التشديد على التزام بالحياء من قبل الانسان المسلم نود الاشارة الى بعض الاحاديث المهمة للأمة، عليهم السلام، وفي طليعة هذه ما قاله الامام علي بن ابي طالب عليه السلام: “أحْسَنُ ملابس الدين الحياء”، ثم اكد المعنى الامام الشهيد الحسين بن علي، عليهما السلام بقوله: “لا حياء لمن لادين له”.
إن الحياء سياج يصون كرامة المسلمة، ويحفظ لها سلوكها بعيدًا عن الفحش، وأقوالها بعيداً عن البذاءة، وبهذا ترتفع به عن السفاسف وعندما يخرق هذا السياج ويذهب الحياء
ويقول الإمام الصادق عليه السلام: “لا إيمان لمن لا حياء له”، واخيراً ما قاله الإمام الباقر، عليه السلام: “الحياء والإيمان مقرونان في قرنٍ فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه”، هذه الجواهر الكلامية التي نقلناها عن اهل البيت عليهم السلام ماهي إلا دليل ابلج على ضرورة ان يتصف الانسان المؤمن بالحياء سيما النساء.
من رموز الحياء العقيلة زينب، عليها السلام، فمن الاجحاف ان نتكلم عن الحياء ولم نعرج على القدوة الفذة التي للأسف اقول ان نسائنا يقتدن بغيرها ولم يلتفتن لها ولمنهجها الانساني الثري بالعلم والادب والمعرفة وكل ما يهذب الانسان ويبقيه انساناً متوازناً وعلى كافة الصعد الحياتية.
في هذا الاطار ننقل عن احد رواة الحديث (وهو يحيى المازني)، اذ يذكر انه كان يقطن بجوار الامام، علي عليه السلام، في المدينة وهو لم يرَ او يسمع صوت السيدة زينب، عليها السلام، ولو مرة واحدة وحين تريد زيارة قبر جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله، فإنها تفعل ذلك ليلاً حيث كان يمشي أبوها أمامها وأخواها الحسن والحسين على جانبيها حماية لها وحفظ.
من خلال اختلاطي بالنساء والرجال سواء في الجامعات او العمل رأيت ان الكثير من الشباب لا يحبذون الارتباط بامرأة قليلة الحياة وجريئة اكثر مما ينبغي
وحين تصل قبر جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله، كان العظيم علي، عليه السلام، يطفئ الشموع المضاءة في أطراف القبر مما يثير الدهشة والتساؤل مما حدى بالإمام الحسن عليه السلام، الى الاستفهام من ابيه عما يفعله فأجابه الإمام عليه السلام: “أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب”، في مثل هذه البيئة نشأت السيدة زينب فكيف يمكن ان تكون واي اخلاق تمتلك؟ كل الكلمات لا تفي حقك سيدتي، فالسلام عليكِ يوم ولدتي ويوم فاضت روحك الطاهرة، وجعلنا الله من المقتدين بك وبأهل بيتك الانجاب يا ايقونة العفة والحياء.
- ماذا تفعل المرأة كي تكتسب الحياء وتتحلى به؟
- تراقب المرأة في العلن والسر وتتصرف بوعي ومعرفة ان جميع سلوكياتها توجد كاميرا ترصدها وستعرض عليها يوماً فما تحب ان تراه يجب ان تعمل من اجله.
- من الضرورة ان تعي النساء ان الحياء يزيد من الرغبة في التقرب منها والعكس هو الصواب، وانا من خلال اختلاطي بالنساء والرجال سواء في الجامعات او العمل رأيت ان الكثير من الشباب لا يحبذون الارتباط بامرأة قليلة الحياة وجريئة اكثر مما ينبغي.
- ملاحظة اثر الحياء على النساء ومن هذه القصص يمكننا الوصول الى قناعة ان غياب الحياء امر سلبي ومدعاة لابتعاد الناس عنها وليس العكس.
- وفي النهاية ينبغي للانسان ان يحاسب نفسه ان ارتكبت ما يخل بالحياء ومنعها من العود اليه مرة اخرى فمحاسبة النفس مفيدة للتصحيح في الكثير من جزئيات الحياة.