{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}.
إن الله ـ تعالى ـ سمى الصديقة فاطمة لأنها فطمت شيعتها من نار جهنم، وذلك بأن من اتبع نهجها وبكى عليها، وفرح لفرحها وحزن لحزنها في هذه الدنيا، فإنه يصبح من شيعتها، وبالتالي فإن هذا الانسان يبتعد عن الفحشاء، فليس القضية مرتبطة بالآخرة فقط وإنما بالدنيا ايضا.
فلولا جهادها وكلمتها العصماء (الخطبة الفدكية) في مسجد النبي، ولولا ابناؤها لما بقيت للدين باقية، فهم سفينة النجاة، وهم حبل الله الذين من اعتصم بهم نجى، ومعنى الاعتصام بهم؛ موالتهم، ومحبتهم، والاستماع لكلامهم، والعمل بنهجهم، وبهذا فطمت الزهراء شيعتها.
وفضائل الزهراء، عليها السلام، يصعب على الانسان فهمها، فهي يوم القيامة تنقذ شيعتها، وتأتي الى المحشر، وتطلب من الله تعالى ان يري العالم فضلها لأنهم انكروه في الدنيا.، وإذا كان يوم القيامة نادى مناد وراء الحجاب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد، صلى الله عليه وآله، حتى تمر.
للأسف فإن بعض الآباء اليوم يتركون متابعة الابناء، فلا يعرف من يصادق، ولا أين كان كان متأخرا..، وهذا يوّلد الانحراف والانحراف يبدأ بشيء بسيط ثم يتطور الى ان يكبر ويكثر
فيوحي الله عز وجل إليها: يا فاطمة سليني أُعطك وتمني علي أُرضك فتقول: إلهي أنت المنى وفوق المنى أسألك أن لا تعذب محبي ومحب عترتي بالنار فيوحي الله إليها: يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والارض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار.
{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} يتجلى هذا النور في بيت فاطمة الزهراء، عليها السلام، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}.
فاطمة الزهراء وتصحيح مسار الشباب
لماذا ينحرف الشباب ومع وجود فاطمة، عليها السلام والولاء لها؟
اليوم؛ وفي مجتمعنا بدأت تظهر شكاوي البعض من انحراف الشباب وسلوكهم طرقا غير سلمية تكون نتيجتها نار جهنم، فبعض الشباب ترك عائلته وتحول الى (المثليين).
ولمواجهة الانحرافات في مجتمعنا الاسلامي، وبالذات في اوساط الشباب يجب الرجوع الى الخندق الاول للتحصين وهي الاسرة.
كانت الأسرة الطيبة ـ الأب والأم ـ يقومون بتربية ابنائهم على الايمان بالله، والتقوى، ومحبة أهل البيت، عليهم السلام، والالتزام بالسلوكيات الحميدة، ومن الملاحظ أن الجيل السابق ـ أي جيل الخمسينات وما تلاها ـ لم يتأثر بالتطور الحاصل من حوله، كالاذاعة والتلفزيون، والسينما، والانترنت.
ولكن بعد التطور السريع في نهاية القرن العشرين، وبداية القرن الواحد والعشرين، تغيّرت الأمور واصبحت متطلبات الحياة اكثر من ذي قبل، صحيح أن بعض الآباء قد يقومون بدور في تربية أبنائهم، لكن الكثير لا يستطيع، لأنه يذهب من الصباح الباكر الى عمله ولا يعود إلا قبل المغرب، وحينها يكون منهكا من العمل والتعب.
وللأسف فإن بعض الآباء اليوم يتركون متابعة الابناء، فلا يعرف من يصادق، ولا أين كان كان متأخرا..، وهذا يوّلد الانحراف والانحراف يبدأ بشيء بسيط ثم يتطور الى ان يكبر ويكثر.
إنّ على الأسر والعوائل أن تحوّل بيتوها الى بيوت تشبه بيت السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، وذلك عبر دراسة حياتها، وكيف كانت تربّي اولادها الحسن والحسين، عليهما السلام
وبعض الآباء لا يرى أن من واجبه متابعة ابنائه، وإنما يرى الواجب ـ حسب تصوره ـ ان يسعى لبناء البيت، وتوفير الاموال لشراء السيارة وما اشبه، ملقياً ـ أي الأب ـ وظيفة التربية على المدرسة.
صحيح؛ أن المدارس والجامعات تهتم بالطالب في المواد المقررة؛ كالكيمياء والفيزياء، والرياضيات وما شابه، لكن من الناحية الدينية لا يوجد ذلك الاهتمام الكبير، وإن وجد فبشكل محدود، ولهذا فإن هذه المسؤولية تلقى على كاهل الأب والأم.
فنحن إذا استطعنا إذا نثقف مجتمعنا خصوصا الشباب من كلا الجنسين قبل الزواج، فجيب أن يعرف مسوؤليته بعد الزواج، وما هي وظيفته الاساسية، وهناك كتب روائية تهتم بالتعاليم الأسرية، ككتاب حلية المتقين للعلامة المجلسي( قدس سره)، ففي هذا الكتاب آداب العشرة، وآدب الأكل والشرب، ويحتوي على الاعمال المستحبة والمكروهة التي من شأنها بناء حياة سعيدة.
عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب، عليهم السلام، قال: “رأيت أمي فاطمة، عليها السلام، قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني الجار ثم الدار”. ومن المهم جداً تربية الطفل على أن حرمة الجار ليست بأهل أهمية من حرمة الدار، ولذا قالت الزهراء، عليها السلام: “الجار ثم الدار”.
وإذا نظرنا الى أم البنين، عليها السلام، وكيف أنها ربّت اولادها على الشجاعة، والإباء، وهذا ما نجده في اولادها خصوصا أبي الفضل العباس عليها السلام، فقد أخذ الشجاعة من أبيه وأمه أيضا.
إذا لم تكن الغاية المثلى من الحياة هي تربية الرجال الصالحين، والنساء الصالحات، هي الغاية المقدمة على بقية الغايات الأخرى، فإن المجتمع في حالة انحدار، وهذا مع وجود المدارس والفضائيات الدينية، صحيح أنهم حدوا من انتشار الانحراف بين الشباب، لكن الفضائيات لم توقف زحف الانحراف.
إنّ على الأسر والعوائل أن تحوّل بيتوها الى بيوت تشبه بيت السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، وذلك عبر دراسة حياتها، وكيف كانت تربّي اولادها الحسن والحسين، عليهما السلام، ذلك أن الأسرة يجب تبنى على القيم ولذا يجب أن نركز على الاساس والمتمثل في قوله ـ تعالى ـ: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً}، فالبيت حينما يكون مثل بيت الصديقة الزهراء، صلوات الله عليها، يكون بيت الرحمة، والبركة، والايمان، فعلى الأبوين ـ مثلا ـ إقامة صلاة الجماعة في البيت، وإقامة مجلس حسيني، بالاضافة الى التفقه في الدين وما اشبه من سائر العبادات التي من شأنها تحول البيت الى بيت الاستقرار والرحمة، يقول الله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، فماذا ينفع فلا أن يقوم أحدهم بجعل الآخرين من أهل الايمان وعائلته تفتقد الى ذلك؟!
مقتبس من محاضرة للسيد المرجع المدرسي (دام ظله)