ينظر الكثير من الناس الى السعادة على انها مال ومنزل وسيارة فارهة ووظيفة وغير ذلك من الامور المادية وهذا الاعتقاد يحمل من الخطأ الكثير، الصواب هو خلو الانسان من الألم عبر امتلاكه جسم صحيح غير سقيم، بطن مملوءة بالزاد الحلال الذي يحصل عليه الفرد من عرق جبينه، جسد مكسي بثياب تستر عيوبه وعورته، صفاء ذهن وبال غير مشغول ولا قلق ولا نفس متوترة، وبالأخير امتلاكه القناعة التي تعد المآل الى السعادة.
الفيلسوف علي الهويريني يقول: ليس في الحياة الدنيا سعادة، من اين تأتي السعادة للانسان وحياته تبدأ ببكاءه وتنتهي بالبكاء عليه؟
ترتبط سعادة الانسان بمحددات داخلية نفسية كالبساطة والرضا بالمقسوم والقناعة
أما الناس فجميعهم يمثلون السعادة على مسرح النسيان، انا شخصياً اتفق الى حدٍ كبير مع هذا الطرح على اعتبار ان الدار الدنيا هي ليست المستقر ولا سعادة في ممر قلق ومظلم ومليء بالهموم والمصاعب كما المتاعب وان وجدت سعادة فهي سعادة نسبية وفي جوانب معينة وليسن مطلقة.
ماهي العوامل المؤثرة في الشعور بالسعادة؟
ترتبط سعادة الانسان بمحددات داخلية نفسية كالبساطة والرضا بالمقسوم والقناعة فعلى سبيل المثال تجد طبيباً وهو من اعلى الوظائف في مجتمعنا لكنه غير راضٍ عن مستوى دخله، وبالتالي يمارس الجشع على اصوله من اجل استحصال كمٍّ من المال ظناً منه ان سيمده بقدر من السعادة وهذا وهم كبير، بينما تجد موظف خدمة ذو دخل بسيط جداً لكنه راض عما هو عليه ومشبع نفسياً وغاضاً لطرفه عما يملك الناس والنتيجة ارتياح نفسي واطمئنان.
القناعة بما لدينا من مال او منزل او سيارة مهما كان بسيط ففي البساطة راحة وامن نفسي لا نظير له
واخرى خارجية تتمثل بتربية الاهل لابنائهم على الاكتفاء بما يتيسر وسلك الطرق السليمة في سبيل الاستزادة لما اراد الى ذلك سبيلا، وللبيئة التي تكتنف الانسان دوراً في تفسير وفهم السعادة اذا يتدافع الكثير من الناس ويخوضون حروباً مع ذواتهم ومع محيطهم من اجل الظفر بما يعتقدون انه يجعلهم بمستوى معيشة الاخرين ضمن اطار مجتمع معين سيما المجتمعات ذات الدخول العالية فأن افرادها يهلكون انفسهم من اجل الظهور بمنزلة المتمكنين.
كيف تُسرق السعادة؟
هذا السباق المحموم الذي يخوضه الانسان نحو السعادة الوهمية تبرز مشاكلات جمة فتغيب السعادة ويعيش الفرد في وهم قاتل، ومما يسرق السعادة من الانسان اشياء خمس هي:
- رغبة الانسان في فرض نفوذه وسيطرته على من حوله وتسخير كل مافي المحيط لخدمة اهدافه وبالتالي تحقيق السعادة مما يؤدي الى ظرب الكثير من القيم والثوابت وحين يفقد الانسان ثوابته سيصبح هامشياً فاقداً للأهلية الطبيعية وفاقداً للقيمة ايضاً.
- مقارنة الانسان لأقارنه يجر الانسان للشعور بالغيرة والحسد تجاههم وبذا يجهد الانسان نفسه في متابعة الاخرين دون ان يحظى بشيء من السعادة على سبيل المثال يشغل احد الطلبة نفسه بالمقارنة بما لدى قرينه من معدلات بدل ان يستثمر وقته وجهده من اجل الحصول على معدلات علمية عالية.
- التركيز على الذات والاحتياجات والرغبات بمعنى تضخم الأنا لدى الانسان مما يجعل غشاوة على عينيه تحجب عنه رؤية الاشياء على حقيقتها وهذا الحجب من شأنه ان يبقي الانسان بعيداً عن السعادة لكونه غير واقعي.
- رغبة الانسان في العيش في منطقة الراحة فقط، وبالتالي عدم بذل اي جهد يمكنه ان يخرجه من منطقة الراحة مما يجعله يعيش بين الحفر لتهيبه صعود الجبال.
- الصورة المثالية التي يضعها في مخيلته لطريقة الحياة التي يريد ان يعشها ستجعل منه لاهثاً من اجل تحقيقها وحين لا يتمكن من التحقيق سيصاب بالخيبة مما يجعله تعسياً لا سعيداً.
كيف يمكن ان نحقق سعاة نسيبة نحن البشر؟
ثمة امور نعتقد انها يمكن ان تمنح الانسان شيء من السعادة التي تجعل الانسان يعيش راحة نفسية وهي:
- الايمان بالله ـ تعالى ـ وان ما يواجه الانسان هو ارادة الله وتخطيطه للبشر فلا داعي للجنوح الى اتباع الطرق الغير شرعية من اجل الحصول على ما يعتقد انه يمد الانسان بالسعادة.
- القناعة بما لدينا من مال او منزل او سيارة مهما كان بسيط ففي البساطة راحة وامن نفسي لا نظير له.
- الدوبامين الذي يوصل الايعازات الكيميائية الخاصة بالعادة الى الدماغ الانساني ويتعلق بالتحفيز والمكافئة، اذ ان انتاج كميات اكبر من الدوبامين يخلق شعوراً بالسعادة بالمقابل ترتبط المستويات المنخفضة من الدوبامين بانخفاض الحافز وانخفاض الحماس للأشياء التي من شأنها تقلل من مستوى السعادة.
- وممارسة الرياضة تعزز مستويات هرمون الاندورفين المسؤول عن تخفيف التوتر وتحسين الحالة المزاجية للانسان، وانا شخصياً جربت في ان العب كرة قدم حين اشعر بالضيق فيزيل الكثير منه ويتحسن مزاجي بصورة سريعة، وبهذه الامور يمكن للانسان ان يحظى بجزء من السعادة وهذا هو المراد.
اتفق معك تماما.
السعادة اضغاث احلام ان ابتعدت عن الإيمان والرضا.