من بابِ فاطمةَ الزهراءِ للشرفِ *** تعمى العيونُ لها حزناً وليس تَفي
ومن رحىً تطحنُ الأيامَ دائرةً *** ولا تزالُ تلفُّ الدهرَ بالأسفِ
أعيى النهاراتِ بالناعينَ مصرعُها *** كأنّ شمسَ الضحى في محبسِ السدفِ
والليلُ أودعَ في تابوتهِ قمراً *** وسارَ بالناسِ محمولًا على الكتفِ
يا للظلامِ أبيتُ الليلَ مغترباً *** عن كلِّ واعيةٍ في عالمٍ خَرفِ
ليلُ العباءةِ يا أماهُ أسطعُ لي *** مِمّا أنا فيه من عيشٍ بلا هدفِ
خذي يديّ صغيراً واحمليني إلى *** قبرِ الحسينِ بدمعٍ منكِ منذرفِ
وحدثيهِ وقولي يا ابنَ فاطمةٍ *** صنِ الصغير وآويهِ إلى كنفِ
وأججّي كربلاءاتٍ على صغري *** وهدهديني ابتهالاتٍ من الصحفِ
ودُوْري بيْ في كثيرٍ من مشاعِلها *** حتى أرى ضوءَها في كلِّ مُنعطفِ
ففي الطفولةِ أقباسٌ ترافقني *** عمراً وتكمنُ سرّاً غيرَ منكشفِ
أحتاجها لجراحي وهي نازفةٌ *** كيّاً وتقطعُ رأسَ الشرِّ وهو خفي
وعودي بي إن في كوفانَ لي أثراً *** وحِرفةً يشتهيها كلُّ مُحترفِ
وقربيني إلى إزميل حيدرةٍ *** لأستوي رجلاً من مُتحفِ النجفِ
يا بابَ فاطمةٍ ما سرُّ أسئلتي *** أنْ تُبتلى شاخصاتُ القصدِ بالصدفِ
لِمَ الأزهاير لا تعتاشُ مُطلِقةً *** عبيرَها وتناغي الأرضَ في هيفِ
لِمَ الصحائفُ في التأريخ ناقعةٌ *** أوراقهُا بمدادِ القهرِ والقَرفِ
لِمَ الذي باتَ طه في رعايته *** معذب و بنو الطغيان في ترفِ
لِمَ التي كلما تُتلى مصائبها *** على الحِجى قالت الأيامُ وا أسفي
لم التي ما لها قبرٌ وقد جعلتْ *** خيرَ القلوبِ مزاراتٍ من التُحفِ
يا بابَ فاطمةٍ لم تقتبسْ لغتي *** إلا نزيراً ، وصغرى كفُّ مُغترَفي
إني لمعتذرٌ في كلِّ مُعتذَرٍ *** إني لمعترفٌ في كلِّ مُعترَفِ
ألمْ تري أنني للآنَ سيدتي *** أخاطبُ البابَ محنيّاً ولم أقفِ
برغمِ ما أدّعي من مُستقيمِ فمي *** ومن فصاحةِ قولٍ غيرِ مُنحرفِ
أكون أعيى أنامِ الله لو نظرت *** عيني ولم أرتجفْ في سوحِ مُرتجفِ
لكنَّهُ الفيضُ أهدى مقولي درراً *** من المديحِ لمَنْ جبريلُ فيهِ حفي
لإنكِ الكوثر العالي ويخجلني *** أنيّ أراهُ ولم أخجلْ ولمْ أخفِ
إنَّ النبوّةَ في أعلى مراتبِها *** قد اصطفتكِ لها أمّاً لخيرِ صفي
وفي الإمامةِ أنتِ الأصلُ واهبةً *** ريحانتينكِ لمحرومٍ من اللُطفِ
ومَنْ لقلبِ عليٍّ غيرُ فاطمةٍ *** ليزرعَ الدهرَ ريحاناً من الشغفِ
لو كرهُ كلِّ بني الإنسانِ في طرفٍ *** لزالَ من حُبِّهِ لو كان في طرفِ