وسط عالم مليء بالصعوبات والمشتتات نحتاج ان نرفع اعيننا عن الارض صوب نقطة اعلى لكي لا تلوثها من ادرانها، الامر ليس هيناً بالمرة لكنها حاجة اعدها ضرورية للاستمرار معافين نفسياً، من اجل ذلك نغض الطرف احياناً والسمع احياناً اخرى ونتجاهل احياناً كثير، فالتفتيش في الجزئيات والتركيز عليها يفقدنا جمالية العموميات وهذا بدوره سيقودنا الى حياة بليدة وغير مريحة بلا روح يكون العيش فيها عد لأيام وليال لا اكثر.
قدرة الانسان على التخطي تعرف بـ(التجاهل) الذي انا شخصياً اراه فن لا يستطيع الجميع اتقانه، اذ يعبر عن امكانية الفرد ونجاحه بالابتعاد عن كل شيء يجعل المزاج سيئاً والبحث عما يكون حلاً للأزمة الحالية، والذكاء يمكن في تجاهلنا للأمر وعدم شغفنا في البحث عن المسببات الخاصة به والاغراق في التفاصيل المرهقة.
يحدث التجاهل حين تُمس كرامة الانسان فيحاول هنا اثبات ذاته وشخصيته ورد الاعتبار له، وهذه الطريقة ناجحة الى حد بعيد في الاتيان بنتائج ايجابية ومفيدة وربما التجاهل في مثل هذه الحالات ايجابي ومحمود
في حالات اخرى يخرج التجاهل من كونه تسامي او تعالي على الواقع المرير الى وسيلة عقابية متعمدة وبذا يتحول الى سبب للأذى النفسي والعصبي الى الطرف المراد تجاهله، ففي حالات كثيرة يحدث ان يتجاهل شخصاً لشخص اخر بداعي ابتزاز عواطفه والحصول على ما يريد منه، كما قد يكون وسيلة للفت الانتباه وكسب الاهتمام كما في الكثير من الحالات سيما في الوسط الشبابي.
هل للتجاهل انواع؟
مما سبق نستطيع التميز بين ثلاثة اصناف من التجاهل:
الاول: تجاهل تكتيكي ممنهج مخطط له والدافع له كسب الرهان لاحد الطرفين الذين بينهما صراع وتحدي، وهنا يسود العناد والتمسك بالراي والاعتداد بالنفس من الطرفين وان كان احدهما او كليهما على خطأ، فيستجيب الاضعف ويرضخ للأقوى وهذا ما كان سبباً في هذا التجاهل اساساً.
الثاني: اما التجاهل من النوع الآخر فهو وسيلة عقابية تستخدم بكثرة في الكثير من المواقف، وفي هذا النوع يُستخدم التجاهل ليكون عنصر ضغط على الشخص المعاقب للظفر بما يريد منه او لتجنب تكرار بعض الأمور في المستقبل، وفيه يتوقف الشخص عن ذلك التجاهل المتعمد عند اعتذار الطرف الثاني.
الصنف الثالث: يكون الشخص غير مكتفٍ برفضه للأحداث الحالية فقط، بل أنه لا يعترف بوقوعها في الحقيقة وهذه هي الحالة الأصعب لكون الدافع للفعل مجهول، وهنا يصعب ايجاد الحلول المناسبة مما يجعل الامور تتعقد اكثر، وربما هذا النوع من التجاهل قليل الحدوث بالمقارنة بالنوعين السابقين لكننا لا نستطيع نكران وجوده.
ماهي الاسباب التي تجعل الشخص يتجاهل؟
يعمد الانسان الى التجاهل المتعمد في الحالات التالية:
- احساس المتجاهل بأن الشخص الذي يتم تجاهله غير مهتم به بنفس الكمية من الاهتمام الذي يوليه اياه، وبالتالي يلجأ إلى التجاهل كنوع من ردة الفعل على ذلك وهذا التجاهل بداعي الحب ولكن يظهر على شكل عدوان وعنف.
- يحدث التجاهل حين تُمس كرامة الانسان فيحاول هنا اثبات ذاته وشخصيته ورد الاعتبار له، وهذه الطريقة ناجحة الى حد بعيد في الاتيان بنتائج ايجابية ومفيدة وربما التجاهل في مثل هذه الحالات ايجابي ومحمود.
- يعمد الانسان الى التجاهل حين يشعر بأن المقابل يستغل مشاعره للظفر بمصلحة معينة ولا يريد من العلاقة معه ان تستمر انما يخطط لإنهائها مع نهاية المصلحة.
- يتجاهل الانسانُ الانسانَ الآخر حين يشعر انه تكبّر عليه في محاولة لكبح جماح تكبره وايقافه من التصرف بهذه الكيفية.
- الأنانية وحب النفس الشديد التي تجعل طرف يهتم بمصالحه الشخصية هو فقط دون الالتفات للطرف الآخر هو الاخر سبب للتجاهل ايضاً.
- السبب الاخير الذي يدفع باتجاه التجاهل هو وعدم الاستقرار على المستوى العاطفي واحساس الفرد بمشاعر متناقضة في نفس الوقت فلا يعرف كيف يتصرف.
كيف يواجه التجاهل غير المنطقي او المرضي؟
حتى لا يكون التجاهل موضة شائعة يميل اليها الناس عامة والمراهقين والشباب خاصة ينبغي ان نتعامل معه على النحو التالي:
- نقوم بتجاهل مضاد في حال صمم الآخر على تجاهله وعدم السماع لوجهة نظرنا لتوضيح فكرة معينة او فهم خاطئ حصل، واشعارنا بأننا نستطيع التجاهل بالمثل وليس له فضل علينا او سيف على راقبنا فالجميع متساوون في كل شيء.
- يُفضل الابتعاد عن العتاب لأنه ليس له محل من الاعراب، بل في بعض الاحيان يزيد من الاصرار على الفعل، وبهذه الخطوتين البسيطتين يشعر المتجاهل المغرور بأنه سحره انقلب عليه و يمكن ان يكف عن تجاهله.