يقول الله ـ تعالى ـ: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.
إنّ التكبر مرض شيطاني يصيب النفس الإنسانية فيسبب لها المشاكل الكثيرة، لذا فقد تعرض القرآن الكريم لهذا الخلق السيئ والمرض الخطير، لافتاً نظر الناس إليه والتنبه له من أجل الحذر منه ومعالجة النفس من هذا المرض.
فما هو سببه؟
وما هي آثاره؟
التكبر هو إعجاب النفس بذاتها، كما أنه محاولة النفس جبران ضعفها، بالاعتقاد بالقوة، ذلك أن التكبر إنما ينشأ من نقص داخلي في شخصية الإنسان، ذلك النقص الذي يكون شعور بالضعة والإحساس بالحقارة، فيتكبر الشخص ويتجبر على الناس في محاولة منه لتغطية نقصه الداخلي الذي يعيشه بمظهر التعالي والتكبر.
التكبر هو إعجاب النفس بذاتها، كما أنه محاولة النفس جبران ضعفها، بالاعتقاد بالقوة، ذلك أن التكبر إنما ينشأ من نقص داخلي في شخصية الإنسان، ذلك النقص الذي يكون شعور بالضعة والإحساس بالحقارة
جاء عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: “مَا مِنْ رَجُلٍ تَكَبَّرَ أَوْ تَجَبَّرَ إِلَّا لِذِلَّةٍ وَجَدَهَا فِي نَفْسِه” وقال أيضاً: “مَا مِنْ أَحَدٍ يَتِيهُ إِلَّا مِنْ ذِلَّةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ”.
فهذا هو السبب الذي يجعل الإنسان يتكبر، فلابد من التخلص منه ومعالجة حالة التكبر وذلك لما فيها من أضرار كبيرة على الإنسان مما يسبّب له مشاكل كثيرة، ومن الآثار التي يخلفها التكبر؛ إنه يمنع الإنسان من سد النقص الذي عنده ويحجبه عن الزيادة والارتقاء، كما يمنع عنه العلم، ويجعله منطوٍ على نفسه ولايستفيد من الناس، حيث ان الإنسان المتكبر لا يمكن أن يقبل كلام الآخرين، لأنه سوف يحمله على أسوأ المحامل الممكنة.
ان نصيحة الناس بالنسبة إليه مكر وخداع، وإن تربية الآخرين مؤامرة، وإن تعليم الناس له ما هو سوى شبك ومصيدة، كما يدفعه التكبر إلى الحذر ورفض كل شيء خوفا من ضرره بكيانه.
فهو يرفض الاستماع إلى الناس خشية تحطيم هالةَ كبريائه، وهو يرفض التبصر والتعلم خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى كشف أخطائه، وبالتالي إهانة ذاته، وهو يرفض كل إقتراح يوجه إليه، حذراً من مساسه بشخصيته.
ان التكبر يمنع الإنسان عن معرفة آيات الله وعن ادراك الحقيقة والاهتداء لها، ويبعده عن سبيل الرشاد
وإن التصعر الذي تذكره الآية {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} هو حالة لدى الإنسان تشير إلى عدم اهتمامه بالآخرين تكبراً عليهم، فيعتبر نفسه أسمى من غيره، ولا يعير لآراء الآخرين أهمية تذكر، فلا يتعاون ولا يتشاور ولا يستفيد ولا يفيدهم في فكرة أو شيء آخر، بل من فرط تكبره على الناس، تراه لايهتم بما يلحق به من الضرر في انعزاله عنهم.
كما ان التكبر يمنع الإنسان عن معرفة آيات الله وعن ادراك الحقيقة والاهتداء لها، ويبعده عن سبيل الرشاد، ويقربه من طريق الضلال كما يقول ـ تعالى ـ: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ}.
وإن التكبر من الأخلاق الذميمة التي يبغضها الله ويبغض صاحبها فقد قال ـ عزوجل ـ: {إِنَّ اللَّه لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.
فضلاً عن أن التكبر هو ظلم للآخرين بسلب حقوقهم المعنوية وقد يؤدي إلى ظلمهم وسلب حقوقهم المادية، وان الظلم يؤدي إلى نار جهنم، فلذلك التكبر يؤدي بصاحبه إلى النار قال ـ تعالى ـ: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}. فبعد معرفة ذلك يكون حري بنا أن نسعى جاهدين للتخلص من هذا الخلق السيئ والمرض الخطير الذي يفتك بنا ويحطم شخصياتنا، وان نأخذ بآيات القرآن الكريم ونطبقها والتي تريد أن توصلنا إلى الارتقاء باخلاقنا وسلوكنا وإيجاد الشخصية المتكاملة والخالية من جميع الصفات والأخلاق السيئة.
المصادر
١- المنطق الإسلامي، سماحة المرجع المدرسي.
٢- بينات من فقه القرآن، سماحة المرجع المدرسي.