يُعد مفهوم الانتظار حالة فردية هذه الأيام، ولهذه الأمة الإيمانية المُحقة؛ لاننا نؤمن بالإمام المهدي المنتظر، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، الذي ولد في سامراء عام٢٥٥هـ وغاب في السرداب بعد أن صلى على جنازة والده الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، وهو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت، عليهم السلام.
ومنذ ذلك الحين تنتظر طوائف شريفة وهذه الطائفة الشريفة المحقة في عقائدها تنتظر ظهوره وتدعو له بالفرج والمخرج وتوعده بالنصر اذا ظهر الأمر، وكلما كانت الأيام حالكة، والظلم اكبر عليها تجأر الى الله بتعجيل الفرج لامامها.
هذه الفكرة، والعقيدة، والثقافة يعيشها كل واحد منّا حسب مستوى تفكيره و ايمانه الشخصي، وهو مختلف من شخص إلى آخر، ولكن لم تصبح هذه الحالة من الانتظار إلى حالة اجتماعية، ومن ثمّ تكون ثقافة مجتمعية مصبوغة بالانتظار لصاحب الأمر، لان الجميع تراهم يلهجون بذكره الشريف ويدعون له بالفرج، ويعقدون المجالس والمحافل للدعاء، ومنها؛ دعاء الندبة، ويكون هذه حالة المجتمع كله لا حالة بعض الأفراد منه، عند ذلك نكون قد حققنا فكرة ثقافة الانتظار في مجتمعاتنا المؤمنة.
مفهوم الانتظار ليس سلوكا سلبيا؛ ولايعني الجمود والعزلة السلبية قطعا، ولا الكسل والتكاسل عن أداء المهام الاجتماعية، والدينية؛ ولا التهرب من تحمل عناء المسؤولية؛ ولا التقاعس والتأفف والتحسر والاسى والتاسف على الماضي، ولا اليأس والقنوط من الحال والمسقبل
فمفهوم الانتظار ليس سلوكا سلبيا؛ ولايعني الجمود والعزلة السلبية قطعا، ولا الكسل والتكاسل عن أداء المهام الاجتماعية، والدينية؛ ولا التهرب من تحمل عناء المسؤولية؛ ولا التقاعس والتأفف والتحسر والاسى والتاسف على الماضي، ولا اليأس والقنوط من الحال والمسقبل.
كلا؛ ليس هذا ما اراده قادة هذا الدين العظيم؛ وليس هذا ما عناه رسول الله وأهل بيته المكرمين من الانتظار؛ بل تتجلى حقيقة الانتظار في الامل والمواجهة والصمود في وجه زخارف الدنيا وأهواء النفس الامارة، وطغيان الحياة المادية المعاصرة وملهياتها، وملذاتها التي حرمها الله ـ تعالى ـ وذلك تمسكا بالكتاب الكريم والعترة الهادية.
فالانتظار أمل وتفاؤل وحسن تفكير، وإصلاح للنفس ودعوة الى الصلاح، وكفاح وجهاد مع النفس، وصدود عمّا حرم الله ـ تعالى ـ واقبال على الدين الحق، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وجدال بالتي هي أحسن، واعداد واستعداد للنهوض بالاعباء؛ وحمل الأمانة؛ واداء الفرائض، وتربية النفس وتهذيبها، والعود بها نحو الكمال، والتزين بمكارم الأخلاق؛ واجمل الخصال، ليكون أسوة يشار إليها بالبنان.
وهو ـ الانتظار ـ فعل إيجابي، وليس ردة فعل سلبية، ولها اثرها الكبير والخطير في المجتمع إذ يكون المنتظر من اكبرعناصر المجتمع الواعي والفاعل والقدوة الصالحة والادعية الى الله ورسوله وإمامه المنتظر بالفعل والعمل الصالح، فيعطي الحياة دفعا معنويا؛ واملا كبيرا في الصلاح والإصلاح الاتي في قادم الأيام مع المصلح العالمي ودولته العادلة ومجتمع المقسط بالحق.
وبذلك نفهم كل تلك الروايات والأحاديث الشريفة التي تشجع على الانتظار وتصفه بأنه عبادة، وانه دعاء، وانه صبر وتحمل وجهاد مع الإمام، بل وشهادة بين يديه وفسطاطه؛ اوحتى بين يدي جده رسول الله، صلى الله عليه وآله، ولهم اجر الف شهيد من شهداء يوم بدر، لأنهم صبروا وتحملوا وامنوا بالغيب المحض، وقدموا كل ما لديهم فداءً لدينهم وعقيدتهم التي اخذوها من الكتاب الكريم، والعترة الطاهرة، ولم يهنوا او يضعفوا رغم تقادم الأزمان، وتكالب الأعداء عليهم، ولاسيما في عصر الحضارة الرقمية الشيطانية.