الهدى – وكالات
على وقعِ الفضائح المتتاليّة التي تثيرها مصادر محليّة في أغلب الأحيان، أعلنت سلطات الرياض عقوبة السجن لمدّة عشرين عاماً وغرامة مليون ريال لكل من يقوم بنشر وثائق سريّة أو إفشائها.
قرارٌ جديد يُظهر هستيريّة النظام السعودي في قمع الأصوات المعارضة، كي تبقى له الكلمة الفصل في كافة شؤون البلاد، ناهباً خيراتها، ومبدّداً ثرواتها في أهواء الأمراء ومغامراتهم التي لا تنتهي، في المقابل يسجّل الدخل الفردي مزيداً من التراجع.
وفي ظل انتشار الفساد والهدر الذي تفضحه عشرات الصحف والمواقع العربية والعالمية، حذّرت النيابة العامة السعودية من جريمة تسريب المعلومات السريّة والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عشرين سنة وغرامة مليون ريال. (1 ريال سعودي يساوي 0.27 دولار أمريكي).
وبحسب صحيفة “عكاظ” التابعة للنظام السعودي، تصبح هذه “الجريمة” بحسب وصفها من “الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف إذا كانت عبارة عن نشر أو إفشاء الوثائق والمعلومات السرية”، وكذلك “الشروع أو الدخول لموقع غير مصرح بالدخول بقصد الحصول على وثائق أو معلومات سرية، بالإضافة لإتلاف أو إساءة استعمال وثائق سرية مع علم مرتكبها بأنها تتعلق بأمن الدولة أو بأي مصلحة عامة بقصد الإضرار بمركز الدولة العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي”.
النيابة اعتبرت أنه من “الجرائم الكبرى كذلك الإخلال بالمحافظة على سرية المعلومات والوثائق” وأكّدت أنه من بين الجرائم الكبرى كذلك كل من حاز أو علم بحكم وظيفته عن معلومات أو وثائق سرية فأفشاها أو نشرها دون سبب مشروع مصرح به نظاماً.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى حجم الثروة الفاحشة التي يستحوذ عليها ابن سلمان، إذ يؤكد مراقبون أنه أهدر مئات مليارات الدولارات من أموال الشعب السعودي، كاستثمارات غير مجدية، سيما في شراء صحف وأقلام أمريكية وأوروبية وتأسيس مجموعات ضغط لتحسين صورته في الخارج، وأيضاً بدّد ثروات البلاد على شراء القصور والغواني واليخوت والطائرات الخاصة، عدا عن الهدايا والرشاوى التي يقدّمها للمسؤولين الغربيين ليغضّوا الطرف عن جرائمه المروّعة في العالم الإسلامي. يتصل ذلك في تراكم خسائر خطة 2030 الاقتصادية بما في ذلك الفشل في إدارة المشاريع الثلاثة الرئيسية: مدينة نيوم، مدينة الترفيه، ومشروع البحر الأحمر السياحي.
كما سبق وتعهّد محمد بن سلمان بإنفاق ما لا يقلّ عن 40 مليار دولار سنوياً في الداخل حتى عام 202 لإنشاء مدن ومنتجعات جديدة توفّر 1.8 مليون فرصة عمل، إلا أنه وفق خبراء لا تزال وتيرة البطالة آخذة بالارتفاع.
هذا بالإضافة إلى سجّله السيء في ارتكاب الجرائم المروّعة بحق نشطاء ومعارضين سواء داخل البلاد أو خارجها، فقد سبق أن كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن تفاصيل مروّعة بشأن سجل محافظ صندوق الثروة السيادية السعودي ياسر الرميان المقرب من محمد بن سلمان.
الصحيفة قالت إن وثائق داخليّة سعوديّة سريّة مرفوعة إلى محكمة كندية تظهر صلته بقضية حملة مكافحة الفساد الشائنة بـ2017، مبينةً أن واحدة من 20 شركة استولى الرميان عليها كانت شركة طائرات مستأجرة استخدمت بمؤامرة السعودية لقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ولا تقتصر شرور النظام السعودي على “السعودية” إنما تمتد لتشمل المنطقة برمّتها وبالأخص دول محور المقاومة التي تستفحل الرياض في دفع هذه الدول للاقتتال الداخلي، كي تنحرف عن بوصلة المقاومة.
وجزء من تاريخ طويل في التآمر على دول الجوار سرّبته جريدة الأخبار منذ أشهر، كشفت فيه عمل ثامر السبهان السرّي على ملفات تخصّ شراء مؤسسات إعلاميّة أو حصص في مؤسسات إعلامية لبنانية وعراقية بين العامين 2016 و2019، ضمن استراتيجية قرّرها فريق محمد بن سلمان لتعديل نوعية النفوذ السعودي في وسائل الإعلام الحليفة أو الصديقة، كان عنوانها التخلي عن برنامج الدعم غير المنظم واستبداله بدعم مشروط بالحصول على أسهم في أصول هذه الشركات.
وقد جرى إسناد المهمة والإدارة إلى “المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق”، وهي المؤسسة الأكبر سعودياً على صعيد الملكية والنشر وامتلاك امتيازات لنحو 14 مطبوعة وأسبوعية وشهرية.
وقد تولت شخصيات سعودية إدارة عملها، من بينها أحمد بن عقيل الخطيب من المؤسسة العامة للتقاعد والأعضاء عزام بن محمد الدخيل وعبد الرحمن بن حمد الراشد وعبد العزيز بن حمد الفهد. وقد عملت هذه المجموعة على الأخذ بتوصيات غير مسجلة في البريد الرسمي قدّمها السبهان ومسؤولون أمنيون ودبلوماسيون لشراء حصص في شركات ومؤسسات إعلامية لبنانية وعراقية على وجه التحديد. وكانت التوصيات ترد على شكل تعليمات من الديوان الملكي.
وفي وقتٍ آخر، سرّبت “الأخبار” أيضاً حلف العداء لإيران المسمى “الناتو العربي” أو “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، والذي أطلق في خضمّ حملة “الضغوط القصوى” على طهران.
وبدت “السعودية”، آنذاك، الأكثر حماسة لهذا المشروع إيماناً منها باستراتيجية ترامب، فوضعت كلّ بيضها في سلّته، بحسب تعبير الصحيفة التي بيّنت في الوثائق المسرّبة كم أن الرياض “كبّرت” آمالها بما يخالف الواقع، ليتبين لاحقاً عمق الخلافات بين الأطراف الذين أريد تكوين جبهة موحّدة.