في هذا المعترك الحضاري حيث اختلط الحابل بالنابل والحق بالباطل يقيّض الله ـ تعالى ـ لهذه الأمة خاصة، ولهذا الخلق العالم عامة راية لتدلهم على الاتجاه الصحيح والطريق السليم تلك الراية التي حاول أئمة الجور واشياعهم وأتباعهم ان يدفنوها مع صاحبها بشط الفرات، إلا انها كانت راية عصية على الجميع.
فكانت كلما اشتد الظلم والجور وحاولوا دفنها وطمسها رفعها الله واعلاها من جديد تلك هي راية الحق والعدل والشهادة راية الإمام الحسين، عليه السلام، وهنا نعود لرواية السيدة زينب، عليها السلام، ووصفها للوحة الجمال الحسينية العاشورائية: “مارأيت إلا جميلا”.
فراية الإمام الحسين، عليه السلام، هي الراية، التي رفعها الله يوم رفع الأشقياء ذاك الراس الجميل له على رمح طويل راح يقرأ آيات القرآن ويُرتل سورة الكهف الجميلة، فمن يستطيع أن يُنكِّس رايةً رفعها الله وركزها جبراييل، وأنبتها رسول الله، صلى الله وآله، وسقاها سيد الشهداء بدمه الطاهر الزكي.
زيارة الأربعين قوّة الأمة وعزتها عندما ترفع راية المظلوم، فإن كل المظلومين والمضطهدين والمستضعفين ستلتف حولك وتسعى إليك، لأنك تكون صوت العدالة ونداء الانسانية في البشر
زيارة الأربعين قوّة الأمة وعزتها عندما ترفع راية المظلوم، فإن كل المظلومين والمضطهدين والمستضعفين ستلتف حولك وتسعى إليك، لأنك تكون صوت العدالة ونداء الانسانية في البشر، ولهذا عندما صرخ ونادى المولى السبط سيد الشهداء في تلك الصحراء المقفرة وما سمعوه، بل كتموا أنفاسه الطاهرة وقطعوا أوداجه التي كانت تضخ الحب والسلام في بني آدم ليرض المجرم العتل الزنيم ابن مرجانة وسيده الشرير ابن ميسون يزيد السلطان الغشوم الذي شوه الحياة بفسقه وفجوره وتهتكه واستهتاره بالحقوق والدماء والأعراض والأموال المعصومة منه، فانتهكها كلها ظلما وعدونا.
فالإمام الحسين، عليه السلام، بعد أن قُتل جميع اهله وأبنائه وأصحابه وقف وحيداً فريداً يقاتل ويدافع عن ثقل النبوة، وحرم الولاية الربانية من تلك الوحوش المضاربة التي ملأت الفلاة ومنعوهم من ماء الفرات، فما عساه أن يفعل إلا أن يصرخ طالبا النصرة فنادى ـ روحي فداه ـ بأعلى صوته: “هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله، صلى الله عليه وآله”؟ بهذه الكلمات نادانا الإمام الحسين، عليه السلام، فلبينا وطلب النصرة فزحفنا اليه بالملايين.
انه لسان حال رسول الله صلى الله عليه وآله وحفيده ورافع رايته وناشر رسالته في العالمين لأن الدين الإسلامي محمدي الوجود حسيني البقاء والخلود، وما مسيرة الأربعين المظفرة والمليونية جديدة في كل عام نؤديها لسيدنا ومولانا وقائد مسيرتنا المهدي المنتظر، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، قائلين له نحن على العهد باقون ولظهورك من المنتظرين، ولك ولجدك المظلوم سيد الشهداء ناصرون، وهذه المسيرة هي مسيرة، عز، وفخر، وشرف، وكرامة وذخر لهذه الأمة التي قتلت ابن بنت نبيها لأجل دعيها وفاسقها وحاكمها الفاسق الفاجر ومازالت مصرة علي جريمتها تعبد السلطان وتعصي الرحمن.
ورسولنا قال لهم: “لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق”، ولكن شياطينهم اخترعوا لهم روايات تذلهم وتهينهم ليخضعوا للسلطان الغشوم الظلوم فلم يبقَ من الأمة إلا انتم يا عشاق الإمام الحسين، عليه السلام، وتبقى زحوفهم المليونية المباركة شوكة في عيون الاعداء فهم في حيرة من أمرهم فماذا يفعلون بكم؟ وما السبيل ليُخرِجوا الإمام الحسين من قلوبكم وبيوتكم وعقولكم وافكاركم وحياتكم.
وهنا تتجلي قوة الأمة وعظمتها وعزتها لأن الذي يستطيع أن يجند اكثر من خمس وعشرين مليون لياتوا اليه زحفاً على الأقدام بمسيرة وتظاهرة ومؤتمر عفوي قيمي حضاري يمتد لأكثر من خمسمئة كيلو متر، يتصل ليلهم بنهارهم لايخافون أحدا، ولا أحد يعتدي على أحدا، والكل يتمنى الخدمة ليكون من خدام ذاك الإمام القائد سيد الشهداء، عليه السلام.
في زيارة الاربعين تتجلي قوة الأمة وعظمتها وعزتها لأن الذي يستطيع أن يجند اكثر من خمس وعشرين مليون لياتوا اليه زحفاً على الأقدام بمسيرة وتظاهرة ومؤتمر عفوي قيمي حضاري يمتد لأكثر من خمسمئة كيلو متر
فبوركت مسيرتكم وبورك جهدكم وجهادكم أيها الحسينيون الأبطال يا من ترسمون أرقى وأنقى لوحة للجمال في العالم في مسيرتكم المليونية، التي لو سمح لها لتواصلت لآلاف الكيلو مترات فلربما كان أولها في كربلاء، وآخرها في مشهد غريب الغرباء في أقصى خراسان عند الإمام الرضا، عليه السلام.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى إخوة الحسين، وعلى أصحاب الحسين عليه السلام ورحمة الله والسلام على أخيه ابي الفضل العباس واختهم زينب عقيلة الهاشميين ورحمة الله وبركاته.
والسلام على كل الحسين في كل زمان ومكان والسلام عليكم واخيراً دعوانا أن الحمد لله رب العالمين على نعمة الخدمة للإمام الحسين عليه السلام.