لم تكن مسيرة الإمام الحسين، عليه السلام الى كربلاء تنصب حول الخروج على الطاغية يزيد وحسب، بل كان خروجا لاحياء معالم الدين في مختلف الأطر والمجالات، الاجتماعية، والسياسية، والأخلاقية وما أشبه.
من الأمور التي لطالما أكد عليها الإمام الحسين، عليه السلام، وجعلها مائزا بينه وبين جيش العدو هي أداء الصلاة وإقامتها، وقد شكّلت محورا أساسيا في هذه معركة عاشوراء وما تبعها.
نقرأ في زيارة ـ وارث ـ الإمام الحسين، عليه السلام، هذه العبارة المليئة بالمعاني العميقة لمن تأمل فيها، فبعد السلام عليه، تأتي هذه العبارة مباشرة: “اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ اَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ”.
فالإمام الحسين، عليه السلام، قد أقام الصلاة بحدودها ووصل الى الغاية التي ترنو إليها هذه العبادة ذات الأهمية الكبيرة في الدين.
نحن والصلاة في زيارة الاربعين
يقول الله ـ تعالى ـ: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
خلق الله ـ تعالى ـ الانسان وخلق معه كوامن الخير وكوامن الشر، فالكوامن الشريرة تنبت بالذنوب والمعاصي، واقتراف السيئات، أما كوامن الخيرة فتنمو بالفضائل والمَكرُمات والعبادات.
ومن العبادة التي تسمو بالإنسان الى درجات عالية، وتقف حائلا بينه وبين ارتكاب المعاصي والموبقات، هي الصلاة يقول الإمام علي، عليه السلام: “الصلاة حصن من سطوات الشيطان”.
وما يجعل للصلاة مفعول كبير، وتأثير عميق في النفس حينما تكون مرتبطة بالإمام الحسين، عليه السلام، فعندما نتذكر أن الإمام الحسين طلب من الأعداء ليلة العاشر المهلة لتلك الليلة، حتى يتمكن الإمام واصحابه من احياء تلك الليلة بالصلاة وقراءة القرآن الكريم، حتى اصبح دويّهم كدوي النحل بين قائم وراكع وقارئ لآيات الله.
ما يجعل للصلاة مفعول كبير، وتأثير عميق في النفس حينما تكون مرتبطة بالإمام الحسين
وموقف آخر للإمام الحسين، عليه السلام، هو يوم العاشر من المحرم أيضا حينما طلب المهلمة لأداء صلاة الظهرين، ومع أن الاجواء المحطية بالإمام لم تكن مهيأة لإقامة الصلاة، لكنه عليه السلام، أقامها وقدّم شهيد لقاء ذلك.
ونحن نعيش ذكرى أربعينية الإمام الحسين، عليه السلام، وفيها من العبر الكثير والكثير، لكن ما نـأخذه ـ هنا ـ اداء الصلاة واقامتها، فالزائر الذي يمشي مئات الكيلو مترات يضع نصب عينيه معالم الدين التي خرج الإمام الحسين، عليه السلام، من اجلها، والتي تمثل الصلاة جزاء مهما وأساسيا فيها، فأداء الصلاة في أوقاتها يمثل جانبا مهما في مسير الزائر الى كربلاء الحسين.
فمما يجدر بالزائر الذي يمشي الى كربلاء أن يمزج تعبه وارهاقه بالإسراع الى الصلاة في اوقاتها، والتي تمثل راحة البدن والنفس في آن واحد، وما يتميز به الزائر الحسيني عن غيره هو الالتفات الى أداء هذا الركن المهم.