في خطبة الوداع للإمام الحسين عليه السلام في مكة التي أعلن فيها عن بدأ ثورته تبعث بعدة رسائل والخطبة هي: “بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وما شاء الله، ولا قوة الا بالله، وصلى الله على رسوله، وعلى آله وسلم.
خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى اسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخيِّر لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغبى، لا محيص عن يوم خُط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقر بهم عينه، وينجز له بهم وعده.
ألا فمن كان باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإنني راحل مصبحاً إن شاء الله.”
أكد الإمام الحسين عليه السلام، على أن الموت حق على بني آدم ولا يمكن الفرار منه، وهو قدر قد خط عليه، فما من أحد إلا ويسقى من كأس المنية، ولكن الموت موتان، موت هو يأتيك وموت أنت تذهب له، والموت الذي يذهب له الإنسان بنفسه هو الأفضل
هذه الخطبة العظيمة تحمل بين طياتها رسائل عدة نذكر منها مايلي:
أولاً: إن الإمام الحسين عليه السلام، أكد على أن الموت حق على بني آدم ولا يمكن الفرار منه، وهو قدر قد خط عليه، فما من أحد إلا ويسقى من كأس المنية، ولكن الموت موتان، موت هو يأتيك وموت أنت تذهب له، والموت الذي يذهب له الإنسان بنفسه هو الأفضل إذ أنه يعطي القيمة للإنسان والعزة والكرامة، أفضل من أن يموت الإنسان ذليلاً خائفاً، فعلى الإنسان أن لا يخاف من الموت ما دامه حق ويختار أفضل طريقة يموت فيها ولا أفضل من الشهادة في سبيل الله فهاهو الإمام الحسين عليه السلام يقول في موقع آخر:
وإن تكن الأبدان للموت أنشأت فقتل امرئٍ بالسيف في الله أفضل
وفي خطبته هذه يبين انه اختار الموت الثاني وهو الاستشهاد في سبيل الله: “وخير لي مصرع أنا لاقيه”.
ثانياً: بين الإمام الحسين عليه السلام، ما سيجري عليه وما سيفعل به، وبذلك قد صرح عن منطلقاته فهو لا ينطلق من أجل المصالح والمغانم ولا يبحث عن حطام الدنيا وإنما، ينطلق من أجل القيم والمبادئ ويبحث عن رضا الله: “رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين”.
فهو بهذا الشيء يعلم جميع الثوار والقيادات أن تكون منطلقاتهم منطلقات ربانية، مستعدين للتضحية في سبيل الله، متجردين عن الماديات والأهواء والمصالح.
ثالثاً: يفتح الباب للالتحاق بمسيرته ولكن وفق شروط والشروط هي ما ذكرناه في النقطة الثانية والتي يلخصها الإمام بكلمته: “فمن كان باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا”.