ليس هناك من عائلة إلا ولها نصيب من المشكلات الاسرية والزوجية، وتختلف المشكلات باختلاف الدوافع ورائها لكنها في النهاية تهز تماسك الأسر وتعصف بها وتخرجها عن صمتها وهدوئها المعتاد، الأمر طبيعياً فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية لكن شريطة أن يبقى هذا الاختلاف داخل دائرتهما فقط (الزوجين)، فحين يلامس حدود الأطفال أو يخترق غرف نومهم هنا تحدث المشكلة الحقيقة التي يدفع ثمنها الأطفال اكثر من ابويهم، في الوقت الذي كأن بالإمكأن أن يبعد الأطفال عن نار الخلافات فيبقون آمنين متعافين نفسياً.
نسبة كبيرة من الأبوين يقومون بمناقشة مشكلاتهم أو التحدث بها أمام اطفالهم، ربما غير مدركين لخطورة الأمر فحين يسمع الطفل الاصوات العالية التي تحتوي على طابع عدائي حتماً سيحدث ذلك عدائية في نفس الطفل
نسبة كبيرة من الأبوين يقومون بمناقشة مشكلاتهم أو التحدث بها أمام اطفالهم، ربما غير مدركين لخطورة الأمر فحين يسمع الطفل الاصوات العالية التي تحتوي على طابع عدائي حتماً سيحدث ذلك عدائية في نفس الطفل، إذا ما علمنا أن السلوك مكتسب والطفل على وجه الخصوص سريع الاكتساب والتعلم، ولكم أن تحكموا كيف سينشأ الطفل الذي يعيش في جو مليء بالصراعات والمشكلات والاحباطات؟
ماهو حجم التأثير الذي يتركه الخلاف بين الزوجين على الأطفال؟
الأثار المباشرة التي يتركها النزاع بين الزوجين أمام اطفالهم جمة غير أن اغلبهم يغفل ذلك، إذ يعتقد العديد من الأهالي أن الأطفال لا يمتلكون منظوراً حول حياة البالغين ومشاكلهم، فلن يفهموا بالتالي أي جدال أو نزاع يحصل أمام أعينهم، غير أن الواقع يقول أن الأطفال اكثر ذكاء مما يعتقدون، ومن هذا المنطلق لابد من نُعرف من يود أن يعرف الاثار السلبية لصراع الازواج على الأطفال وهي:
- تدني احترام الذات: يترتب على تناحر الأبوين في المنزل أمام الطفل تولد شعور لدى الطفل بأنه غير مرغوب فيه وهذا الشعور يؤدي بدوره إلى تدني احترام الذات، ما يتسبّب في هذه المشكلة هو لوم الطفل لنفسه ومحاولة توبيخها لأنه وضِع في هذا الموقف النفسي المزعج حيث يشعر أنه وسط صراع لا يفهم فيه وهو غير قادر على معالجة التناقضات التي يشاهدونها مثل الصراع بين ذويهم صباحاً وقيامهم بالنوم في ذات الغرفة مساء.
- أنعدام الامان: لا يخفى على احد أن ملاذ الإنسان بصورة عامة هو المنزل والطفل على وجه التحديد يرتبط بالمنزل ارتبطاً اكثر من جميع الفئات العمرية الاخرى على اعتبار أنه يمده بالرعاية والحب والاهتمام الذي يحتاجه هذا في البيت المستقر، اما اذا كان البيت مشحون بالتوتر والفوضى والصراخ فالنتيجة الحتمية يصبح الطفل قلقاً وخائفاً وفاقداً للأمان مما يحدو به الى البحث عن ملاذ اكثر اماناً.
- وقوف الطفل الى جانب احد ابويه: في العادة يحاول الطفل ارضاء كلا والديه دون تحيز إلا أن النزعات الزوجية تدفعه للوقوف بجانب احدهم وهنا يكون التحيز فطري غير مدروس من قبل الطفل، لكن الذنب كله للأبوين الذين اجبروه على هذا الإنحياز، فمن الكارثية بمكان جر الأطفال للتدخل في هذه النزاعات أو حتى رؤيتها.
- اكتساب الطفل للعادات السيئة: في الكثير من النازعات الزوجية ينتقل النوع من مستواه اللفظي الى المستوى الجسدي، فيقوم الطفل لا ارادياً باستنساخ ما حدث أمامه من أنواع الاساءات وبالتالي ينجم عن ذلك أنه يرى الإساءات كأنها أمر عادي وطبيعي مما يعطيها دافع للقيام بها فيما بعد.
- الفقر الأكاديمي والصحي: يصعب على الطفل الذي يعيش في بيئة غير مستقرة أن يركز على مهامه وواجباته سيما الفكرية منها، وبالتالي ينشأ الطفل ضعيف اكاديمياً وتربوياً وله من المبررات الكافية ما يجعله يبرر ذلك الفشل، فهل يود احدنا تحطيم مستقبل ابنه؟ ام الافضل ابعاده عن كل هذه الصراعات وحصرها في نطاق الأبوين؟
كما أن عقل الطفل ونفسيته تتأثر بما حولها وهذه النزاعات تؤدي الى إصابة الطفل بالأمراض النفسية مع امكانية إنعكاسها على الحالة الجسدية التي تتعرض للكثير من الأمراض هي الاخرى، وقد بينتْ الكثير من الدراسات النفسية أن الطفل الذي ينمو في منزل محفوف بالمخاطر هو أكثر عرضة للإصابة بالمشاكل الصحية البدنية مثل اضطرابات الأوعية الدموية واضطرابات المناعة.
يترتب على تناحر الأبوين في المنزل أمام الطفل تولد شعور لدى الطفل بأنه غير مرغوب فيه وهذا الشعور يؤدي بدوره إلى تدني احترام الذات
ماهي مجموعة الطرق الممكنة لحل هذه المشكلة وتجنب اثارها القاسية على الأطفال؟
1- على الأبوين أن يبقيا بعيدين عن الجدال والصراع أمام اطفالهم والافضل إنهاء الخصام دون أن يشعر الطفل بوجوده.
2- لابأس بأن يكون هناك اشارة معينة بين الزوجين يفهما الاثنين إن ارادا التحدث حول مشكلة ما أو تأجيل الكلام فيها بوجود الأطفال، وهذه الاشارة تجعل الطرفين مدركين لما يجب القيام به في زمانه ومكانه الصحيح.
3- من المهم أن يحافظ طرفي العلاقة على خصوصيتهم لكي لا يتأثر الأطفال بتباين آرائهم سيما أن الأطفال ليس لديهم من الوعي ما يجعلهم يفقهون أن الاختلاف امر طبيعي وممكن الحدوث في جميع العوائل.
4- التوصل الى إنهاء النزاع بمودة بينك وبين شريكك امر غاية في الاهمية، ومن شأنه أن يعزز الروابط الزوجية والأسرية أمام أطفالك، هذه القواعد اذا التزم فيها الازواج فأنها تبقي الأطفال يشعرون بالفخر بآبائهم كما أنهم يبقون اصحاء نفسياً وهذا هو الهدف التربوي من ابعاد الصراع عنهم.
قضية مهمة وحساسة يتطرق اليها كاتب المقال، وقد أجاد وأحسن في معالجتها، شكراً للكاتب الرائع