ما يستوقفنا في حياة الإمام زين العابدين، عليه السلام، وسيرته العطرة ذلك الخشوع لله والذوبان في ذاته ـ سبحانه وتعالى ـ ولايوجد في تاريخ الأمة من يشابه الإمام السجاد في ورعه وحسبه، لأنه الوحيد الذي فاز بلقب زين العابدين، عليه السلام، و نعده من خصوصياته.
في كربلاء الاباء استطاع أن يقلب النصر العسكري للامويين إلى هزيمة منكرة، وهو يعاني من الام المرض وقيود الأسر، لكنه استطاع أن يبرز الوجه المنير المضي لنهضة ابيه الإمام الحسين، عليه السلام، ولم يُكتب له أن يقتل يوم عاشوراء لكي لا تنقطع الارض من حجة، ويكفي من ذلك استمراره في البكاء على ابيه الإمام الحسين، عليه السلام، وخطاباته في الكوفة والشام، فأما بكاؤه، عليه السلام، كان من ورائه هدف كبير، لأنه كان من اقوى العوامل التي خلدت الثورة.
إنه الذي نقل صوت الإمام الحسين، عليه السلام، إلى الأمة من خلال مواقفه البطولية، ومنها خطبته في الكوفة التي قلبت مجتمع الكوفة إلى مجتمع يبكي أسفاً وألماً وحسرةً على ما فرط في تقاعسه عن نصرة ابيه الحسين، عليه السلام.
فقد سعى الى تخليد نهضة الإمام الحسين، في الأمة وحرم على نفسه الفرح والسرور ولم يكن هدفه أن يوجه الانظار لعظم المصيبة فقط، وإن كان ذلك مطلوبا، بل كان هدفه أعمق من ذلك، وهو تخليد نهضة الإمام الحسين، عليه السلام في نفوس الأجيال، وكانت هذه المواقف من جملة الأمور التي حفزت الأمة على مقارعة النظام الأموي.
الامام السجاد هو الذي نقل صوت الإمام الحسين، عليه السلام، إلى الأمة من خلال مواقفه البطولية، ومنها خطبته في الكوفة التي قلبت مجتمع الكوفة إلى مجتمع يبكي أسفاً وألماً وحسرةً على ما فرط في تقاعسه عن نصرة ابيه الحسين، عليه السلام
حينما ارتحل عمر بن سعد لعنه الله بجيشه من كربلاء بعد معركة الطف ومعه نساء الإمام الحسين، عليه السلام، وعياله وبعض نساء اصحابه الذين استشهدوا معه، ومعهم الإمام علي بن الحسين السجاد وولده الباقر، عليهما السلام، وكان له من العمر سنتان طلبت النسوة من جيش ابن سعد ان يمروا بهن على جثث القتلى، وحين نظرت النسوة إلى جسد الإمام الحسين، عليه السلام، صحن وبكين ولطمن الخدود فاشتد الأمر على السجاد، عليه السلام، وجاد بنفسه وقد انهكه المرض فقالت له السيدة زينب، عليه السلام: “ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وابي واخوتي فو الله أن هذا لعهد من جدك وابيك ان قبر ابيك سيكون علما لايدرس اثره ولا يمحي اثره على كرور الليإلى والايام وليجتهدن ايمة الكفر واشياع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد اثره إلا علوا”.
وأما خطابه في الشام في مجلس يزيد اللعين فهو من أروع الخطب التاريخية التي بين فيها جملة من المفاهيم الإسلامية حول نظام الحكم والحاكميين، حينما توجه ليزيد قائلا: “اتأذن لي أن صعد هذه الاعواد” ولم يقل المنبر لأنه ليس منبرا للعدالة الانسانية بل هي أعواد لا قيمة قدسية لها، كان هذا المفهوم الإسلامي للمنبر كاف لان ينبه الأمة إلى وجوب قول الحق.
بعد واقعة الطف اتجه الإمام السجاد الى بث العلوم ونشر الفكر الإسلامي الصحيح لأجل إصلاح الأمة وابعادها عن الفكر المنحرف الذي روجت له السياسة الاموية من خلال علماء السوء ووعاظ السلاطين الذين اشترى ضمائرهم معاوية ومن اتبعه
اما بعد واقعة الطف فقد اتجه إلى بث العلوم ونشر الفكر الإسلامي الصحيح لأجل إصلاح الأمة وابعادها عن الفكر المنحرف الذي روجت له السياسة الاموية من خلال علماء السوء ووعاظ السلاطين الذين اشترى ضمائرهم معاوية ومن اتبعه.
واكد، عليه السلام، على الجانب التعليمي والخلقي في التوجه إلى الله من خلال الأدعية التي كان ينشر فيها العلوم والمعارف الإلهية ليهدي الأمة إلى طريق التوجه لله، وكان لادعيته الأثر الكبير في توجه المتعلمين على يديه إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وبالتإلى كان للصحيفة السجادية أثر واضح وكبير في تربية وتوجيه الامة والمجتمع نحو الصلاح والإصلاح والخير.
اخيرا؛ اختتم قولي: هكذا كان الإمام السجاد زين العابدين، عليه السلام، رجل الإيمان والقدوة الصالحة في كل أفعاله واقوله جعلنا الله وإياكم من المسترشدين بهداه. السلام عليه يوم ولد ويوم جاهد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.