قال الإمام الصادق، عليه السلام: “… فهو متقلب بين العصمة والخذلان، فإن قابلته العصمة أصاب، وإن قابله الخذلان أخطأ”.
الإنسان عنده حالة إقبال وحالة إدبار، ولهذا فهو يتقلب بين خصال الخير، وخصال الشر، وبالتالي فهو يعيش تارة حالة الصفاء والنقاء، والعصمة، وتارة أخرى يعيش حالة الظلمة، والخذلان، والوساوس الشيطانية، فهو إذن متقلب.
ولهذا ترى أحدهم أحيانا يندفع نحو الخيرر ويتفاعل معه، ويحاسب نفسه، وهذه هي حالة الارتقاء عن الزلات، وأحيانا يعيش حالة الغفلة، والسبات.
“فهو متقلب بين العصمة والخذلان، فإن قابلته العصمة أصاب”، فالإنسان حين يعيش اللحظات الإيمانية، فإنه يكون في حالة العصمة، لذلك يصيب الحق، ويلزم الجادة، ويتمنع عن ارتكاب الحرام.
“وإن قابله الخذلان أخطأ”، حينما يعيش الحالة الأخرى ـ السلبية ـ، فتسيطر عليه النفس، والأهواء، والشهوات، في هذه الحالة يكون في خضم الغفلة، وطبيعي أنه يخطىء الطريق، لذلك ترى البعض تأتيه حالة التألق في لحظة من اللحظات، كأن تكون في حال قراءة القرآن الكريم، أو اثناء استماعه لمحاضرة، او ما أشبه، فيعود الى الله ـ تعالى ـ، فيندم على ما فرّط، ويطلب من الله العتق من النار، وهذه هي حالة العصمة، فالنفس عُصمت عن الهوى والشهوات.
لذلك على الإنسان أن يلحظ نفسه، فحين يكون في حالة عصمة، فإن عليه الإندفاع الى الأمام، ويسعى الى توسيع رقعة العصمة وينميها، فينظر الى الحالة والوسائل التي مكنته من هذا الاندفاع فيحافظ عليها.
وتارة أخرى العكس؛ فقد يعيش حالة الخذلان، فينظر ماهي العوامل أو الأسباب التي أوقعته في هذه الحالة، فيلجأ الى قطعها، والتخلّص منها، والإنسان حين يلتفت لنفسه، سيجد كلا الحالتين، وبالتالي فإن بإمكانه أن يطوّر حالة العمصة، وينميها، وبإمكانه ـ أيضا ـ أن يقلّص حالة الخذلان.
ولذلك على المرء أن لا يستسلم لحالة التقلّب، لأن حالة الخذلان يكمن أن تتسع الى أن تذهب حالة العصمة، وللإشارة؛ فإن الطغاة، والملحدين، والمناقفين، واشباههم، تأتيهم ومضات نور، لكنهم لا يتبعونها، وفي لحظة النور يصيب، فالظالم، في لحظة من اللحظات يعرف أنه ظالم، فيأنبه ضميره، لكنه بسرعة يطفىء النور، حتى من طُبع على قبله تأتيه لحظات من النور، حتى يتم الله ـ تعالى ـ الحجّة عليه.
إن علينا أن نكرّس ومضات النور ونستثمرها، ولا نطفـأها، في المقابل أن كانت هناك ظلمة جهل، لابد أن نخمدها، وفي كلا الحالتين فإن الله ـ تعالى ـ يوفق الإنسان، أما إذا انساق المرء خلف ظلمة الجهل فإنه ـ تعالى ـ يتركه ليعيش معها، ولذا فإن علينا ان نبقى في يقضة دائمة، فنحافظ على حالة الإقبال (ومضة النور)، ونسعى الى استثمارها.