لعل الجميع ينتابه الندم حول القيام بسلوكية معينة يسلكها، ويتحول الندم الى لوم للذات ومحاسبة شديدة تارة للتصحيح وتفادي الوقوع بالخطأ الأول، وتارة أخرى للتقريع الذي يعبر مستوى اللوم فيها الحد الطبيعي فتتأثر النفس وتخور قواها وتتعطل عن ممارسة نشاطها بصورة طبيعية، هذه الحالة المبالغ فيها في لوم الذات هو ما يعرف بـ(جلد الذات).
كيف يفسر علم النفس جلد الذات؟
يقول علم النفس: أن جلد الذات عبارة عن خلل أو مرض نفسي يقوم بموجبه الفرد بالقسوة على نفسه ومحاسبتها على افعال تصدر منه ليس فيها ما يستحق كل ذلك، وهذا اللوم متأتي من تضخيم الاخطاء من قبل صاحبها، يصاحبه التصغير من شأن النفس والشعور بالدونية بسبب تعرّض الإنسان لمواقف حياتية مختلفة، وعلاقات مؤذية أدت إلى رسم صورة ذاتية مشوّهة، فتنشأ لدى الفرد محفزات تدفعه لتعذيب نفسه وايذائها في محاولة فاشلة منه لتقويم سلوكه وتصحيح الخطأ الذي هو يراه وليس بالضرورة أن يكون هو خطأ فعلي.
يقول علم النفس: أن جلد الذات عبارة عن خلل أو مرض نفسي يقوم بموجبه الفرد بالقسوة على نفسه ومحاسبتها على افعال تصدر منه ليس فيها ما يستحق كل ذلك، وهذا اللوم متأتي من تضخيم الاخطاء من قبل صاحبها، يصاحبه التصغير من شأن النفس والشعور بالدونية بسبب تعرّض الإنسان لمواقف حياتية مختلفة
ثمة اعتقاداً يدور في أذهان الكثير من الناس أن الشدة هي الطريق السليم لتعديل السلوك وينسحب ذلك الإعتقاد على تعامل الإنسان مع نفسه، ذلك يحدث نتيجة لتصور خاطئ أن نجاح الإنسان في حياته وتحقيقه لأهدافه يتناسب مع تطبيقه للحزم مع ذاته.
وهذا التصور تصور عبثي وغير منطقي وليس له من الصحة أو الاهمية شيء، ومن هذا التصور يتبين لنا خلط كبير بين مفهومي الانضباط وجلد الذات، فهل نحن كبشر بحاجة فعلية الى أن نكون مراقبين لأنفسنا ومحاسبين لها بهذه القسوة؟ وهل ستحد طريقة التعامل مع الذات بهذه القسوة من الوقوع في الخطأ؟، وإن حصل ووقعنا في خطأ ما لداعي للتأنيب المنهك للنفس اليس الإنسان مجبول على الخطأ والصواب؟، ان تمعنا في هذه الاسئلة سيدرك انه لا داعي لهذا التشدد في المحاسبة.
جريمة ايذاء النفس
من المؤكد ان المبالغة في إيذاء النفس جريمة الإنسان بحق نفسه، اذ يظن أن تقريع النفس ولومها وتحقيرها من شأنه أن يخفف من حدة الشعور بالذنب، غافلاً لحقيقة أن المفترض عليه أن يحاسب نفسه حين يشعر بالذنب من شيء ما، لا أن يختلط عليه الأمر فيصبح أبسط الأشياء ذنباً بشعاً لا يغتفر بالنسبة له.
من الاهمية بمكان أن نغيّر الحوار الداخلي لإيجاد حالة من التوازن، فحديث الإنسان مع ذاته له دور كبير في تحديد النظرة عنها، وكلما كانت حديثك ايجابي كلما غابت الكثير من المشاكل النفسية التي منشأها داخلي
كما يغيب عن فكره حقيقة أن ابناء آدم خاطئون، لأنهم ببساطة لم يخلقوا كاملين ولكن توقع الإنسان لنفسه أن يراها كاملة، أو على درجة عالية من الكمال سيجعله يعد كل شيء وأي شيء يسلكه يمكن أن جريمة تستحق العقاب وكأنه يغسل ثوبه من النجاسة، أو يكفّر عن أخطائه في صورة يصبح فيها الجاني والمجني عليه شخصين في جسد واحد، والحال أن الإنسان يقف عاجزاً عن استيعاب نفسه وضعفها وعيوبها أو زلاتها بينما يغفر الله لعباده إذا أذنبوا، وتُفتح أبوابه دائماً بالرحمة والسعة والمغفرة.
كيف نتعرف على الشخص الجالد لذاته؟
اشارات من خلالها يمكننا أن نستدل على الفرد الذي يجدل ذاته وهي:
- يعاني من الشعور بالكسل المفرط والخمول وانعدام الطاقة الجسمانية.
- يعاني المصاب بمرض جلد الذات من ارهاق نفسي يتزايد يوماً بعد آخر وصولا الى مراحل عصيبة جدا.
- تحميل الامور اكثر من طبيعتها في حياته الدراسية والوظيفية والعائلية مما ينتج شداً عصبياً كبيراً لا يتحمل.
- يعاني المريض من تقلبات المزاج بين الحين والآخر مع ميله الأكبر للمزاج السلبي.
- الرغبة في الانزواء والانعزال عن المجتمع وقد يصل الامر الى الادمان.
- العجز عن إنشاء علاقات صحية وفقدان القدرة على التواصل مع الآخرين.
- كما ان المريض يطمس بصمة الإبداع ومواجهة الصعاب ويغيب عنه التركيز ويلازمه القلق.
كيف نحد من نقد الذات؟
ولمواجهة جلد الذات والحد منه نوصي بما يلي:
- ذكر الله والايمان به والتوكل عليه؛ فهو الذي يبدّل الخوف امناً ويزيل الوسواس والتصورات السلبية ويعيق تأثيرها على مراكز الانفعال.
- التدرب على نقد ذواتنا لأجل التصحيح، لا لأجل التعذيب، فالنقد سلوكية ايجابية تتيح لنا الوقوف على مكامن قوتنا وضعفنا وهو ما يخدمنا في الافادة من اخطاءنا وبالتالي نحقق اهدافنا في الحياة.
- من الاهمية بمكان أن نغيّر الحوار الداخلي لإيجاد حالة من التوازن، فحديث الإنسان مع ذاته له دور كبير في تحديد النظرة عنها، وكلما كانت حديثك ايجابي كلما غابت الكثير من المشاكل النفسية التي منشأها داخلي.
- اليقين بأن كل البشر يخطئون ويتعثرون ولست أنت وحدك، والخطأ وارد جداً ويمكن أن يتكرر معنا في رحلة حياتنا، لذا يجب تقبله وجعله دافع نحو التغيير والسعي لأن نكون أفضل.
- من الضروري أن يثق الإنسان بنفسه وبما يفعله فهذه الثقة هي من تجعله يواصل ادواره في الحياة، وكثرة تأنيب النفس وجلدها يسحب منه الثقة بها.
في الختام نقول: قارئنا الكريم أن الخطأ في حياة الإنسان مُسلَّمة كما الصواب ولكل منه صفاته ونواتجه، فلا لداعي للإفراط في اللوم، والافضل اتباع والوسطية في التعامل مع الذات وتلك هي الطريقة المثلى.