کل المجتمع

عقد بين قلبين

الزواج هو إكمال للدين بشريك كفؤ يحمل الهموم المشتركة والرسالية ويعين الآخر على بلوغ الهدف الإلهي، ولكل من الزوجين دوره في مساعدة الآخر على بلوغ الكمال.

فقد يكون هناك نقص في دين أو خلق أو عبادة الزوج، فتبادر المرأة للصبر والارتقاء وتعينه على الوصول لمستوى ايماني أفضل وأكمل، و ربما يكون ذلك من الزوجة فيبادر هو بإعانتها ومساندتها لتخطي كل المعيقات.

أحياناً ينحرف الزوج سواءً خلقياً، أو من خلال عمله فلا يكون لديه مبالاة في حدود الله سواء في اكتساب المال أو تعامله مع الآخرين، فتكون هي السند الحقيقي له على نفسه توجهه، تنبهه فهما الحارسين المعنيين والروحيبن لبعضها البعض.

أيضاً للمرأة دور في أن تحفظه في ماله ودينه وشرفه وسمعته، فيثق بها ويأتمنها على ماله وبيته وعياله، وحسن وصلاح تربيتهم سواء في وجوده أو غيابه.

بداية يستمر الحب بين الزوجين بسبب محاولة كلٍ منهما ارضاء الآخر، ولكن ربما بعد فترة من الزمن يشعر كل منهما بفتور هذه العلاقة، وليس هناك أثرٌ بدون مؤثر، فهناك أفكار خاطئة عن الزواج توصل الطرفين في بعض الأحيان إلى طريق مسدود.

بعض الأفكار الخاطئة عن الزواج :

١- أستطيع تغييره / تغييرها بعد الزواج

للأسف هذه الفكرة بداية الصراح والخلاف بين الزوجين وقاتل للحب بينهما، فلكل منا شخصيته المستقلة وحدوده الشخصية التي لايحب أن يمس بها أحد، إلا إذا قبل وسمح للمقابل بتخطيها ولكن بإرادته.

ولننظر إلى أنفسنا، هل من السهل تغييرها؟ نعم هو أمر ليس بمستحيل وهو غاية خلقنا، فنحن خلقنا لنهذِّب أنفسنا ونرقى بها للمكان الذي يليق بها، ولكنَّه أمرً يحتاج إلى قناعة داخلية وعمل دؤوب، فكيف بمن يريد تغيير الشريك؟!

نعم من الممكن الاعتقاد بالقدرة على تغيير بعض مافي الطرف الآخر، والتمكن من التغاضي والتنازل عن بعض الأمور التي يصعب تغييرها، والصبر عليها.

أحياناً ينحرف الزوج سواءً خلقياً، أو من خلال عمله فلا يكون لديه مبالاة في حدود الله سواء في اكتساب المال أو تعامله مع الآخرين، فتكون هي السند الحقيقي له على نفسه توجهه، تنبهه فهما الحارسين المعنيين والروحيبن لبعضها البعض

قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

٢- الاعتقاد بأنَّ الزواج حبٌ لامتناهي وأسطوري كما في المسلسلات والأفلام، فللأسف هذه الأشياء جعلتنا نعيش أحلاماً لايمكن تحققها الا في الخيال، وسبب عيشنا هذه الأحلام لان لها أثر مريح ولكن للأسف هو مؤقت وصادم في نفس الوقت.

وهذا يعتبر رفع سقف التوقعات وهو خاطئ، فالحياة أخذ وعطاء وكل شخص له طريقة تعبيره الخاصة، ويمرُّ بظروف مختلفة تجعله يصعد وينزل بين الحين والآخر.

٣- فكرة أن الزواج قفص للحريات: من قال ذلك؟ ويا ترى كيف سيُقبل على الزواج ويمارسه بحب وهو يعتقد بأنَّ حريته ستصادر، بينما لابدَّ أن يكون بين الشريكين وقت نوعي يتبدلان فيه الكثير من الأفكار والمشاعر، ويتشاركا في ممارسة بعض هواياتهما، وغيرها من الأمور المحببة لهما كالخروج للتنزه معاً، أو زيارة للأماكن المقدسة،أو مشاهدة فلم ثقافي، وربما صنع طبق من الحلوى وغيرها من الامور المشتركة.

٤- فكرة أنَّ الرجل هو المسؤول عن إدارة أمور الحياة :نعم؛ نحن لاننكر ذلك فالله عزوجل هو مَن جعل له القيمومة والسلطة، ولكن هذه القيمومة لها معاني مختلفة في فكر البعض، والسنة النبوية التي هي ترجمان البيانات القرآنية بينت ذلك، وكذلك سيرته، صلى الله عليه وآله، جرت على ذلك أيام حياته فلم يولِ امرأة على قوم، ولا أعطى امرأة منصب القضاء، ولا دعاها إلى غزوات بمعنى دعوتهن إلى أن يقاتلن.

 وأما غيرها من الجهات كجهات التعليم والتعلّم والمكاسب والتمريض والعلاج وغيرها مما لا ينافي نجاح العمل فيها مداخلة العواطف، فلم تمنعهن السنة ذلك والسيرة النبوية تمضي كثيراً منها، فجاء في الرواية باسناده عن إبراهيم بن محرز قال : سأل أبا جعفر عليه السلام رجلا وأنا عنده قال : فقال رجل لامرأته : أمرك بيدك، قال : أنى يكون هذا والله يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}. ليس هذا بشيء. وموضوع القيمومة يطول شرحه، وكثير من التفاسير التي أسهبت في تفصيله بدقة.

ومن جهتها فقد تأثرت بكثير من الأفكار التي لاتمتُّ للدين بصلة، فأغرتها قوانين الغرب الرنانة بما يخص الحرية والاستقلالية، فذهبت بالأمر لأقصاه دون الالتزام بما حدده لها الشرع المقدس، من أمور تحفظ لها كرامتها وتغنيها عن بذل الجسد في سبيل الحصول على الحرية المزيفة، فأخذت تتشبه بالرجال ونسيت أنها كائن شفاف ولطيف يحتاج من العناية والاحترام قدراً قد كرمها به اسلامنا، فجعل لها حقَّ النفقة حتى ولو كانت غنية، كما صرّحت الآية بقوله سبحانه وتعالى: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، فهذا معلول للتفضيل التكويني لأن الرجل يقدر على كسب المال وتوفير الرزق بسبب ما لديه من قوة، و عقل، وبدن وحسن تدبير، ولذلك وصف رسول الله، صلى الله عليه وآله، النساءَ بالقوارير مجازاً دالاً على رقتهن وعدم تحملهنَّ للعنف أو القسوة.

و من الجدير الاستشهاد بما قالته زوجة الشهيد آية الله السيد محمد حسين بهشتي(1) واصفة بذلك طريقة تعامل الشهيد معها وحرصه على رعايتها: “كان السيد يراعي أحوالي كثيراً، مرَّت فترة كان الضيوف يتوافدون بإستمرار إلى بيتنا، وفي هذه المواقف كان يجلب الطعام الجاهز لهم، أثناء عودته كي لا أقع في المشقّة”.

هناك فكرة تقول أن الزواج قفص للحريات! من قال ذلك؟ ويا ترى كيف سيُقبل على الزواج ويمارسه بحب وهو يعتقد بأنَّ حريته ستصادر، بينما لابدَّ أن يكون بين الشريكين وقت نوعي يتبدلان فيه الكثير من الأفكار والمشاعر

وأضافت: “عندما كان يراني أجلس كثيراً في المنزل يقول : يا سيدتي! انهضي واذهبي خارج المنزل، تنزهي واقصدي الأصدقاء والأقارب، فالجلوس الزائد في المنزل يبعث الكآبة في قلب الانسان”.

أمور تقضي على الحب بعد الزواج

فبعد الزواج  يتحول التركيز على الذات من قبيل:

ماذا أخذت؟

 ماذا أعطاني؟

 هل عوضني التعويض المناسب لماقدمته له؟

وبعد الزواج يبدأ الاحساس بالتملُّك والسيطرة على الآخر بطريقة ما، وبعده ـ أيضا ـ

ينشأ جو من الروتين والملل وفقدان الاثارة، فالحبُّ يحتاج إلى الإثارة باستمرار بينما القيام بالمسؤوليات يخلِقُ روتيناً ورتابةً، وكذا يحاول كل من الزوجين اختراق المساحة الشخصية للآخر، فهذا خانق ويشعر الآخر بحاجة ملحة للتحرر والابتعاد.

وبعد الزواج ـ أيضا ـ لايتشارك كل من الزوجين بإهتمامات الآخر، فمن علامات الحب التماهي مع المحبوب ومشاركته كل مايحبه، ويخفي كل منهما على الآخر أشياءاً وأشياء، في حال أنَّ الصراحة وتشارك الأفكار وحتى المشاكل تقوِّي جذور الثقة بينهما.

واذا عُرِف السبب بطُلَ العجب، فلنحاول تجنب هذه الأمور أو إصلاحها اذا وقعت، أدام الله المحبة والتوافق بين الأزواج وأرشدهم وقوَّاهم لبناء جيل قوي متماسك كما يحبُّ الله ويرضى هو وأهل بيت رسوله عليهم أفضل الصلاة والسلام.

———————–

1-آية الله السيد محمد حسين البهشتي، الرئيس السابق للسلطة القضائية في ايران، قضى نحبه في انفجار مكتب حزب الجمهورية الاسلامية عام 1981 في طهران، بتدبير من منظمة مجاهدي خلق المعارضة.

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا