في دراستنا للتاريخ الإسلامي نجد أن الكثير من الشخصيات العظيمة قد ظلمها التاريخ، والعديد من الحقائق قد غُيّبت، والسبب في ذلك يعود إلى الوضع المتأزم الذي كانت تعيشه الأمة الإسلامية، وتسلط الطغاة على رقاب الأمة وفرض سيطرتهم على كل شيء، فلا أحد يستطيع أن يغرد خارج سرب السلطة الحاكمة.
ولذلك فإن الذين كتبوا التاريخ كانوا يدورون في فلك السلطة، وكل كتاباتهم هي مايتوافق مع ما يريده الحاكم، فلم يكتبوا ما يُرضي ضميرهم ويبرئ ذمتهم، بل إنهم كانوا أداة بيد الطغاة يكتبون كيف مايشاء الحاكم، لذلك نجدهم قد لمّعوا صورة الكثير من الشخصيات التي ليست لها أية قيمة في المجتمع، وظلموا الكثير من الشخصيات العظيمة واخفوا الحقائق الهامة.
ومن الذين ظَلمهم التاريخ، هم أهل البيت، عليهم السلام، فأخفى الكثير من جوانب حياتهم، فليس من العجب أن نرى الغموض يلف حياة هذه الشخصية العظيمة، ألا وهو الإمام جعفر بن محمد الصادق، عليه السلام، ويختصر حياته المليئة بالعطاء، بجانب ضيق، وينسب له الفقه فقط، حيث ما أن تسمع ذكر الإمام إلا ويتبادر ذهنك إلى الفقه، صحيح أن الإمام هو من نشر الفقه، وأكثر فقْهنا هو من عند جعفر بن محمد، ولكن الإمام عليه السلام، أوسع من ذلك وأشمل؛ فهو رجل العلم الغزير في شتى المجالات، وبطل مواجهة الزيف.
صحيح؛ أن الإمام هو من جدد في الفقه الشيعي وطوره، ولكن بالإضافة إلى ذلك نجده حاضرا في جميع الميادين، في السياسة نجده ـ مثلاً ـ يكتب رسالة إلى والي العباسيين في الاهواز، والذي كان من أصحاب الإمام، يعمل بتوجيه منه، فيكتب له رسالة في الإدارة والتنظيم والقضاء
حيث أن من الحقائق التي غيبها التاريخ في حياة الأئمة عليهم السلام، شمولية توجيه الأئمة للأمة، ومواقف الأئمة اتجاه كل حدث.
- شمولية التوجيه
إن من الخطأ أن نحصر حياة الأئمة في جانب ضيق، حيث أنهم يتمتعون بالشمولية فهم يمثلون دين الله عزوجل، وهذا الدين من مميزاته أنه كامل، وشامل.
والإمام الصادق، عليه السلام، هو أحد أهل البيت، عليهم السلام، الذي كان عمله الرسالي يتمتع بالشمولية، فهو أول من أسس جامعة علمية يرتادها أكثر من أربعة آلاف طالب علم، يأخذون معارفهم في شتى العلوم والمجالات مباشرة من الإمام، وهو عليه السلام، أول من وضع نظام التخصص، حيث جعل لكل علم رجلا من تلاميذه، فقد ربى الإمام مجموعة من الرجال، الذين جعل منهم قيادات لقيادة ثورة علمية ثقافية متكاملة في الأمة.
صحيح؛ أن الإمام هو من جدد في الفقه الشيعي وطوره، ولكن بالإضافة إلى ذلك نجده حاضرا في جميع الميادين، في السياسة نجده ـ مثلاً ـ يكتب رسالة إلى والي العباسيين في الاهواز، والذي كان من أصحاب الإمام، يعمل بتوجيه منه، فيكتب له رسالة في الإدارة والتنظيم والقضاء.
من الخطأ أن نحصر حياة الأئمة في جانب ضيق، حيث أنهم يتمتعون بالشمولية فهم يمثلون دين الله عزوجل، وهذا الدين من مميزاته أنه كامل، وشامل
أما في مجالات العلوم المتنوعة نجد أن جابر بن حيان الكوفي والذي يعتبره العالَم أجمع بأنه (أب الكيمياء) في كتاباته القيمة عن الكيمياء يبتدأها بعبارة: “حدثني سيدي ومولاي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام”.
وكذلك كانت للإمام عليه السلام، نظريات بديعة في الفيزياء، والفلك، والطب، والأدب والتاريخ، وغيرها من العلوم، فضلاً عن تربيته للعديد من القيادات الرسالية التي كانت تقوم بدور تربية الأمة وتثقيفها وتوعيتها، فإنه بحق كان يُعد رجل العلم الغزير والمتكامل.
- موقف اتجاه كل حدث
ومن ميزات الأئمة عليهم السلام، أنه كان لديهم موقف واضح اتجاه كل حدث في الأمة، والفترة التي كانت تعيشها الأمة في زمن الإمام الصادق، عليه السلام، مليئة بالزيف، حيث أن أمام كل حق، باطل، وأمام كل حقيقة، زيف، وأمام كل ثورة حقيقية، ثورة مزيفة، وأمام كل قائد صادق، قائد كاذب، لذا تصدى الإمام ورفع لواء مواجهة الزيف.
حيث أنه عليه السلام، قد واجه في حياته الكثير من القيادات المزيفة، والأفكار الباطلة منها حكومة بني أمية، والتي كانت تدعي الإسلام، وحكومة بني العباس والتي كانت تدعي نصرة آل محمد، فالامام عليه السلام، واجه هذين الحكومتين المزيفتين اللذان يدعيان الإسلام، والإسلام منهم براء وأخذ يفضحهم ويكشف زيفهم واسقط الشرعية عنهم ولم يؤيدهم وكان معارضا لهم، واستطاع أن يبين للأمة حقيقة الإسلام ويواجه مدعي الزيف.
وأما عن الأفكار الباطلة والمزيفة التي صارت تدخل إلى الإسلام، كالزندقة والإلحاد وكذلك أفكار الجبر والتفويض والتصوف وغيرها، فقد واجهها الإمام بكل حزم وأخذ يرد عليها ويفضحها ويبين للأمة حقيقة الإسلام ونشره والدفاع عنه.
ولهذا الدور الذي قام به الإمام تمييز من بين الأئمة بلقب الصادق، وذلك لأن الوضع العام للأمة كان مليء بالزيف والكذب فيحتاج صادق يحارب الزيف.
المصادر:
١-التاريخ الإسلامي دروس وعبر لسماحة المرجع السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله).
٢-الإمام الصادق في مواجهة الزيف لسماحة العلامة السيد هادي المدرسي (حفظه الله).