فکر و تنمیة

المناطق الثلاث

هل شعرت يوماً أن حياتك أصبحت رتيبة ومملة؟

وهل ترغب بأن تكون انساناً ناجحاً في الحياة ومنجزاً ومبدعاً متميزاً؟

هناك ثلاثة مناطق ذهنية نعيش فيها، و نمرّ بها خلال حياتنا مرات متكررة، وأحياناً أخرى نبقى في المنطقة الأولى طوال حياتنا، وينتهي عمرنا ونحن فيها لا نتعداها قيد أنملة.

ترى ماهي هذه المناطق؟

وماتأثيرها على حياتنا؟

وماعلاقتها بالنجاح والابداع؟

المناطق الثلاث:

منطقة الراحة والأمان

منطقة الذُعر

منطقة التعلُّم

  • منطقة الراحة:

هي منطقة ذهنية (وهمية) يشعر فيها الانسان بالراحة والرضا عن مهاراته، وما تعلمه بدون أي جديد أو تغيير، فهي ماتعودنا فعله ونشعر بالطمأنينة معه سواء كان عملاً، أشخاصاً، بيتاً، شعوراً، مقعدنا في الصف، مكتبنا، مكاننا في البيت، سريرنا، وغيرها.

الخروج من منطقة الراحة باستمرار، إحداث تغيير بسيط بداية، ثم أتعود على التغيير لأن النفس تقاوم التغيير وتخاف منه، ومن ثم أقوم بإحداث تغييرات كبيرة وعلى كثير من الأصعدة

أئمتنا الأطهار، عليهم السلام، لم يهملوا هذا الجانب؛ فمما ورد عن الإمام الصادق، عليه السلام: “من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يومه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة”.

  • منطقة الذعر:

هي المنطقة التي يتنبه الانسان فيها أن الحياة تمضي وخبراته على حالها، لاجديد بها، علاقاته الاجتماعية راكدة، لاجديد فلا تطور فلا نمو، وهنا تعلن النفس حالة الطوارئ لتجعل العقل يدرك ضرورة البحث عن تحديات جديدة، مغامرات، تجارب، أشخاص جدد وهذه المنطقة تتميز بأنها مرحلة الانتقال من منطقة الراحة إلى منطقة التعلم .

  • منطقة التعلّم:

فبعد أن دق جرس الانذار وأعلن العقل ضرورة البحث عن كل ما هو جديد، يستنفذ العقل أقصى قدراته لتعلُّم كل ما هو جديد ونافع، ليتعلم كل ما يخرجه من حالة الركون والركود التي كان فيها.

الإنسان الناجح لايقبل بحالة الركود، لأن منطقة الأمان تعطي انطباعاً خداعاً بالرضا بل عليه بالبحث عن تحديات جديدة ليثقل من خلالها مهاراته من جديد

وفي هذه المنطقة تحديداً يتمايز الأشخاص الناجحون عن غيرهم من الفاشلين، ويظهر المبدعون بشكل واضح.

هي منطقة مليئة بالتحديات، ولا ننكر أن فيها الكثير من الصعوبات والآلام، ولكن لذة النجاح والتميُّز تشعر الانسان بالراحة النفسية والرضا والسعادة التي سيجنيها في نهاية المطاف، والإنسان الفاشل للأسف يستسلم عند أول تحدٍّ يخفق فيه.

  • معادلة بسيطة

المكوث في منطقة الأمان لفترة طويلة من شأنه سلب التحدي من حياة الفرد، فالتحديات التي نواجهها في حياتنا هي من تصقل لدينا المهارات المعرفية والحياتية، وتعزز طاقاتنا، توسع آفاقنا فنصل لأهدافنا، وبالتالي نحقق النجاح والسعادة، وهي أيضاً تساعدنا على الاستجابة لتحديات الحياة فنصبح أقوى أثناء الصدمات .

فالمعادلة باتت بسيطة وواضحة؛ تحديات أقل، مهارات أقل، وفي المقابل، تحديات أكثر، مهارات أكثر وأقوى .

والإنسان الناجح لايقبل بحالة الركود، لأن منطقة الأمان تعطي انطباعاً خداعاً بالرضا بل عليه بالبحث عن تحديات جديدة ليثقل من خلالها مهاراته من جديد .

ربما هذا مايفسر وصول الحياة الزوجية لدى البعض مع مرور الزمن إلى حالة الملل والتوقف، وفي بعض الحالات الانفصال المتأخر (أقصد بعد ٢٠ سنة زواج)، أو التعب من الاستمرار في وظيفة لمدة من الزمن.

  • الحل:

الخروج من منطقة الراحة باستمرار، إحداث تغيير بسيط بداية، ثم أتعود على التغيير لأن النفس تقاوم التغيير وتخاف منه، ومن ثم أقوم بإحداث تغييرات كبيرة وعلى كثير من الأصعدة.

  • مثال عملي:

أن أغير شكلي؛ تسريحة جديدة، صبغ جديد، طبخة جديدة، ديكور البيت، هذه تغييرات بسيطة وعندما أعتاد على التغيير، أبدأ بالتغييرات الكبيرة مثلاً في مجال دراستي، حصلت على العلوم التي أحتاجها أكاديمياً في مجال تخصصي، لا أقف عندها بل أحاول القراءة للمستجدات في هذا المجال، أجرب تأليف الكتب، عمل المقالات، تقديم المحاضرات، وما الى ذلك.

اذا كنتم في منطقة الراحة والأمان، فلا تطيلوا المكوث فيها كي لاتصابوا بالملل والركون وتَحدُوا من قدراتكم .أمَّا اذا كنتم في منطقة الذعر، فهذا انذار لكم لتنتقلوا لمرحلة التعلم، واذا كنتم في منطقة التعلُّم، فهذا هو أفضل مكان لكم .

قال أمير المؤمنين علي، عليه السلام: “إنّ الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، ويأخذان منك فخذ منهما. “

وقال ـ أيضا ـ عليه السلام: “ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين في العمر.”

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا