هل سمعتم او قرأتم عن حملة اهل الخير ما ناسيكم في موسمها الثاني؟
هل لاحظتم النجاحات التي حققتها الحملة في المساهمة بإيصال المئات من السلات الرمضانية، والحصص، والمؤن الغذائية الى مستحقيها في العديد من محافظات وطننا الحبيب في شهر رمضان المبارك من هذا العام؟
يا ترى؛ فهل إيصال هذه السلات هو كل ما حققته الحملة؟
أنا كمتابع لهذه الحملة على مدى موسمين حصلت على فائدة لم تكن من خلال السلات الرماضية، اذ حسب رأيي لم يكن هذا هو نجاحها الوحيد، بل هنالك جوانب ايجابية معنوية رسختها هذه الحملة، ولست بصدد الحديث عن حملة أهل الخير بقدر ما أريد ان انقل استفادتي من هذه التجربة، التي برأيي تعد من أهم نجاحاتها رغم إنها لم تكن في الحسبان، او من الأهداف المعلنة للحملة على أقل التقادير.
ابتدأت هذه الحملة التي أطلقها مجموعة من الشباب المؤمن، مطلع شهر رمضان العام الماضي، و أعادوها لهذا العام ولكن بشكل مختلف، وقد لاقت رواجا جيدا من مختلف وسائل الاعلام، والصفحات العامة والخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أبدت الجماهير تعاطفاً وتفاعلا كبيرين مع الفكرة والقائمين، لكن غالبا ما كان يرافق ذلك عبارة تنم عن عدم ثقة البعض بنفسه، وعدم الثقة بالآخرين وبما يحملونه من ثقافة وقيم وتعاليم، بل حتى عدم الثقة بجود و كرم الناس في العراق، الذي أبهر العالم أجمع خاصة ما نراه أيام زيارة أربعينية الإمام الحسين، عليه السلام.
أنا كمتابع لهذه الحملة على مدى موسمين حصلت على فائدة لم تكن من خلال السلات الرماضية، اذ حسب رأيي لم يكن هذا هو نجاحها الوحيد، بل هنالك جوانب ايجابية معنوية رسختها هذه الحملة
عدم الثقة والهشاشة النفسية جعلت البعض يكتب ويعلق على مواقع التواصل الاجتماعي: “بارك الله بيكم ولكن راح يصير الفرهود ماله والي”، و “بارك الله بيكم بس راح يشيل الغني قبل الفقير من السلة، وكلشي ما يبقى للمعتازين وما شابه ذلك”، علماً أن سعي الشباب كان يتوجه الى أمر مهم وهو مساهمة عامة الناس في هذه الحملة فبدون مساهمتهم تعلن فشلها.
واذا عدنا الى الحقيقة المأخوذة من احصائيات الحملة على مدى الموسمين الماضيين (العامين الماضيين)، نجد نجاح مساعي الشباب فيما تطلعوا اليه؛ ففي الحملة الاولى نجد ان نسبة المتبرعين تفوق نسبة المستفيدين من حملة اهل الخير ما ناسيك مما حذا بالشباب الى ايجاد حل لهذه المسألة وتفاديها بطرقهم الخاصة.
وأما هذه السنة ـ وفي الحملة الثانية ـ فالملاحظ أيضا ان الفقير كان يتبرع قبل الغني ليوصل ولو الشيء البسيط الى من هو أحوج منه، ومما لاحظته أيضا هنالك العديد من العوائل كانت تتردد في قبول السلة الرمضانية، رغم حجتها الماسة قبل ان تتأكد من حصول جارهم الذي يعتقدون انه اكثر حاجة منهم.
فالذي استفدته من هذه التجربة هو ان معظم شعبنا مازال متمسكا بقيمه الاسلامية، بأخلاقه التي استخلفها عن النبي وآل بيته، رغم ما مرت بهم من تجارب مريرة ابتداء من السلطات الحاكمة المتعاقبة التي حاولت تشويه هذه الصورة، وانتهاء بوسائل الاعلام بمختلف انواعها من المقروء الى التواصل الاجتماعي، التي سعت في استغلال ذلك التشويه وتركيبه على عامة الناس لايجاد الفجوة بين الناس وما يؤمنون ويعتقدون به.
لا احاول القول انه شعب الله المختار، لكنه حتما يتفوق على العديد الشعوب التي تتبع منهج الفردانية، لانها لا ترى الا مصالحها، وكذلك الاشتراكية التي لا تتنازل الا عما يفرضه القانون عليها، بخلاف الشعوب التي تستقي اخلاقها وسلوكياتها من قيم سماوية عليا.
فشكرا للشباب الرسالي على هذه التجربة وأتمنى لهم التوفيق في ما يسعون إليه من مشاريع الخير في مختلف النواحي المادية والمعنوية.