في سياقات خطبة النبي، صلى الله عليه وآله، في استقبال شهر رمضان: “ووقروا كباركم وارحموا صغاركم”.
من الأشياء التي لابد أن نعيد النظر إليها هي علاقتنا بأولادنا، فنحن اعتدنا العيش في أيامنا على روتين معين، ومستوى محدود في التعاطي مع أولادنا في حياتهم ومشاكلهم ومتطلباتهم، فأصبح لدينا نمط حياة معين معهم دون أن نكلف أنفسنا دراسة الآفاق الدخول الى الأعماق.
أصبح الكثير يعيش مع أولاده حياة أشبه بالعدائية، ويرى أن التعامل مع الأولاد لابد أن يكون مبدأه القسوة والرفض، ووضع فجوة بين الوالدين والأبناء، وهكذا صارت الحياة عند الكثير، ولذلك لا نستغرب من وجود مشاكل نفسية واجتماعية لدى الكثير من أبناء هذا المجتمع.
وإذا جئنا قرأنا هذا الأمر من نافذة سياسية لوجدنا تاريخ أولئك المرتزقة، وأولئك الأدوات التي يتم استخدامها لأغراض سياسية شخصية، فتاريخاً يحمل ـ هذا المرتزق ـ معاناة أسرية، وكذلك إذا فتشنا عن تاريخ أولئك العظماء لوجدنا أنهم كانوا نتاج لتربية حسنة واهتمام روحي.
إن من الرحمة أن نغرس في أبنائنا، وكل الصغار حولنا كلمات تجعلهم عظماء، فأمير المؤمنين علي، عليه السلام، يقول لولده الحسن عليه السلام، في رسالته: “وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ”
في شهر الصيام لابد أن تكون هنالك تغيرات في حياتنا الاجتماعية، ارساها النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، في خطبة استقبال شهر رمضان المبارك؛ فقال لنا في توصياته في هذا الشهر: “ووقروا كباركم وارحموا صغاركم”.
الحديث عن توقير الكبار حديث يطول سوف نفرد له مساحة كبيرة في كلامنا، والحديث هنا سيكون “وارحموا صغاركم”.
-
الرحمة أشمل من الحب
لأن الرحمة يكون الحب فيها شيء أساسي، ومكون رئيسي، فكم أولادنا اليوم بحاجة إلى الرحمة؟ وإلى الكلمة الطيبة، إلى العبارات الإيجابية إلى التوجيه الصحيح بأسلوب راقي.
انت كنت ذات يوم طفلاً ألست ممن كان يرجو المواقف الطيبة تجاهه؟
أليست تلك الكلمات الجارحة التي لا يلقي لها الكبار بالاً، ما زالت عالقةً في قلبك إلى اليوم في خانة الألم؟
أليست هنالك كلمات فيها تصغير من شأنك لا يلقي لها الكبار وزناً، جعلت منك محاصراً لبضع سنين في دوامة الفشل والعجز؟
إن من الرحمة أن نغرس في أبنائنا، وكل الصغار حولنا كلمات تجعلهم عظماء، فأمير المؤمنين علي، عليه السلام، يقول لولده الحسن عليه السلام، في رسالته: “وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ“.
هذا الصغير الذي أمامك كالأرض الخالية التي تزرع فيها ما تشاء، فاختر الشجر المفيدة والمزروعات القيمة، فإن ذلك من أجمل صور الرحمة.
والأمر لا يتوقف عند أولادك في المنزل، بل لابد أن يمتد إلى أبناء الآخرين ممن حولك، فهنالك من يعطي فيض حنان لأولاده ولكنه يمنع ذلك إلى أولاد الآخرين ويتعامل معهم تعامل غير مناسب؛ فشهر رمضان هو شهر التغيير الشامل لكل عادة سيئة في حياتنا سواءاً عادات نفسية أو اجتماعية أو صحية او غيرها.
والإنسان لابد أن يؤمن بأنه بحاجة إلى التغيير نحو الأفضل، وفي ذلك رسم لمستقبله في الدنيا قبل الآخرة، وعلاقتنا بأولادنا وكل الأولاد في حياتنا لابد من إعادة دراستها وتقييمها على معايير القرآن الكريم، وهدى المصطفى، وأهل بيته صلوات الله عليهم.
ولابد أن نؤمن بأن مثل هذهِ العلاقة بين الكبار والصغار، إذا قامت بالرحمة والوقار فإن آثارها لا تنحصر على المجتمع فقط، بل تمتد إلى أن تكون إحدى ركائز القوة داخل هذهِ الأمة في مواجهة أعدائها، وصياغة أجيال تعيش الرحمة فيما بينها والشدة على أعدائها.ئ