أقامت حوزة المنتظر الالكترونية، ندوة خاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي (زووم) تحت عنوان: “شهر رمضان والتغيير العظيم”، شارك فيها كلٌ من السيد مرتضى المدرسي، نجل المرجع المدرسي، والسيد علي الرضوي، استاذ المعارف الاسلامية في الحوزة العلمية في مشهد المقدسة، والشيخ الدكتور حسن البلوشي، الاستاذ في الحوزة العلمية بكربلاء المقدسة وأدارها الدكتور مجتبى التميمي.
وتحدث المشاركون في الندوة حول محاور تتعلق بشهر رمضان المبارك والتحديات والمسؤوليات في الوقت الحاضر، وكان المحور الاول؛ حول مضامين وأبعاد خطبة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في استقبال شهر رمضان المبارك، حيث أجاب سماحة السيد الرضوي عن سؤال عن الهدف الاساس من الخطبة النبوية الشريفة و “هل هي لتبيين عظمة ثواب الصيام في هذا الشهر الفضيل؟ أم لبيان برنامج عملي اجتماعي في هذا الشهر؟ أم انه الورع عن محارم الله؟ أم هي للتذكير في ولاية أمير الؤمنين، عليه السلام، “؟.
وقال حول ذلك: “يقدم لنا رسول الله خارطة يكشف فيها عن وجود فرصة عظيمة تتمثل في شهر رمضان، ثم يبين لنا كيفية استثمار هذه الفرصة، وذلك بالعبادة المتميزة، كأن تكون في إطالة السجود، ومداومة الأذكار وقراءة الأدعية المأثورة، وايضاً؛ قراءة القرآن الكريم.
كما يبين رسول الله، العباديات الاجتماعية “تصدقوا على فقرائكم، وصلوا أرحامكم”، لا أن يرضى الصائم بأن ينزوي للعبادة لوحده، كما يشير النبي الأكرم الى أن ندعو الله للتوفيق لصيام شهر رمضان المبارك، وأن ندع الامور تسير الى حيث قضائه وتأجيله، كما يؤكد النبي على أهم وأعظم شيء في هذا الشهر، وهو الورع عن محارم الله، والتي انتهكت باستشهاد أمير المؤمنين، وهو كشف عنه، صلى الله عليه وآله، وأخبر به أمير المؤمنين”.
وعن المحور الآخر والذي حمل عنوان: “ما هي فلسفة الصيام” تحدث سماحة السيد مرتضى المدرسي، قائلاً: “علينا في البدء التفكيك بين مفهوم الصيام الواجب والمستحب، وبين صيام شهر رمضان، فاضافة الى خصائص الصيام وآثاره الايجابية على صحة وجسم وروح الانسان، فان الله –تعالى- قد اختصّ الأمة بضيافته في هذا الشهر الكريم، وأن كل شيء مهيئ للانسان بأن يتغير و يسمو في شهر رمضان، وهذه هي فلسفة الصيام، فاذا فهمنا هذه الفلسفة سنعرف حينئذ كم تقدمنا وكم تأخرنا”.
بدوره تحدث الشيخ حسن البلوشي عن انعكاسات جائحة كورونا على شهر الصيام، مع دخول العام الثاني لهذه الجائحة في العراق، والعالم، وما فرضه من محدوديات في التحرك والمشاركة في فعاليات رمضانية معروفة مثل التزاور، وحضور محافل القرآن الكريم بسبب الاجراءات الصحية، واجراءات الاغلاق، وأجاب عن السؤال: فكيف يمكن لشهر رمضان –والحال هكذا- ان يتحدي هذه الجائحة، وهذه الظروف المستجدة بالقول: “في الوقت الذي تعمل العشائر الدينية والعبادية على تهيئة الانسان لأن يعيش حياة طيبة في الآخرة، فانها تعمل على أن يعيش الانسان في الحياة الدنيا حياة طيبة ايضاً.
واذا اردنا تحليل هذا الوباء وآثاره في العالم، يمكن اختصاره بثلاث مسائل:
1-تطويق حالات الموت.
2-التباعد الاجتماعي الذي صار عامل مقاومة لجوهر الانسان وطبيعته الاجتماعية، وما هو سبب قلق كبير عند الناس.
3-نقص الموارد حيث الخشية من البطالة وانقطاع الطرق والمواصلات.
أما كيف يكون شهر رمضان المبارك عامل ايجابي إزاء هذا الحدث الكبير؟ فهذا ما نستخلصه من النقاط الثلاث:
أولاً: إن الجوع والعطش يذكر الصائم بعالم الآخرة، ثم إن أدعية هذا الشهر تذكرنا بالموت، مثل؛ دعاء أبي حمزة الثمالي، فهي تتحدث عن الموت، لا لجعله مسألة طبيعية، بل من اجل يكون الانسان مستعداً لهذه اللحظة، فالموت لا يشكل عنصر قلق سلبي، بل هو عنصر قلق ايجابي.
ثانياً: إن الصيام يحرك في الانسان جانب المواساة، وهذا قبل وبعد انتشار الوباء، وهو أن تستشعر ما في الآخرين من معاناة.
من جانب آخر فإن من تعوّد على الحياة اللهوية، كان الوباء بالنسبة له دمار! بينما انسان الدعاء والذكر والمستحبات وجد في الاجراءات الصحية فرصة عظيمة للقيام بأفضل العبادات، فهو لا يحسّ بالتباعد الاجتماعي، لأن له من يأنس به وهو؛ الله –تعالى-.
ثالثاً: من أهم الاعمال الحسنة والخيرية في هذا الشهر؛ الصدقة ومواساة الآخرين، وفي الوقت الذي كنت في بريطانيا كنا نعاني شحة المواد الاساسية،حتى مواد التنظيف، وكان الناس هناك في شدة وضنك، لا يهتم أحد بالآخر، بينما في العراق كنت أرى المقاطع التي تصور مشاهد العطاء والكرم، حتى من اشخاص بسطاء من الناحية المادية، وهذا دليل على أن شهر رمضان المبارك يربي الناس دائماً على الاستعداد لمختلف الطوارئ بغية التواصل والمواساة والتراحم.