قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.( سورة الروم / آية 21).
هل سمعتم بمقولة أو كتاب المرأة من الزُّهرة والرجل من المريخ؟
يا ترى لماذا لايحصل تفاهم غالباً بين الزوج وزوجته؟
هل للتفاهم مفاتيح؟
وماالمقصود من المودة والرحمة التي جعلها الله حلاً مختصراً وفي نفس الوقت شاملاً لكل المشاكل الزوجية؟
السبب يعود إلى أن لكلٍ منهما طريقته في التعبير عن حبه، ولان هناك اختلاف فيزيولوجي في تركيب الجسم والهرمونات،و اختلاف تكويني وهو أساس اختلافهم في الأفكار والطموحات والأحاسيس وغيرها.
وبالتالي فهم كل منهما للطرف الآخر ومعاملته على هذا الأساس هو الحل، ففهم الاختلاف يزيل الخلاف في أي علاقة بشكل عام وفي العلاقة الزوجية على وجه الخصوص.
لنطرح أمثلة لكيفية تعبير كل منهما عن الحب :
الرجل مثلاً يعبر عن حبه من خلال جلب الأغراض الذي يحتاجها عياله للبيت، وهذا ما لا تفهمه المرأة غالباً. بينما الزوجة تريده أن يعبِّر بالكلمات: أحبك، أحتاجك.
المرأة تتدخل بشؤون زوجها وتقدم له النصائح ظناً منها أن هذا هو الاهتمام والحب، بينما هذا لايعجب الرجل ويعتبره اختراق لمساحته الشخصية كما ويشعر بأن تقديم النصائح تسلط لاغير .
يجب ان لا ننسى احترام المساحة الشخصية لكلا الزوجين، فلا يشعر أحدهم نفسه ملاحقاً أو مراقباً، ولذا يجب التخلي عن الفضول والغيرة الشديدة بمراقبة الجهاز المحمول أو المراسلات على وسائل التواصل، فالحل لكل ذلك الثقة بالطرف الآخر ومصارحته اذا كان هناك ما يدعو الى القلق
عرفنا الأسباب ونطرح الآن بعض الحلول كمفاتيح للتفاهم بين الزوجين :
١ـ أول الحلول وأهمها أن يتعودا فن الحوار، فكثير من مشاكلنا يحلُّها الحوار ولابد أن يكون حواراً ايجابياً فعالاً.
قصة الزوجين وقالب الكيك
كان هناك زوجان يحتفلان كل سنة بذكرى زواجها، والزوج كعادته في كل سنة، أتى في السنة الثلاثين من زواجهما بقالب من الكيك، جلسا على الطاولة والشموع مشتعلة، قطع لها القسم الأعلى من الكيك الملئ بقطع الشوكولا والكريما وقدمَّه لها وأخذ هو القسم السفلي منها، ولكنها كانت لها ردة فعل فاجئته بها.
انتفضت وقالت: ثلاثون سنة وأنت تفعل بي نفس الشيء أنا لم أعد أتحمل، أنا لاأحبُّ القسم الأعلى منه.
فلو أنه سألها من قبل أو طلبت هي منه ذلك وعبرت عن رغبتها، لحلَّ الأمر بكل بساطة من قبل عدة سنوات .
٢ـ وجود المودة بينهما : وهذا المصطلح ذكره الله تعالى في كتابه، ويقصد بالمودة هي الحب الذي يتجلى من خلال السلوك فالانسان بطبعه ينجذب للكمال والكمال يتجسد في الجمال والصدق واللطف، وغيرها من الصفات التي توجد في الشريك وتجعل شريكه ينجذب إليه، وهنا لابد من التجمل والبشاشة عن الصادق، عليه السلام: “البشاشة فخ المودة”، وحسن الأخلاق، فعن أمير المؤمنين، عليه السلام: “حسن الخلق يورث المحبَّة ويؤكِّد المودة”، الكرم والسخاء وغيرها من الفضائل الأخلاقية الحميدة
بينما الرحمة هي جانب لا يلتفت إليه الكثيرون، و لو التفت الزوجان إليها لجلب ذلك الكثير من التفاهم بينهما، لأنها عامل أساسي في تخفيف الكثير من الخلافات الزوجية، ويقصد عزوجل بالرحمة أي التغافل عن النواقص التي في الشريك، فكل منهما انسان وكما نعلم ليس هناك انسان كامل ” فالزواج مكيالٌ ثلثه فطنةٌ وثلثاه تغافل”.
و الرحمة هي رقة القلب للتغاضي عن نقص الشريك، فيرحم كل منهما ضعف الآخر أو مرضه أو تعبه أو تقصيره ومن هنا يبدأ التكامل بينهما ليساعد كل طرف الطرف الآخر على تدارك مابه من نقص، قال تعالى: {هنَّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهنّ}.
الرحمة هي جانب لا يلتفت إليه الكثيرون، و لو التفت الزوجان إليها لجلب ذلك الكثير من التفاهم بينهما، لأنها عامل أساسي في تخفيف الكثير من الخلافات الزوجية
من مظاهر المودة والرحمة الجلوس معاً لتناول الطعام واطعامها بيده أو العكس، ومساعدة الزوج لزوجته في شؤون البيت ومسؤولياته، كما علمنا أمير المؤمنين، ففي رواية عنه، عليه السلام قال: دخل علينا رسول الله، صلى الله عليه وآله، وفاطمة، عليها السلام جالسة عند القدْر، وأنا أنقِّي العدس، فقال رسول الله: يا أبا الحسن، قلت: لبيك يارسول الله، قال : اسمعْ، ما من رجل يُعين امرأته في بيتها إلَّا كان له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه الله من الثواب ماأعطاه الله الصابرين”.
ومن مظاهرها أيضاً خدمة الزوجة لزوجها وعيالها بمحبة ولطف فالمساعدة مظهر من مظاهر الرحمة، فعن رسول الله، صلى الله عليه وآله أنه قال: “أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام غلَّق عنها سبعة أبواب للنار وفتح لها ثمانية أبواب للجنة تدخل من أيِّها شاءت”.
٣ـ لا ننسى احترام المساحة الشخصية لكل منهما، فلا يشعر أحدهم نفسه ملاحقاً أو مراقباً، ولذا يجب التخلي عن الفضول والغيرة الشديدة بمراقبة الجهاز المحمول أو المراسلات على وسائل التواصل، فالحل لكل ذلك الثقة بالطرف الآخر ومصارحته اذا كان هناك ما يدعو الى القلق.
٤ـ تبادل الكلمات اللطيفة من خلال الرسائل أو بشكل مباشر، وتغيير الروتين بشكل دائمي من خلال السفر والتنزه، ومشاركة كل منهما اهتمامات الآخر (رياضة، مشاهدة الأفلام، قراءة كتاب معاً..).
٥ـ عقد جلسات بين فترة وأخرى لتبادل الآراء والأفكار حول مشاكل البيت وهذه الجلسات كفيلة بعدم تعرض العلاقة لردود الافعال غير المدروسة ومعرفة مايجول في ذهن الشريك.
٦ـ التعود على التعبير عن الحب من خلال الكلمات والتصرفات، فقد قال النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “قول الرجل للمرأة إني أحبك لايذهب من قلبها أبداً”.
٧ـ تبادل الهدايا بين الحين والآخر “تهادوا تحابُّوا”.
وفي الختام أرجو من الله أن يحلَّ التفاهم والودُّ والمحبة بين عوائلنا المؤمنة لنفرح قلب مولانا صاحب العصر والزمان.